تداعيات إقرار السلسلة بدون تمويل واضح يربك الحكومة
المستقبل :
بعيداً عن بروباغندا «الإعلام الحربي» الذي ينتهجه النافخون في نيران الأزمات والضاربون على طبول الحرب ترويعاً لمواطنين آمنين من هنا وتهليلاً لمعركة دموية طاحنة من هناك، كان الجيش اللبناني وسيبقى وحده السد الوطني المنيع والدرع العسكري الواقي في مواجهة المد الإرهابي العابر للجرود والحدود، لا شريك له ولا شرعية لسواه في هذه المهمة ذوداً عن أراضي اللبنانيين وقراهم وأرواحهم. وبهذا المعنى المبدّد لكل تشويش على أداء المؤسسة العسكرية ودورها الحافظ للبلاد والعباد مواطنين كانوا أو نازحين ومقيمين، جاءت جولة قائد الجيش العماد جوزيف عون على المراكز العسكرية المرابطة في المنطقة الجردية الحدودية ليطمئن الأهالي، ولا سيما منهم أبناء القرى المحاذية لشرارة النار السورية في الطفيل وعرسال، إلى أنهم في حمى الدولة ومؤسساتها الشرعية مهما تعاظمت التحديات.
وبالتزامن مع ما كشفته مصادر عسكرية رفيعة لـ«المستقبل» أمس من أنّ قائد الجيش أعطى خلال الساعات الأخيرة توجيهاته للقوى العسكرية العملانية المنتشرة في منطقة عرسال «بتوفير أقصى درجات الحماية للأهالي انطلاقاً من حرص المؤسسة العسكرية على أمن مواطنيها
وسلامتهم في كل الظروف»، برزت الزيارة التفقدية التي قام بها العماد عون للقوى العسكرية المُنتشرة في منطقة الطفيل ومحيطها في جرود بعلبك حيث جال في مراكزها واجتمع بالضباط والعسكريين وزودهم بالتوجيهات اللازمة، خصوصاً أنها المرة الأولى، وفق ما لفتت المصادر، التي تسجَّل فيها زيارة من هذا النوع لأحد أقرب المراكز المتاخمة لبلدة الطفيل الحدودية مع سوريا (على بُعد نحو كيلومترين من البلدة)، وهو ما اعتبرته بمثابة «رسالة» حرص قائد الجيش على توجيهها لأهالي البلدة وتؤكد أنّ الجيش يكفل حمايتهم ويتكفل بهذه المهمة.
وخلال الجولة، شدد عون على اتخاذ كافة التدابير الميدانية لحماية البلدات والقرى الحدودية، وتأمين سلامة أهلها من أي خرق إرهابي، مؤكداً قدرة الجيش وإصراره على مواجهة مختلف المصاعب التي ستعترضه في إطار جهوده الآيلة إلى دحر التنظيمات الإرهابية، بالاستناد إلى الكفاءة القتالية التي أثبتها في أكثر من محطة وتجربة، وإلى الالتفاف السياسي والشعبي حوله. وأردف مضيفاً: «الجيش الذي استطاع أن يحمي لبنان في أصعب الظروف التي مرّ بها، سيحميه حاضراً ومستقبلاً مهما كلّفه ذلك من أثمان وتضحيات، ولن يصغي إلى ضجيج بعض الأصوات المُغرضة التي تعلو بين الحين والآخر، للتشويش على أداء واجبه المقدّس في الدفاع عن الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره».
توقيف «العنصريين الخمسة»
في الغضون، وغداة ما أعلنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لـ«المستقبل» عن طلبه من الأجهزة القضائية التحرك حيال الشريط المصوّر الذي يُظهر عدداً من الشبان العنصريين أثناء تعرضهم بالضرب والشتم والإهانة لأحد النازحين السوريين، تمكنت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي أمس من توقيف الشبان الخمسة الضالعين في تعنيف النازح السوري، وذلك بناءً على إشارة المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، على أن يتسلّم اليوم ملف التحقيق معهم تمهيداً لإحالتهم الى مدعي جبل لبنان كلود كرم.
وفي المعلومات المتوافرة حول الموقوفين الخمسة، أنهم من سكان منطقة الدكوانة وأحدهم «عسكري مطرود» وكانوا قد ارتكبوا جرمهم اللاإنساني بحق النازح المدعو «عقلة» أثناء مروره في أحد أحياء منطقة رأس الدكوانة بدوافع شخصية استعراضية تدعي الحرص على المؤسسة العسكرية.
«السلسلة»
أما في جديد المستجدات التشريعية، فقد نجح التعاضد الحكومي والنيابي أمس في طيّ صفحة سلسلة الرتب والرواتب بمختلف إصلاحاتها وزياداتها وإيراداتها، وهو ما شكّل إنجازاً وطنياً يقوم على ركيزتين أساسيتين: منح كل ذي حق حقه من موظفي القطاع العام والمحافظة على ملاءة الدولة عبر تأمين الإيرادات اللازمة للزيادات المقرّة منعاً لإرهاق وإغراق الخزينة.
وفي هذا الإطار، كتبت الزميلة هلا صغبيني، بعد خمس سنوات من الأخذ والرد والتحركات المطلبية، طوى مجلس النواب أمس ملف سلسلة الرتب والرواتب الذي ولد من رحم توافق سياسي والتقاء مكونات حكومة «استعادة الثقة» على وجوب إعطاء الحق لأصحابه ورفع الحد الأدنى للرواتب والأجور وإعطاء زيادة غلاء معيشة للموظفين والمتعاقدين والأجراء في الإدارات العامة والجامعة اللبنانية والبلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل وتحويل رواتب الملاك الإداري العام وأفراد الهيئة التعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي والأسلاك العسكرية، وسط إصرار حكومي – نيابي مشترك على أن يكون لكل زيادة إيراد يغطيها.
ففي ختام اليوم الثاني من الجلسة التشريعية، أقر المجلس «السلسلة» بعدما درس جزءها الثاني المتعلق بموارد تمويلها وتغطية تكاليفها المقدرة بنحو 1772 مليار ليرة، وذلك غداة التوافق على إعطاء زيادة للمتقاعدين بشرط تجزئتها على 3 سنوات. وبينما تُعرب مصادر مالية عن أملها في أن يكون لـ«السلسلة» انعكاس إيجابي على الوضع الاقتصادي يترجم على المدى المنظور نشاطاً في الحركتين الاقتصادية والتجارية، أعربت قوى نقابية بدورها عن ترحيبها بإقرار «السلسلة» وقالت إن هذا الإجراء ترك ارتياحاً كبيرا وصدى طيباً لدى أصحاب الحقوق بعد معاناة طويلة. وإذ اعتبرت أن إقرار «السلسلة» إنجاز مهم للجميع، نوهت بالتعاون البناء بين الكتل النيابية لإنجاز «السلسلة»، ما ضمن إقرارها من جهة وتخفيف الضرائب على ذوي الدخل المحدود من جهة أخرى، مطالبة بتركيز الجهود في المرحلة المقبلة على إصلاح الإدارة وتفعيلها. (تفاصيل ص 9)
اذاً، صادق مجلس النواب أمس على جملة ضرائب وغرامات لتمويل «السلسلة» بعدما كان صادق على بعض منها في جلسته في آذار الماضي وكان أبرزها حينها رفع الضريبة على القيمة المضافة بواقع 1 في المئة من عشرة في المئة الى 11 في المئة.
أبرز الضرائب التي أقرت هي:
- رفع معدل الضريبة على الفوائد المصرفية من 5 في المئة حالياً الى 7 في المئة، ويتوقع أن تبلغ ايراداتها نحو 300 مليار ليرة.
- إلغاء حق الحسم بالنسبة للمصارف (ويتوقع أن تبلغ إيراداتها نحو 350 مليار ليرة).
- رفع معدل الضريبة على شركات الأموال من 15 في المئة الى 17 في المئة (نحو 140 مليار ليرة إيرادات متوقعة).
- فرض رسم 5000 ليرة على المسافرين غير اللبنانيين لدى دخولهم الأراضي اللبنانية براً.
- إلغاء الزيادة على الدرجة السياحية التي كان منصوص عليها في المادة 11 والمتعلقة بالرسوم على المغادرين جواً، والتي كانت زيدت الى 75 ألف ليرة وبقيت على مستواها البالغ 60 ألف ليرة. وبالتالي، صدّقت المادة 11 معدّلة كالآتي: إقرار رسوم على المسافرين عبر الجو 60 ألف ليرة للدرجة السياحية، 110 آلاف لدرجة رجال الأعمال، 150 ألف للدرجة الأولى و400 ألف للمسافر على متن طائرات خاصة.
- فرض رسوم على المستوعبات المستوردة كما وردت في المادة 12 من دون تعديل، أي أن يُفرض على المستوعبات المستوردة من الخارج رسم مقطوع وفقاً لما يلي: مستوعب قياس 20 قدماً 80 ألف ليرة، وقياس 40 قدماً 120 ألف ليرة. علماً أن الإيرادات المتوقعة من هذا الرسم هي في حدود 30 مليار ليرة.
- التصديق على المادة 13 التي تفرض غرامات على الأملاك العمومية البحرية والمتعلقة بـ«استيفاء مبالغ على الإشغال غير القانوني للأملاك العمومية البحرية والنهرية والبرية العائدة للمؤسسات العامة والبلديات من دون إعطاء صاحب العلاقة أي حق مكتسب».
- إخضاع جوائز اليانصيب لرسم نسبي قدره 20 في المئة من قيمة الجوائز (ايرادات مقدرة بنحو 10 مليارات ليرة).
- بالنسبة الى نسبة التخمين على الشركات والمؤسسات الخاصة والتي حددت في المادة 15 بنسبة 15 في المئة فخفضت الى 10 في المئة وذلك من أجل مساعدة الشركات على التخمين. وهنا، قال الرئيس سعد الحريري في رده على المطالبين بزيادة هذه النسبة «نريد توظيف الناس، ونحن عندما نخفض فذلك من أجل التحفيز، ما نريده من أجل تأمين فرص عمل ولتفعيل الاقتصاد إما نجعلها 5 في المئة وهذا أفضل وإذا كنا سنبقيها 10 في المئة ولكن إذا زدنا ليس هناك مصلحة، ولننتظر سنة حتى نرى كم شركة لجأت الى التخمين».
- فرض رسم قدره 2 في المئة من أصل رسم الفراغ العقاري عند تنظيم عقد بيع عقاري ممسوح، ويضاف إليه الرسم البلدي ويُعتبر المبلغ المسدد على العقد كدفعة من أصل قيمة رسم الفراغ العقاري، على أن يبادر الشاري إلى التسجيل على الصحيفة العينية خلال مهلة ستة أشهر على الأكثر من تاريخ انقضاء مهلة ترقين القيد الاحتياطي، وإلا توجب عليه رسم التسجيل كاملاً.
الديار :
بمعزل عن الاجتهادات المتباينة في مقاربة الصيغة النهائية لسلسلة الرتب والرواتب، فان الاكيد هو ان العديد من الضرائب التي تضمنتها تنطوي على دلالات بنيوية عميقة، هي ابعد من الجانب المالي المحض والحسابات التقنية المباشرة، حتى أصبحت فلسفة موارد «السلسلة» أهم من تفاصيلها وارقامها.
بهذا المعنى، فان بعض مصادر التمويل المستحدثة تشكل تحولا جوهريا في «الثقافة الضريبية» الرسمية التي كانت تستند طوال عقود الى مجموعة «اخطاء شائعة» و«محرمات وهمية»، لطالما شكلت حماية وحصانة للجهات المقتدرة والمليئة، برغم انها قادرة على رفد الخزينة بقليل من فائض ارباحها.
وعليه، يُسجل للسلسلة المولودة انها نجحت في ترويض ما بات يُعرف بـ«حيتان المال» التي سبق لها ان التهمت الكثير من السمك الصغير، على امتداد سنوات من «الدلال» والامتيازات، الامر الذي يمثل بداية مقبولة، ولو متواضعة، نحو تحقيق «العدالة الضريبية» المنشودة.
صحيح، ان هناك جوانب في «السلسلة» تصيب شرائح من المواطنين بـ«القنص الضريبي»، لاسيما في ما يتعلق بزيادة الـ1 بالمئة على ضريبة القيمة المضافة الى جانب رفع منسوب بعض الرسوم التي تطال مجالات هي على تماس مع الناس، وصحيح انه كان من الافضل تجنب اي «تسلل» الى جيوب الفقراء ومتوسطي الحال... لكن ذلك لا ينفي في الوقت ذاته أهمية الانعطافة الضريبية التي حصلت في اتجاه إلزام القطاع العقاري والشركات والمصارف بتأدية بعض واجباتها «المتأخرة» حيال الخزينة، برغم ان عددا من النواب حاولوا جاهدين خلال الجلسة النيابية تخفيض الفاتورة المستحقة على «الابراج العاجية» و«المربعات المخملية».
وليس خافيا ان «الكارتيل» او «اللوبي» المكون من تحالف مواقع نافذة، مصرفيا وسياسيا، سعى بكل ثقله وضغوطه منذ اعوام وحتى الجلسة التشريعية امس، الى منع اقرار ضرائب «ثورية» تصيب مكتسباته، الامر الذي يضفي على ما تحقق بُعدا إضافيا.
كما ان اقرار الغرامات على التعديات القائمة فوق الاملاك البحرية العامة يشكل اختراقا مهما في منظومة شبكة «المصالح العميقة»، بعد عجز الدولة خلال «سلسلة» طويلة من السنوات الماضية عن تحصيل حقوقها المستباحة، علما ان المحك يبقى في التنفيذ.
ويختصر خبير اقتصادي بارز المعادلة التي افرزتها فلسفة الضرائب المعتمدة لتمويل «السلسلة»، بالقول: لقد انتقل الاقتصاد من سقف الريع الى سقف الانتاج. ويؤكد الخبير لـ«الديار» ان فرض ضرائب على مطارح جديدة يمثل تحولا كبيرا ونقلة نوعية تطغى بايجابياتها على السلبيات الناتجة عن بعض البنود التي تشمل ابناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
ولا يتوقع الخبير الاقتصادي اي انعكاسات سيئة للسلسلة على الوضعين الاقتصادي والمالي، مستبعدا حصول تضخم كما يخشى القلقون، ولافتا الانتباه الى ان الزيادات التي ستُمنح للعاملين في القطاع العام هي من النوع الذي يُضخ في عروق السوق والاقتصاد، ويُصرف في الانتاج المحلي.
وإذا كان يُفترض بخلطة الضرائب والرسوم، بما لها وعليها، ان تغطي كلفة سلسلة الرتب والرواتب، فان هذه الرافعة المالية يجب ألا تعفي أهل السلطة من تحمل مسؤولياتهم في تقليص الهدر المزمن، والناتج عن الفساد المتراكم والترهل المستفحل.
وحتى لا تتبخر الزيادات الممنوحة للعاملين في القطاع العام، فان المطلوب بالحاح منع مقتنصي الفرص وتجارها من استغلال «السلسلة» والتلطي خلفها لرفع الاسعار في الاسواق التجارية، ما يتطلب من وزارة الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك التشدد في المراقبة وفي معاقبة المخالفين، حتى لا يفلت الملق... والنق.
خليل... والتهويل
وقال وزير المال علي حسن خليل لـ«الديار» ان 90 بالمئة من الضرائب المستحدثة تطال الشركات الكبرى وشركات الاموال والمصارف والربح العقاري، وهذا انجاز مهم ونوعي، مشيرا الى ان الاستثناء الابرز لهذه القاعدة يكمن في زيادة 1 بالمئة على ضريبة القيمة المضافة التي تشمل كل الشرائح، لكنه لفت الانتباه الى ان ما يخفف من وطأة هذه الزيادة على الطبقة الفقيرة هو ان هذه الضريبة تستثني أصلا الامور الحيوية التي تتعلق بالناس كالطعام والشرب والطبابة والتعليم.
ويشدد خليل على انه تم تصحيح الوعاء الضريبي بطريقة متوازنة، موضحا ان الضرائب الجديدة تصيب وللمرة الاولى منذ الستينات مطارح ومساحات كانت مُحرّمة او محمية، الامر الذي ينطوي على نقلة مهمة في اتجاه بلوغ العدالة الاجتماعية.
ويشير الى ان من بين الانجازات التي تحققت ايضا اقرار الغرامات على مخالفات الاملاك العامة البحرية، بعدما كان هذا الملف يخضع الى المماطلة والتأجيل منذ عام 1996، مؤكدا ان هذا البند الذي اقره مجلس النواب امس سيُنفذ، وبالتالي فان الغرامات ستستوفى حتما من المخالفين، ومتوقعا ان يكون مردودها الاجمالي مرتفعا بعدما يجري تحصيلها على مدى اكثر من سنة.
ويؤكد خليل انه لا تسوية حول الاملاك البحرية، وما تقرر هو فرض غرامة على الإشغال غير القانوني للمساحات المستثمرة العائدة للدولة، مشيرا الى ان الذين استفادوا لسنوات طويلة من هذا الامر الواقع، بات يتوجب عليهم الآن ان يدفعوا الغرامات التي رتبتها التعديات على الاملاك البحرية.
ويشدد خليل على ان «السلسلة» كما جرى اقرارها، بكلفتها ومواردها، لا ترتب مفاعيل سلبية او تداعيات على الاقتصاد الوطني، معتبرا ان التهويل الذي يعتمده البعض غير مبرر وبلا طعمة، ويندرج في اطار سيناريو يتكرر من حين الى آخر.
ويضيف: إذا وضعنا المزايدات الشعبوية جانبا، فان ما حصل عمليا هو اننا ثبتنا من جهة حقوق الناس وأعدنا الانتظام الى مسالة غلاء المعيشة، وراعينا من جهة أخرى التوازن المالي المطلوب عبر اقرار مجموعة من الضرائب التي لا تمس في معظمها الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
وعن مصير قطع الحساب وانعكاسه على الموازنة، يؤكد خليل ان العمل جار من أجل إيجاد مخرج لهذه الاشكالية، موضحا ان قطع الحساب لن يكون سببا معطلا للموازنة.
عون... والحدود
على صعيد آخر، وبالتزامن مع التوقعات بقرب انطلاق معركة تحرير جرود عرسال من المجموعات الارهابية التي لم تتجاوب بعد مع عروض الانسحاب، تفقد قائد الجيش العماد جوزيف عون امس القوى العسكرية المنتشرة على جانب من الحدود الشرقية في منطقة طفيل ومحيطها في جرود بعلبك.
وشدد عون خلال جولته على ضرورة اتخاذ كافة التدابير الميدانية لحماية البلدات والقرى الحدودية من اي خرق ارهابي، مؤكدا قدرة الجيش واصراره على مواجهة المصاعب التي ستعترضه في اطار جهوده الآيلة الى دحر التنظيمات الارهابية، وهو لن يصغي الى ضجيج بعض الاصوات المغرضة.
وقالت مصادر عسكرية لـ«الديار» ان زيارة عون لجانب من الخطوط الامامية على الحدود الشرقية تندرج في اطار مواكبة التحضيرات للتعاطي مع التطورات الميدانية المحتملة، مشيرة الى ان جهوزية الجيش كاملة لملاقاة اي وضع ميداني مستجد ولا توجد ثغرات في استعداداته.
وتؤكد المصادر ان توجيهات العماد عون للوحدات العسكرية المنتشرة على تخوم الجرود واضحة وقاطعة وفحواها عدم السماح لاي مسلح بالعبور في اتجاه الاراضي اللبنانية، لافتة الانتباه الى انه عاد من جولته مرتاحا للواقع العملاني ولاستعدادات الجيش.
وتشدد المصادر العسكرية على العماد عون حازم في ضرورة منع هروب أي من المسلحين نحو مخيمات عرسال او محيطها، إذا اندلعت المواجهة في الجرود.
الجمهورية :
طويَت صفحة سلسلة الرتب والرواتب، وصارت على أهبة الدخول إلى حيّز التنفيذ بكلّ ما انطوَت عليه من أرقام وأعباء، وما شابها من مزايدات سياسية وانتخابية ومحاولات تجميل للضرائب التي حملتها، وعلى وجه الخصوص على الفئات الشعبية. وعاد المشهد الداخلي لينضبط تحت العناوين السياسية، وثقلِ الملفّات الضاغطة والقابعة في آخِر سلّمِ اهتمامات السلطة، في وقتٍ يبقى هاجس الحدود حاضراً في دائرة الرصد لِما قد يَطرأ من تطوّرات ميدانية ضد المجموعات الإرهابية في جرود عرسال التي لوحِظ أمس تكثيفُ الغارات السورية عليها.
لفتت الزيارة التفقّدية التي قام بها قائد الجيش العماد جوزف عون للقوى العسكرية المنتشرة في منطقة الطفيل وجرود بعلبك، سواء من حيث التوقيت الذي يتزامن مع الحديث المتزايد عن تطورات امنية وشيكة ضد الارهابيين في الجرود، او من حيث التوجيهات التي قدّمها للعسكريين لاتخاذ" كافة التدابير الميدانية لحماية البلدات والقرى الحدودية، وتأمين سلامة أهلها من أي خرق إرهابي".
وأكدت مصادر امنية لـ"الجمهورية" انّ الزيارة الى الطفيل لا صلة لها بعرسال وما يُحكى عن تطورات محتملة، بل كانت لتفقّدِ فوجِ الحدود البري الرابع المنتشر في المنطقة، ولشَدّ عزيمة العسكر في حربهم الدائمة على الارهاب والحفاظ على لبنان ومنعِ المساس بأمنه واستقراره، ولتوجيه رسالة مباشرة الى أهالي تلك المنطقة "بأنّكم في حماية الجيش، وهو على جهوزية لردّ ايّ امرٍ عنكم".
وبالتالي الجيش ليس معنياً بأيّ طرف يمكن ان يفتح معركة في الجرود، ومهمتُه الاساس كانت وستبقى المحافظة على ارض لبنان وسلامة اللبنانيين، وعلى اهالي عرسال في حال حصَل ايّ تطوّر امني، وسيَعمل على حماية عرسال وأهلِها ومنع تسلّل الارهابيين من المخيمات الى داخلها".
وعكسَت المصادر ارتياح قائد الجيش لموقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي عبّر عنه في الجلسة التشريعية، ووُصِف بأنه استكمال لموقفه السابق الذي اعلنَه خلال استقباله قائد الجيش اخيراً وتأكيدٌ على الغطاء الكامل للمؤسسة العسكرية في تنفيذ مهامِّها في محاربة الارهاب، مع تأكيد القيادة بأنّ الحرب على الارهاب ليست ضد ايّ مواطن وأي ّمدني أكانَ لبنانياً أو سورياً، بل هي استهداف ايّ ارهابي يحاول مسَّ الداخل وزعزعة الامنِ والاستقرار. هنا الجيش سيكون دائماً بالمرصاد لهؤلاء وسيواجههم ويمنعهم من تحقيق اهدافهم ومخططاتهم مهما كلّفه ذلك من تضحيات.
«السلسلة»... سلّة ضرائب
إذاً، صارت سلسلة الرتب وراءَنا بعد إقرارها، وإذا كانت قدّمت للموظفين ما يعتبرونه حقاً لهم من زيادات مقرونة بما سمّيت "إصلاحات"، فإنّها قدمت في المقابل سلّة ضريبية واسعة شملت ما اتُّفِق عليه في آذار الماضي، مع اضافة بنود اخرى تَسحب ما في جيوب المواطنين.
وشَملت السلّة الضرائبية قطاعات متنوّعة. فإضافةً الى زيادة الـ"TVA" من 10 إلى 11%، طاولت الضرائب الجديدة القطاع السياحي (زيادة على اسعار بطاقات السفر)، والعقاري، (رسم على عقود البيع، رسم على إنتاج الإسمنت)، والصناعي، (رسوم مقطوعة على المستوعبات)، والمصرفي والمالي، (رفع الضريبة على ارباح فوائد الودائع
من 5 إلى 7 %)، والمطعمي والفندقي (زيادات كبيرة على اسعار المشروبات الروحية)، وزيادات على قطاعات أخرى متنوّعة.
وفي المحصّلة، هناك إجماع من خبراء الاقتصاد على انّ هذه الضرائب ستنعكس على كلّ مفاصل الاقتصاد، وستؤدي الى ارتفاع الأسعار وتراجع قدرة المواطن الشرائية. ويرى هؤلاء أنّ هذه الخطوة ستساعد الشركات غير الشرعية التي تتهرّب من دفع الضرائب ولا تملك رقماً مالياً، حيث ستزدهر اعمالها على حساب المؤسسات الشرعية.
كذلك سيسهم رفع "TVA" في زيادة عدد الشركات الإسمية التي تؤسسها الشركات التجارية بهدف تحقيق رقم أعمال لا يفوق الـ 100 الف دولار والتهرّب من دفع الضريبة.
ويؤكّد الخبراء انّ الضريبة على ارباح الودائع المصرفية لا تستهدف فقط الطبقة الغنية واصحابَ رؤوس الاموال، بل ستُطاول كافة شرائح المجتمع والحسابات المصرفية للمواطنين، خصوصاً الذين قبضوا تعويضات وأودعوها في المصارف ويعتاشون من فوائد تلك الحسابات.
والأخطر من ذلك فإنّ رفعَ الضريبة على الودائع المصرفية سيؤثّر على التدفّقات المالية الى لبنان، والتي تُستخدم لتمويل الدين العام، حيث إنّ أيّ تراجُع أو غياب للتدفّقات المالية سيترجَم ارتفاعاً في اسعار الفوائد على سندات الخزينة.
الجلسة
وانتهت مجريات اليوم الثاني من الجلسة التشريعية إلى إقرار السلسلة مع سلّة الضرائب والرسوم التي أعطيَت عنوان مداخيل لتمويل كلفة السلسلة التي زادت عن 1200 مليار ليرة. ورُفِعت الجلسة الى موعد يتحدّد بعد عودة الحريري من زيارته الاميركية، لاستكمال درس وإقرار سائر بنود جدول الاعمال.
وساد الجلسة نقاشٌ مستفيض حول الضرائب بين معارض ومؤيّد لها. وأُقِرّت باعتراض نواب حزب الكتائب وتحفّظ "اللقاء الديموقراطي".
وأدار رئيس مجلس النواب نبيه بري النقاش انطلاقاً ممّا وصفه حِرصين: حِرص على مالية الدولة وحِرص على إعطاء الحق المزمن للمستفيدين عبر إقرار السلسلة، موضحاً "أنّنا لا نفرض ضرائب على الطبقات الوسطى والفقيرة، وما لُحظ من ضرائب على قطاعات اخرى سيَدخل الى خزينة الدولة لتنفيذ مشاريع".
خليل
وقال وزير المال علي حسن خليل لـ"الجمهورية": "السلسلة راعت مختلفَ مطالب المستحقّين في القطاعات العسكرية والادارية والاساتذة، وعالجَت خللاً متراكماً منذ سنوات، وأجابت عن اسئلة وهواجس اثيرَت خلال النقاش حولها منذ 5 سنوات، وأرسَت قاعدةً لمعالجة الرواتب مستقبلاً، من خلال زيادات وفقَ غلاء المعيشة بشكل سنوي. وكان هناك حِرص على تأمين توازن بالواردات يَحمي الاستقرار المالي والنقدي.
وللمرّة الأولى منذ عقود تُدخل ضرائب على الشركات الكبرى، والتحسين العقاري، وأرباح المصارف، وفرض الغرامات على المخالفات على الاملاك البحرية، وهذه خطوات لم تستطع كلّ المحاولات الماضية تحقيقَها.
وتضمَّنت إعادةَ تصويب للنظام الضريبي، وتحمّل القادرين اعباءً للتخفيف عن الطبقات الفقيرة. ما أُقِرّ إنجاز متكامل يؤكّد القدرة على إنجازات تَحفظ مصالح المواطنين والدولة على حدّ سواء".
الجميل
وقال رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل لـ"الجمهورية": "إقرار الضرائب صفقة جديدة من صفقات اهلِ السلطة الذين تجاوزوا فيها الدستورَ وآليات العمل المؤسساتي". واعتبَر أنّ الضرائب التي اقِرّت "مخالفة للدستور شكلاً ومضمونا، وهي لم تُقرّ لتمويل السلسلة وإنّما لتمويل الخزينة بما يسمح للوزراء بصرف المداخيل الجديدة لتمويل الانتخابات المقبلة".
وأوضَح مصدر كتائبي مسؤول أنّ الجميّل "سجّل اعتراضَه في الجلسة وأعلنَ عن قرار الحزب الطعنَ بقانون الضرائب امام المجلس الدستوري". وكشفَ المصدر "انّ فريقاً من حقوقيّي الحزب باشَر دراسة مضمون الطعن الذي يَستند الى مخالفة التصويت للمادة ٣٦ من الدستور وللنظام الداخلي لمجلس النواب اللذين ينصّان على التصويت العلني بتلاوةِ الأسماء وهو ما لم يحصل، بالإضافة الى عدد كبير من العيوب والمخالفات الدستورية".
وأكّد انّه "فور انتهاء المعنيين من وضعِ الطعن سيُعرَض على النواب الآخرين لجمع 5 تواقيع إضافية عن تواقيع كتلة نواب الكتائب، على اعتبار انّ الطعن امام المجلس الدستوري يحتاج لـ 10 نواب".
شهيّب لـ"الجمهورية"
وقال النائب اكرم شهيّب لـ"الجمهورية":" أنا خائف على البلد. إعتمدنا في مقارباتنا للسلة وأكلافها موضوعية وشفافية، بعيداً من الخطاب الشعبوي والمزايدات، فالسلسلة بسقف 1200 مليار، وأكدنا تمسّكَنا بهذا السقف. في الاساس نحن نَستدين لنصرف، وسنستدين اكثر لنصرفَ اكثر بعد السلسلة".
واضاف: "اليونان لديها أب اسمُه الاتحاد الاوروبي، ورغم هذه الأبوّة الضخمة سياسياً والغنية اقتصادياً وقَعت في عجز وما زالت فيه. أمّا لبنان فليس عنده أبٌ ولا أمّ ولا مصادر تمويل، فيا إخوان لا تستعجلوا، أيّ زيادة على الـ 1200 مليار يعني أنّنا ذاهبون الى مشكلة اقتصادية ومالية اكبر، ستنعكس سلباً على الوضع الاجتماعي الذي بدوره سينعكس سلباً على الوضع العام. من هنا تحفّظنا على الزيادات على الـ 1200 مليار وكنّا مع الرأي القائل أن تقَرّ الموازنة قبل السلسلة، موازنة واضحة المعالم".
عون
وبدا جلياً أنّ أداء نواب تكتل "الإصلاح والتغيير" في الجلسة جاء منسجماً مع ما أكّده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس بأنه كان من الافضل إقرار الموازنة ومن بعدها السلسلة.
وقال النائب ألان عون لـ"الجمهورية" إنّ "التكتل" انطلقَ في النقاشات "من خلفية إقرار السلسلة بشكل أكيد، لكن مع إجراء كلّ التحسينات الممكنة كإعادة إنصاف المتقاعدين وكمحاولة ربطها بالموازنة من أجل استبدال بعض الضرائب بوفرٍ قد يتحقّق في الموازنة".
أضاف: "حقّقنا الشقّ الذي يعود الى المتقاعدين ولو مع تقسيط، وأدخَلنا السلسلة في صلب الموازنة شرط أن لا يتخطّى إقرار الأخيرة مدة الشهر. خلاصة الموضوع، إقرار السلسلة ظلَّ هو الاولوية على الاعتبارات الأخرى ولذلك تخطّينا بعض التحفظّات لكي نتجنّبَ إشكالات تهدّد مسارَ الجلسة وإقرارَ السلسلة".
عدوان لـ"الجمهورية"
وقال عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان لـ"الجمهورية": "نحن في الاساس نقود معركة إقرار السلسلة لأننا نعتبرها حقاً ونَعتبر أنّ الدولة مقصّرة، إذ كان على الحكومة ان تضع معدّلات غلاء المعيشة وضبط كلّ الامور، ولو تمَّ ذلك سابقاً لكان وفَّر علينا الكثير. كلّ هذا التأخير خصوصاً في موضوع غلاء المعيشة يدفع ثمنَه الاقتصاد ومالية الدولة.
المهم أنّ هناك حقاً أُعطيَ لأصحابه، لكن لا يعني ذلك نهاية الأمور، بل علينا الآن العمل جدّياً على مالية الدولة ليبقى ما أُعطيَ اليوم على قيمته وأكثر، لا أن يذوب بعد سنة وسنتين، لا سمح الله، أذا ما حصَل تعثُّرٌ ما.
إنطلقنا من حرصٍ على الناس وعلى الخزينة، والحقّ أعطيَ، لكن الأهمّ أن تكون عندنا موازنة مدروسة جدّياً، ونصرف من خلالها بالتوازي مع ترشيد الإنفاق ووقفِ الهدر ومنعِ الفساد، فبذلك تستوي ماليّة الدولة واقتصادها، والأهم نقدر أن نستثمر لنحفّز النموّ.
وهذا يتطلب أن تكون عندنا سياسة مالية، والأهمّ ان تكون موازنة العام 2018 موازنة مع رؤية لأننا في موازنة الـ2017 نقدّم موازنة محاسبية وليس موازنة مع رؤية".
"المستقبل" والحزب
وسُجّل في الجلسة أنّ كتلة "المستقبل" لم تخرج عن موقف الحريري بالتأكيد على الوصول الى أزمات كبرى، مع التشديد على اهمّية تأمين المداخيل الضرورية التي تَحول دون ايّ عجز او مسّ بالخزينة. وكان اللافت انّ المداخلات، وخصوصاً من الحريري، بدت هادئةً ومنفتحة على كلّ الاقتراحات من دون تشنّجات مع ايّ فريق متحفّظ أو معارض أو مقدّم لاقتراحات التعديل.
أمّا نواب كتلة "الوفاء للمقاومة" فركّزوا في مداخلاتهم على تنقية جدول الضرائب والرسوم من ايّ ضرائب تطال شريحة المواطنين والطبقات الفقيرة، وأسهموا في إلغاء بعض البنود الضريبية وتعديل بعضها.
وقال أحد أعضائها لـ"الجمهورية": "تمكَّنا من تصويب مسار الكثير من الأمور، سواء ما خصَّ الأملاك البحرية أو الطابع المالي وإعادة التخمين باستثناء ما بدا أنّه متّفَق عليه سابقاً والمتعلق تحديداً برفع الضريبة على"TVA".
اللواء :
قبل واثناء وبعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، ارتفعت اعتراضات رئاسية، ومؤسساتية، وقضائية ونقابية وحزبية وتربوية محذرة من مخاطر تطال إنجازات القضاة وأساتذة الجامعة في الصناديق الضامنة، ومن ارتفاع أقساط المدارس الخاصة، فضلاً عن ارتفاع الأسعار بعد زيادة ضريبة TVA، وصولاً إلى رفع الفوائد على الودائع والقروض والاستدانة، مما يرفع من حجم التضخم، وتتآكل معه الزيادات المقترحة والمقرّة.
والأبرز على هذا الصعيد، دعوة الرئيس ميشال عون إلى بذل جهد إضافي لتصحيح بعض النقاط الواردة في السلسلة، مشيراً إلى ان أي دولة لن تتمكن «من دعم عملتها الوطنية من خلال زيادة نسبة الدين العام».
وقال الرئيس عون كان «من الأفضل إقرار الموازنة، ومن بعدها سلسلة الرتب والرواتب بعد تحديد موارد تمويلها».
على ان الأخطر، التدبير الذي لجأ إليه مجلس القضاء الأعلى بدعوة القضاة العدليين إلى الاعتكاف عن العمل القضائي، باستثناء قضايا الموقوفين اعتباراً من صباح اليوم، إلى حين اجراء المعالجة التشريعية، لا سيما في ما يتعلق بـ«تجاوز راتب الموظف راتب القاضي، وعدم الأخذ في ما خص صندوق تعاضد القضاة»، مطالباً الرؤساء عون ونبيه برّي وسعد الحريري لاجراء المعالجة المطلوبة.
وأعلنت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الإضراب التحذيري اليوم الخميس وغداً الجمعة، وعقد اجتماع طارئ لمجلس المندوبين، ومؤتمر صحفي غداً دفاعاً عن صندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية، مشددين انهم «لن يسمحوا بتمرير أي قانون أو مرسوم يحرمهم من حقوقهم المكتسبة».
ووصف رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس يوم 19 تموز باليوم الحزين، مشبهاً ما حصل «باتفاقية القاهرة»، واصفاً ما حصل أيضاً بـ«حفلة جنون ضرائبية وضعت الاقتصاد على حافة الانهيار، من زاوية الضغط الضريبي الذي طاول 29 ضريبة».
وستدعى الهيئات الاقتصادية إلى اجتماع عاجل لبحث الوضع في ضوء النسبة الضريبية المرتفعة.
الحريري يلتقي ترامب الثلاثاء
وبعد إقرار السلسلة، أمضى الرئيس الحريري 24 ساعة خارج لبنان، حيث اضطر إلى مغادرة الجلسة التشريعية، الأمر الذي حمل الرئيس برّي على رفعها، لأنه لن يستمر في جلسة لا يكون رئيس الحكومة حاضراً فيها.
ويشارك الرئيس الحريري في جلسة مجلس الوزراء التي تعقد في القصر الجمهوري، وعلى جدول أعمالها إقرار مشروع التشكيلات الدبلوماسية حيث سيعين سفير لبنان في اسطنبول هاني شميطلي مديراً عاماً للخارجية.
وبعد الجلسة، أو في اليوم التالي يغادر الرئيس الحريري على رأس وفد يضم الوزير جبران باسيل، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وتردد انه سيكون في عداده ضابط كبير أيضاً إلى الولايات المتحدة، حيث سيجري محادثات مع كبار المسؤولين في الإدارة ومجلس الشيوخ والنواب.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيستقبل الرئيس الحريري والوفد في البيت الأبيض الثلاثاء، للاستماع منه إلى الوضع في لبنان، وما يطلبه هذا البلد من الإدارة الجديدة.
وسيؤكد الرئيس الحريري تمسك لبنان بمحاربة الإرهاب، والتزامه بالقرارات الدولية، مطالباً بعدم فرض عقوبات مالية تؤثر سلباً على المؤسسات المالية اللبنانية، من دون ان يكون لبنان معنياً بسياسات حزب الله ودوره العسكري في سوريا.
جلسة السلسلة
وبالعودة إلى مجريات جلسة سلسلة الرتب والرواتب، وتبعاً لمحصلة الجلسة السابقة، بدأت الجلسة ببحث مشروع تمويل السلسلة، انطلاقاً من المادة العاشرة، من دون ان يكترث النواب لصراخ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، الذي كان نجم جلسة آذار، وحاول في جلسة أمس إثبات حضوره من خلال الاعتراض على غالبية بنود المشروع، واصفاً ما يجري بأنه «هرطقة دستورية»، مطالباً بأن يكون التصويت بالمناداة بالأسماء وليس برفع الأيدي، بحيث لم يعرف من مع من ومن وافق ومن اعترض، وانتهى به الاعتراض إلى التهديد بتقديم طعن بالقانون إذا توفّر له خمسة نواب إضافة إلى نواب الكتائب الخمسة.
غير ان هذا المشهد، لم ينف ان الجلسة تخللها نقاش مالي – اقتصادي، حيث حاول كل فريق سياسي إظهار نفسه انه الأحرص على الخزينة وعلى جيوب النّاس، رغم ان غالبية المواد الضريبية أقرّت دون تعديلات جوهرية، فيما كانت للرئيس الحريري محطة كلام، اعتبر فيها ان الكلام عن ان هناك اشخاصاً مع الفقراء وآخرين مع الاغنياء مرفوض، في حين أكّد الرئيس برّي ان هذه الضرائب ستذهب إلى الخزينة لتنفيذ مشاريع، وأن السلسلة سيبدأ دفعها بعد شهر من الآن، بغض النظر عمّا إذا كانت قد أقرّت الموازنة العامة أم لم تقر، وشدّد على اننا لا نفرض ضرائب على الطبقات الوسطى والفقيرة، قاطعاً بذلك الطريق على محاولة تصوير البعض نفسه بأنه «لا ينام وهناك جائع».
اما أبرز المواد التي أخذت حيزاً من النقاش فكانت المادة 13 المتعلقة بالاشغال غير القانوني للاملاك البحرية، حيث اعتبر بعض النواب ان الغرامة بمثابة مكافأة المعتدين على هذه الأملاك، ما استدعى توضيحاً من وزير المال علي حسن خليل أكّد فيه «اننا لسنا في صدد تسوية المخالفات بل في صدد فرض غرامة مالية من دون اعطائهم أي حق مكتسب»، فيما رأى الرئيس الحريري ان هذه الخطوة كان يجب ان تحصل من 20 عاماً.
وقدرت مصادر نيابية بأن هذه الغرامات يمكن ان توفّر للخزينة نحو 100 مليون دولار سنوياً.
وإلى هذه المادة، خاض الرئيس فؤاد السنيورة نقاشاً واسعاً متشعباً حول تخفيض الرسوم على إعادة التخمين في المؤسسات والمصارف الخاضعة بطريقة التكليف بالربح الحقيقي، من 15 في المائة إلى خمسة، فاعترض نواب «حزب الله» و«اللقاء الديمقراطي» مطالبين بإبقائها كما هي، لكن الرئيس برّي اقترح ان تكون 12 في المائة، وانتهى النقاش على غرامة بنسبة 10 في المائة.
وخلال الجلسة، أقرت كل الضرائب المتعلقة بهذا الملف، بحيث لفت برّي إلى ان «الضرائب التي ستقر ستدخل إلى خزينة الدولة لتنفيذ المشاريع».
كما تمّ إقرار قانون الاشغال غير القانوني للاملاك البحرية وهو يوفّر نحو 100 مليون دولار سنوياً، إلى جانب إقرار الرسوم الضريبية على المسافرين عبر الجو، وهي 60 ألف ليرة للدرجة السياحية و110 آلاف لدرجة رجال الأعمال و150 ألف للدرجة الأولى و400 ألف لمن يسافر على متن طائرة خاصة.
واقر المجلس أيضاً الضرائب على شركات الأموال والشركات المسجلة في البورصة، وعلى الودائع المصرفية.
وفيما يلي الضرائب التي اقرها مجلس النواب لتمويل السلسلة:
– إقرار المادة 10 بتعديل نصها لناحية فرض رسم 5000 ليرة على المسافرين غير اللبنانيين لدى دخولهم الاراضي اللبنانية.
– اقرار المادة 11 بالغاء الرسوم على بطاقة السفر السياحية وابقاء الرسوم بقيمتها الحالية اي 60000 ليرة.
-اقرار المادة 12 المتعلقة بزيادة رسم مقطوع على كل مستوعب يدخل المرفأ.
– إقرار المادة 13 المتعلقة بفرض غرامات على الأملاك العمومية البحرية وهي تدر حوالي مئة مليون دولار سنويًّا.
-اقرار المادة 14 المتعلقة بإخضاع جوائز اليانصيب لرسم نسبي قدره 20 بالمئة من قيمة الجوائز والبدء بمناقشة المادة 15 المتعلقة بقانون ضريبة الدخل.
– إقرار المادة 15 مع الإبقاء على نسبة التخمين على الشركات والمؤسسات الخاصة 10 بالمئة.
– اقرار المادة 16 لناحية فرض رسم على عقود البيع العقاري بنسبة 2 بالمئة.
– اقرار المادة 17 لناحية فرض ضريبة قدرها 17 بالمئة على ارباح شركات الاموال.
-اقرار المادة 18 والتي بموجبها ألغي العفو الذي كانت تحظى به بعض شركات الاموال المسجلة بالبورصة بنسبة 5 بالمئة وعادت الضريبة الى 10 بالمئة.
وفيما رفع الرئيس برّي الجلسة من دون تحديد موعد آخر لها، رغم انه كان على جدول الأعمال أكثر من 28 بنداً، لوحظ ان الرئيس ميشال عون كشف لوفد اعلامي اقتصادي انه كان يفضل إقرار الموازنة ومن بعدها السلسلة، بعد تحديد موارد تمويلها، لافتاً إلى ان الجميع يفتش اليوم عن ايرادات لتمويل هذه السلسلة في وقت كان من الأفضل ان تؤمن الإيرادات مسبقاً.
تداعيات السلسلة
اما أول تداعيات السلسلة فكان رفض مجلس القضاء الأعلى المس بصندوق تعاضد القضاة في مشروع تمويل السلسلة، ودعا القضاة العدليين إلى الاعتكاف عن العمل القضائي باستثناء النظر في قضايا الموقوفين اعتباراً من صباح اليوم إلى حين اجراء المعالجة التشريعية.
واللافت في هذا السياق، هو الزيادات الكبيرة التي ستطرأ على الرواتب والأجور بنسب تصل إلى حدود 100 في المائة.
وعلى سبيل المثال، فإن راتب القاضي من درجة 22 يبلغ حالياً مليونين ومائة ألف ليرة، سيصل بعد إقرار السلسلة إلى أربعة ملايين و100 ألف ليرة، اما راتب أساتذة الجامعة، فإن الأستاذ الذي يبلغ راتبه حالياً مليونين و75 ألف ليرة سيصل إلى ثلاثة ملايين و700 ألف ليرة، واستاذ المدرسة من الدرجة الأخيرة أي الأعلى سيصل راتبه إلى خمسة ملايين و297 ألف ليرة، بعد ان كان ثلاثة ملايين و360 ألف ليرة.
وبالنسبة لموظفي الفئة الأولى، فإن راتب المدير العام الذي هو حالياً 4 ملايين و905 آلاف ليرة سيصبح تسعة ملايين و85 ألف ليرة.
وموظفو الفئة الثانية من مليوني و681 ألف ليرة إلى 6 ملايين و700 ألف ليرة، والفئة الثالثة من مليونين و83 ألف ليرة إلى 4 ملايين و415 ألف ليرة، والفئة الرابعة من مليون و740 ألف ليرة إلى 2 مليون و442 ألف ليرة.
اما بالنسبة للعسكريين، فإن راتب الجندي الذي يبلغ حالياً 655 ألف ليرة سيبصح بعد السلسلة 982 ألف ليرة، والرتيب من 756 ألف ليرة إلى مليون و187 ألف ليرة والملازم من مليون و250 ألف ليرة إلى مليون و500 ألف ليرة، والرائد من 2 مليون و242 الفاً إلى 3 مليون و723 ألف ليرة، وسيصبح راتب العميد 4 ملايين و930 ألف ليرة بعد ان كان حالياً 3 ملايين و268 ألف ليرة.
مجلس الوزراء
إلى ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية برئاسة الرئيس عون في قصر بعبدا، يتوقع ان تقر التشكيلات الدبلوماسية التي رفعها وزير الخارجية جبران باسيل، وادرجت تحت البند رقم 36 في جدول الأعمال، الذي خلا من أي إشارة إلى آلية التعيينات، ولا إلى قضية تعيين مجلس إدارة تلفزيون لبنان، فيما حمل البند رقم 16 عنوان قضية معقدة تتعلق بوضع المدير العام للتعاونيات غلوريا أبو زيد في ضوء عرض وزير الزراعة غازي زعيتر طلب تعيين مدير عام جديد بدلاً من أبو زيد التي كانت اعترضت على منحها إجازة مفتوحة.
وأوضح زعيتر لـ«اللــواء» انه رفع ملفاً متكاملاً وموثقاً في ما خص وضع أبوزيد، نافياً وجود أي منازلة بينه وبينها، لافتاً في الوقت عينه إلى اشكالية في مرسوم تعيينها، بما يفترض أن تكون المنازلة بينها وبين القانون.
وإذ نفى زعيتر وجود أي خلاف شخصي مع أبوزيد، كشف انه في الملف الذي أرسله في شهر آذار الماضي اقترح إعادتها إلى المشروع الأخضر. ولم يشأ التأكيد ما إذا كان كرر هذا الاقتراح. كما تحفظ عن ذكر الاسم الذي اقترحه لتعيين بديل عنها، داعيا إلى انتظار ما سيتقرر في شأن هذا الملف. وأعاد القول: القرار يتخذ في مجلس الوزراء .
وعلمت «اللــواء» ان الاسم المقترح من آل عون ويشغل منصب رئيس دائرة في الوزارة.