بلباسه الفاضح والمثير إمتثل المتحوّل الجنسي "م. ن" لأوامر الدركي بالوقوف إلى جانب الطريق في محلّة كورنيش المزرعة للتدقيق في أوراقه. ثوانٍ قليلة حتى علا صوت الدركي ممتعضاً من نعت المتحوّل له بـ "الأهبل". في هذا الوقت صودف مرور الضابط المسؤول عن الدوريات المنتشرة في المكان، أسرع العنصر الامني إليه يُخبره بما حدث وأنّ السائق ينعته بـ"المعتوه". إقترب الضابط وهو برتبة ملازم من السيّارة وطلب من صاحبها أن يُسلّمه أوراقها، فما كان من "المتحوّل" إلّا أن أخذ المستندات من "التابلو" ووضعها في صدره طالباً من الضابط أن يمدّ يده ويأخذها بنفسه.
اقتيد المتحوّل للتحقيق ليخرج بعدها ويتقدّم بشكوى ضد الملازم والعسكري يتهمهما فيها بضربه وشتمه، فجرى الإدعاء عليهما بجرم "إساءة استعمال السلطة الممنوحة لهما بالتعرّض لأحد المدنيين بالشتم والضرب مخالفين التعليمات العسكرية".
بالأمس، مثُل المدعى عليهما أمام المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد حسين عبدالله، فأفاد الملازم أنّه يوم الحادث كان يُشرف على عمل الدوريات الأمنية، حين اقترب منه أحد العناصر الذي كان يتحدث مع أحد السائقين على يمين الطريق ليخبره بأنّ السائق وهو "متحوّل جنسي" ينعته بـ"الاهبل". أطلّ الضابط من شباك السيّارة وطلب أوراقها. اعترض السائق على مخاطبته بأسلوب المذكّر، وقام بوضع الأوراق المطلوبة في صدره ودعا الضابط لأخذها. فما كان من الأخير إلّا أن أمر السائق بالترجل من السيارة وأوعز بتكبيله واقتياده للتحقيق.
وأوضح المُستجوب أمام "العسكرية" أنّها ليست المرّة الأولى التي يدّعي فيها "م. ن" على عناصر شرطة بيروت، بل تكرّر الأمر مراراً، وفي هذه المرّة زعم المتحوّل أنّ أحد العناصر مدّ يده إلى صدره وسحب الأوراق.
هذا وتُليت إفادة المدعي الأولية خلال المحاكمة والتي قال فيها : "عندما علم رجال الدرك أنني من "الجنس الثالث" خاصة أنّني كنت أرتدي لباساً مكشوفاً لناحية الصدر، طلبوا منّي أن اترجل من السيّارة التي تجمّع حولها كل من كان موجوداً في كورنيش المزرعة من الأمنيين، سألوني ليش عامل بحالك هيك وهددوني بتوقيفي بصفة إنتحال صفة وقام عنصر بإنزال "بلوزتي" وكشف عن صدري وأخذ الأوراق منها ووضعوا الأصفاد بيدي".
ولدى سؤال الضابط المستجوب عن صحة ما ورد في إفادة المدعي أجاب: " أبداً، لم يقترب أحد من الشخص الذي امتعض من مخاطبتي له بأنتَ وليس انتِ، وأنا أوضحت له أننا نتعامل مع جنسه وفقاً لما هو مكتوب في هويته والتي بموجبها هو ذكر وليس أنثى. أنا كنت حريصاً أشدّ الحرص على عدم المس به حتّى أنني لم أسمح لأحد أن يجلس بقربه في السيارة (الدورية) تحسّباً لمثل تلك الأمور".
وباستيضاحه عما إذا كان أبلغ غرفة العمليات قال:" كلا لم أفعل وذلك عن قلّة خبرة كوني كنت متخرّجاً حديثاً".
كما استمعت المحكمة إلى إفادة الدركي الذي حصل معه الإشكال فأكّد أنّه عندما نعته السائق بـ"الأهبل"، أخبر الضابط الذي استلم زمام الأمور فيما وقف هو جانباً يُراقب ما يحصل.
وفي ساعة متقدمة من ليل أمس، أعلنت المحكمة السكرية براءة المدعى عليهما من الجرم المسند إليهما للشك وعدم كفاية الدليل.