من منبر مدرسة عيتيت سلّم الروح، بعدما أمضى سنوات عمره في مجال التعليم مقدّماً للأجيال الكثير. هو الناشط في القطاع التربوي المدير حسين فرج، الذي لم ينتظره الموت حتى الانتهاء من كلمته؛ سقط بعد إلقاء التحيّة على الحضور، مفارقاً الحياة بسبب ذبحة قلبية غدرته وخطفته وسط الجميع.
أمل في مهب الريح
35 عاماً أمضاها ابن بلدة معركة الجنوبية أستاذاً لمادّة التاريخ واللغة العربية ومديراً لمدرسة الحميري، قبل أن ينتقل منذ سنة ليدير مدرسة عيتيت، حيث تمكن في خلال فترة قصيرة من تحقيق نقلة نوعية فيها. صهره ناصر فرج قال لـ"النهار": "ليل الجمعة الماضي كنت أسهر وإياه في منزله، كان يحضّر للكلمة التي سيلقيها في اليوم التالي. أخبرني أن لديه صباح السبت مراقبة في إحدى جامعات بيروت، ولا يدري إن كان الوقت سيسعفه ويتمكن من حضور احتفال مدرسة عيتيت بافتتاح صف المعلوماتية، ومع ذلك كان أمله كبيراً أن يصل قبل الجميع".
مشهد صدم الجميع
كان من المقرر لكلمة فرج (61 عاماً) أن تكون بعد كلمتين محضر لهما في الحفل، إلا أنه طلب أن يبدأ هو لكونه يشعر بالتعب، وبالفعل كان له ما أراد. ولفت ناصر "ما إن ألقى التحية على الحضور، حتى وقع أرضاً، توفي على الفور، في مشهد صدم الجميع". وأضاف "قبل أن يبدأ الاحتفال شاهد مصور الحفل، قبّله على وجنتيه، وكأنه كان يعلم بأنه من سيلتقط آخر صورة له، قبل أن يفارق الجميع من دون تمهيد". وأضاف: "قبل أيام من وفاته تواصل مع كل معارفه، وكأنه كان يشعر بأن الفراق بات قريباً، ومع ذلك لم يكن يعاني أي مرض أو ألم، على العكس كان رجلاً نشيطاً، لا يهدأ ولا يستكين. كل تفكيره هو كيف سيقدم الأفضل للتلاميذ، إنسان مطّلع إلى حدّ كبير، يواكب كل جديد في مجال التعليم في دول العالم، يدرس أيّها ممكن إضافته ويصلح للتطبيق في المدرسة التي يديرها".
سقوط "القائد"
كل من عرف فرج الأب لأربع فتيات وشابّ، تحدثَ عن إنجازاته في قطاع التعليم، وبحسب ما قال مختار البلدة: "من تحت الأنقاض انتشل مدرسة عيتيت، رفعها خلال عام إلى مستوى المدارس المتقدمة. كان هدفه تربية أجيال صالحة للمستقبل، والدليل أنه توفي في يوم كان مخصصاً لافتتاح صف كمبيوتر عمل كثيراً لإنجازه، كما كان متحمّساً للنهوض بالمدرسة طالباً الدعم والمؤازرة ليجعل من هذا الصرح التربوي قدوة للجميع. كذلك كان يجهز للدوام كل ثلثاء في المدرسة لتسجيل التلاميذ حتى مطلع شهر أيلول، لكن للأسف لم يتمكن من تحقيق آماله، فقد كان الموت بانتظاره، على الرغم من أنه لم يكن يعاني أي المرض، وربما لهذا السبب كانت الصدمة كبيرة لفراقه، سقط القائد أمام أحبائه، في الصرح الذي كرّس له حياته".