وبعد نشر التقرير، سارعت الولايات المتحدة الى الإعراب عن غضبها، محذرة من ان هذه الخطوة تعرض سلامة الجنود للخطر. واعتبر المتحدث باسم البنتاغون أدريان رانكين-غالواي أن الكشف عن هذه المعلومات السرية يعرض قوات التحالف ضد تنظيم داعش لـ"مخاطر لا لزوم لها". وقال: "سنشعر بقلق شديد إذا أقدم مسؤولون في بلد حليف عضو في منظمة حلف شمال الأطلسي على وضع جنودنا في خطر بشكل متعمد من خلال نشر معلومات سرية". وأضاف: "أبلغنا قلقنا إلى الحكومة التركية"، رافضا التعليق على مدى دقة المعلومات التي كشفتها الأناضول.
ويشير التقرير إلى أن القائمة التي نشرتها وكالة الأناضول للأنباء تضمنت أماكن الوجود الأمريكي من بداية المنطقة الكردية إلى نهايتها، وبمسافة عرضها 200 ميل، بالإضافة إلى أن الوكالة ذكرت عدد الجنود في عدة مواقع، أشارت في حالتين إلى وجود قوات خاصة فرنسية.
بدوره قال المتحدث الرسمي باسم البنتاغون، أدريان رانكين-هالوي، في تصريحات صحافية أدلى بها اليوم الأربعاء: "ليس بإمكاننا أن ندقق، اعتمادا على المصادر المستقلة، من الذي قدم بالتأكيد هذه المعلومات (للوكالة التركية)، لكن سنشعر بقلق عميق حال تبين أن مسؤولين في الناتو عرَّضوا بتعمد عسكريينا للخطر، من خلال تسليم مثل هذه المعلومات السرية". وأضاف رانكين-هالوي مشددا: "لقد أبلغنا السلطات التركية مباعث القلق هذه".
ويلفت كاتب التقرير غوتمان إلى أن تركيا انتقدت علنا إدارة ترامب، وإدارة أوباما من قبله؛ بسبب اعتمادهما في حربهما على تنظيم الدولة على المليشيات الكردية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وهو حركة انفصالية في حرب مع تركيا، ومدرج على قائمة الإرهاب من أمريكا والاتحاد الأوروبي وتركيا.
ويذكر الموقع أن أميركا أرادت أن تتجنب الظهور بمظهر المتحالف مع مثل تلك المجموعة، فأنشأت قوات سوريا الديمقراطية، التي تضم عددا لا بأس به من المجندين العرب، لكن يقودهم ضباط من وحدات حماية الشعب الكردية، المرتبطة بحزب العمال الكردستاني.
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من تعبير رئيس تركيا المتنفذ رجب طيب أردوغان، بشكل دائم، عن غضبه تجاه أمريكا، إلا أنه من غير المعتاد أن يقوم عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) بالكشف عن تفاصيل تتعلق بانتشار الجيش الأمريكي خلال عمليات نشطة وفي منطقة حرب، مشيرا إلى أن العملية العسكرية الأميركية في سوريا غير عادية؛ وليس فقط لأن أميركا تتصرف على عكس رغبة تركيا، الحليفة في الناتو، التي تقول بأن ذلك يعرض أمنها القومي للتهديد المباشر، لكن أيضا لأن تلك القوات تعمل دون إذن من النظام السوري.
ويبين الكاتب أن مجلس الأمن القومي في تركيا أشار بعد اجتماع له مساء الاثنين، إلى أن الأسلحة التي قدمت لوحدات حماية الشعب الكردية وصلت إلى حزب العمال الكردستاني، ما "يثبت أنهما منظمة واحدة"، وقال المجلس إن البلدان الأخرى تستخدم "معيارا مزدوجا" للمجموعات الإرهابية، في إشارة واضحة إلى التحالف بين أميركا ووحدات حماية الشعب الكردية.
ويفيد الموقع بأن أميركا تنكر دائما تسرب الأسلحة التي تقدمها للمقاتلين الأكراد إلى حزب العمال الكردستاني، الذي يشن حربا على الدولة التركية، مشيرة إلى أن الحكومة التركية لم تدعم تلك الاتهامات بالأدلة. ويقول التقرير إن هناك قاعدتين أميركيتين كانتا معروفتين قبل أن تنشر وكالة الأناضول تقريرها؛ الأولى في الرميلان في محافظة الحسكة، والثانية في خراب عشق، بالقرب من كوباني في محافظة حلب، وقالت وكالة الأناضول إنه تم إنشاء قاعدة الرميلان في منطقة إنتاج النفط في تشرين الأول 2016، وإن مساحتها تكفي لاستقبال طائرات النقل، في الوقت الذي كانت فيه تلك القاعدة التي أقيمت جنوب كوباني في آذار 2016، تستخدمها طائرات الهليكوبتر العسكرية فقط.
ويشير غوتمان إلى وجود تلك القواعد الثماني في مناطق خلف لافتات تحذير تحمل عبارة "منطقة محظورة"، وتستخدم القواعد للعمليات العسكرية الجارية، مثل قصف الرقة، وللأعمال الإدارية، مثل التدريب والتخطيط، بحسب تقرير الوكالة.
وبحسب الموقع، فإن القواعد المستخدمة للعمليات العسكرية تحتوي على بطاريات مدفعية سهلة النقل، وراجمات صواريخ متعددة المنافذ، وأجهزة متنقلة للمخابرات، ومصفحات لاستخدام الدوريات.
ويلفت التقرير إلى أنه يوجد في محافظة الحسكة ثلاث قواعد عسكرية أمريكية، كلها تستخدم لتدريب أعضاء المجموعات الكردية، بحسب المسؤولين الأمنيين الأتراك، مشيرا إلى أن وكالة الأناضول كشفت عن أعداد القوات الخاصة الأميركية، التي تعتقد أنهم موجودون في قاعدتين من القواعد الثلاث.
ويورد غوتمان أن هناك ثلاث قواعد عسكرية أميركية في محافظة الرقة، بحسب وكالة الأناضول، وتوجد قوات خاصة فرنسية في اثنتين منها، حيث قالت الوكالة إن أحد تلك المواقع يستخدم مركزا للاتصالات للتحالف الدولي، الذي يحارب تنظيم الدولة، ويستخدم للتشويش على اتصالات التنظيم.
وينوه الموقع إلى أن الوكالة أشارت إلى وجود قاعدتين للجيش الأميركي في منبج، التي سيطرت عليها وحدات حماية الشعب الكردية في آب الماضي، بالإضافة إلى أنها أشارت إلى أن الجيش الأميركي يرسل دوريات لحماية وحدات حماية الشعب الكردية من الثوار السوريين، الذين يعملون في المناطق التي يسيطر عليها الأتراك، والمعروفة بجيب جرابلس.
وأكد مسؤولون أمنيون أتراك لموقع "دايلي بيست" دقة القائمة التي نشرتها وكالة الأناضول، وعلق الموقع قائلا إن التقرير سيتسبب بالتأكيد بغضب الجيش الأمريكي الذي يقود العمليات ضد تنظيم الدولة. ويذكر التقرير أن المتحدث باسم عملية العزم الصلب، التي يقوم بها التحالف ضد تنظيم الدولة وباسم القيادة المركزية في تامبا، طلب من "ديلي بيست" عدم نشر تفاصيل ما نشرته وكالة الأناضول.
وكتب مدير العلاقات للتحالف الكولونيل جو سكروكا: "إن مناقشة أعداد الجنود ومواقعهم ستقدم معلومات تكتيكية حساسة للعدو، وهو ما من شأنه أن يهدد التحالف والقوات المشاركة"، وأضاف: "نشر هذا النوع من المعلومات عمل غير مسؤول مهنيا، ونرجو عدم نشر أي معلومات قد تعرض حياة جنود التحالف للخطر".
ويكشف الكاتب عن أن المتحدث في القيادة المركزية الكولونيل جون ثوماس، طلب من "دايلي بيست" الامتناع عن نشر تفاصيل عمليات التحالف؛ لأن ذلك "قد يشكل خطرا على حياة الأشخاص المشاركين فيها".
(الأناضول - دايلي بيست - عربي 21)