مرَّ قطوع سلسلة الرتب والرواتب في مجلس النواب بإقرار هذا المشروع البالغ الأهمّية وظيفياً وإدارياً، والشديد الحساسية على صعيد المالية العامة ووضعِ خزينة الدولة. من الناحية العملية صارَت السلسلة قانوناً، ووجهُ الشبه كبير بينه وبين القانون الانتخابي الجديد الذي أقِرّ ولم تُفهَم تفاصيله حتى الآن حتى مِن قبَل النواب الذين أقرّوه، إذ إنّ السلسلة أُقِرّت، لكنّ الصيغة النهائية التي خرَجت فيها ما زالت مبهَمة وتتطلب الشرح والتوضيح الفوري، بعدما ضاعت الصورة الحقيقية في النقاشات المستفيضة والتجاذبات والكيدية والصراخ الذي حَكم النقاش النيابي والوزاري في الهيئة العامة للمجلس.
إذاً، أقِرّت السلسلة وستُصبح قانوناً نافذاً ومعمولاً به بعد نشرِه في الجريدة الرسمية، لكنّ السؤال؛ هل حقّقَ إقرار السلسلة المُراد منها، وأعطى الحقّ لمن يَعتبر نفسَه مستفيدا منها؟ حتى النوّاب المشاركون في جلسة الأمس، خرجوا من الجلسة «مِثل الأطرش بالزفّة» ويقِرّ بعضُهم بعدم استيعاب ما جرى، وبالتالي لا يستطيعون شرح ماذا فعلوا، وماذا حصل؟ وماذا أقرّوا؟
وعلامَ وافقوا في جلسة تحوَّلت في بعض مفاصلها بازاراً سياسياً - انتخابياً وسجالاتٍ على البديهيات وتشاتماً كيدياً من قلوب سياسية مليانة، وأخطرُ ما فيها استحضار الجيش مجدّداً وتصويب السهامِ عليه لغايات عليها ألفُ علامة استفهام، وأقلُّ ما يُقال فيها أنّها مشبوهة؟!
في المبدأ الموظّف يريد سلسلة تنصِفه وتعطيه حقَّه الطبيعي، ولا يريد سلسلةً تلتفّ على رقبته وتَخنقه في حياته ولقمةِ عيشه. في الشكل تبدو الصورة ورديةً بأنّ مجلس النواب أقرّ حقّاً مزمناً ومستحقاً للموظفين في الإدارة العامة، ولكن ماذا عن الجوهر؟ وكيف تأمَّنت ملياراتها؟ ومن أين؟ هل من «خزينة سحرية» أم من مغارة «علي بابا» وما فيها من غالٍ ونفيس وجواهر وياقوت وغير ذلك من أحجار كريمة؟
أم مِن ضرائب ورسوم جديدة كيفما جرى اللفّ والدوران حولها أو تجميلُ صورتها والتخفيف من وطأتها وعبئها، لا تصيب في النهاية سوى الضحية الدائمة لها وهي جيوب الناس.
ومع ذلك يأتي مِن أهل السلطة مَن يقول أنْ لا ضرائب على الناس، فيما هذا الكلام أقربُ إلى مزحة ثقيلة وسمجة، تعكس حقيقةً مرّة بأنّ الكلّ يضحك على الناس بشعارات الحِرص والعناوين الأكبر من إصلاحية!
عندما طرِحت السلسلة قبل أشهر وأحيلَت إلى اللجان المشتركة، وسعِد بها من يعتبرون أنفسَهم مستفيدين منها، على رغم اقترانها بجدول ضريبي جديد على الناس في شتّى المجالات، وعلى رغم تلقّفِها السريع من الحيتان والغيلان، الذين تحرّكوا بلا حسيب أو رقيب إلى احتواء أرقامها بتقديم نموذج سلبي مسبَق عمّا قد يكون، برفع أسعار السِلع، والمواد الغذائية والتموينية على اختلافها - والتسعيرة الجديدة التي وضعوها ما زالت سارية حتى الآن- وبالتالي ضاعت إيجابيات السلسلة قبل إقرارها، فكيف هو الحال مع إقرارها ونفاذها الآن؟
هذا هو السؤال الطبيعي بعد إقرار السلسلة، وكذلك عن آثارها الإيجابية والسلبية ومن يستفيد من عطاءاتها ومَن لا يستفيد، وما الثمن الذي سيَدفعه المواطن بعد هذه الخطوة؟
والسؤال الأكثر من ملِحّ هو ما هي آثارها على خزينة الدولة وما مدى ملاءمتِها وانسجامها مع شعار «السلامة المالية» الذي يجري التباري على رفعِه منذ أيام؟ وأيّ جدوى من سلسلة إنْ لم تكن صلبة ومحصّنة، ولا تترتّب عنها أيّ أعباء على مالية عامة مرهَقة أصلاً؟
مِن خلال مواقف وآراء خبراء الاقتصاد، من الواضح أنّ المخاطر الاقتصادية سترتفع، وسيكون مصير المالية العامة للدولة على المحكّ.
والخشية الكبرى هي مِن أنّ القدرة الشرائية للمواطن ستتراجع الى مستويات مُقلِقة، بحيث ما «أعطته الدولة» بيدٍ ستأخذ أضعافَه باليد الأخرى.
والأدهى من كلّ ذلك ذلك، أنّ قسماً كبيراً من المواطنين سيؤخَذ منه دون أن يُعطى. وقد يكون التوصيف الذي أعطاه الخبير الاقتصادي لويس حبيقة هو الأدقّ، إذ قال لـ«الجمهورية»: «إنّ الدولة تُعاقب جميعَ المواطنين، ومِنهم مَن لن تَطاله السلسلة والذي سيتحمّل ضرائبَ إضافية على رغم أنّه لم يحصل على أيّ زيادة في الأجور».
واعتبَر أنّ المقاربة التي تعتمدها الدولة في ملفّ السلسلة خاطئة، «فإعطاء المواطنين السلسلة من ناحية وفرضُ الضرائب عليهم من ناحية أخرى، هو عملية استخفافٍ بعقول المواطنين، الأجدى عدم إقرار السلسلة».
وأوضَح أنه يمكن تمويل السلسلة من دون فرضِ ضرائب إضافية عبر تخفيض الإنفاق العام، «إلّا أنّ هذا الأمر يرفضه السياسيون لأنّه يَمسّ بمنافعهم الشخصية».
وفي تحذير من المخاطر على الاقتصاد والمالية العامة قال الخبير الاقتصادي مروان اسكندر لـ«الجمهورية» إنّ الدولة لا تبحث في معالجة الأمور الجوهرية التي تساهم في رفعِ القدرة الشرائية للمواطنين، ولا تُمعِن التفكيرَ في أسباب تدهورِ الوضع الاقتصادي، «بل إنّ الطبقة الحاكمة تَعتبر أنّ باستطاعتها الاستدانة بقدر ما تشاء».
ولفتَ إلى أنّ القدرة الشرائية للمواطنين لن ترتفع طالما إنّ المواطن يدفع كلفةً مضاعفة للكهرباء، والمياه، والطبابة، والتعليم... (تفاصيل ص13)
أسعار السلع ترتفع
وعلى جاري العادة في لبنان في حالات كهذه، فإنّ المرجّح، لا بل الأكيد، أن يؤدّي إقرار السلسلة والضرائب المتّصلة بها إلى تراجعِ مؤشّر الثقة في لبنان، حيث كِلفة السلسلة التي قد تزيد على المليار دولار سنوياً، قد تؤدّي إلى ارتفاع نسبة التضخّم في الأشهر المقبلة، خصوصاً أنّ مخاطر التضخّم المستورَد قد زادت في الأسابيع الأخيرة في ظلّ ارتفاع اليورو الذي سيَظهر جليّاً على أسعار الاستهلاك محلّياً.
ومع ارتفاع اليورو بنسبة 10٪ في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي مقابل الدولار الاميركي الذي ترتبط به الليرة اللبنانية، تَجدر الإشارة إلى أنّ 33.2٪ من واردات لبنان، أي ما يعادل 2.1 مليار دولار، كان مصدرها منطقة اليورو في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2017. ممّا يعني أنّ أسعار السِلع ستبدأ بالارتفاع وستنحدر القدرة الشرائية للمواطن.
وكان المجلس النيابي قد عَقد جلسةً أمس على جولتين نهارية ومسائية، أقرَّ فيها مشروع السلسلة مع إدخال بعض التعديلات عليها، على أن تُستكمل الجلسة اليوم لدرس البند الثاني المتعلق بتمويلها.
تشكيلات ديبلوماسية
من جهة ثانية، وُجّهت الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر الخميس في قصر بعبدا وعلى جدول الأعمال 36 بنداً.
وفي الوقت الذي غابت التعيينات التلفـزيـونيـة حـضَـرت التعييـنات الديبلوماسية في البند الأخير كما أعدّتها وزارة الخارجية، وكذلك اقتراح لوزير الزراعة بتعيين البديل من مدير عام التعاونيات كلوديا أبي زيد ورئيس اللجنة الإدارية لمكتب تنفيذ المشروع الأخضر وعضو فيه.
وعلامَ وافقوا في جلسة تحوَّلت في بعض مفاصلها بازاراً سياسياً - انتخابياً وسجالاتٍ على البديهيات وتشاتماً كيدياً من قلوب سياسية مليانة، وأخطرُ ما فيها استحضار الجيش مجدّداً وتصويب السهامِ عليه لغايات عليها ألفُ علامة استفهام، وأقلُّ ما يُقال فيها أنّها مشبوهة؟!
في المبدأ الموظّف يريد سلسلة تنصِفه وتعطيه حقَّه الطبيعي، ولا يريد سلسلةً تلتفّ على رقبته وتَخنقه في حياته ولقمةِ عيشه. في الشكل تبدو الصورة ورديةً بأنّ مجلس النواب أقرّ حقّاً مزمناً ومستحقاً للموظفين في الإدارة العامة، ولكن ماذا عن الجوهر؟ وكيف تأمَّنت ملياراتها؟ ومن أين؟ هل من «خزينة سحرية» أم من مغارة «علي بابا» وما فيها من غالٍ ونفيس وجواهر وياقوت وغير ذلك من أحجار كريمة؟
أم مِن ضرائب ورسوم جديدة كيفما جرى اللفّ والدوران حولها أو تجميلُ صورتها والتخفيف من وطأتها وعبئها، لا تصيب في النهاية سوى الضحية الدائمة لها وهي جيوب الناس.
ومع ذلك يأتي مِن أهل السلطة مَن يقول أنْ لا ضرائب على الناس، فيما هذا الكلام أقربُ إلى مزحة ثقيلة وسمجة، تعكس حقيقةً مرّة بأنّ الكلّ يضحك على الناس بشعارات الحِرص والعناوين الأكبر من إصلاحية!
عندما طرِحت السلسلة قبل أشهر وأحيلَت إلى اللجان المشتركة، وسعِد بها من يعتبرون أنفسَهم مستفيدين منها، على رغم اقترانها بجدول ضريبي جديد على الناس في شتّى المجالات، وعلى رغم تلقّفِها السريع من الحيتان والغيلان، الذين تحرّكوا بلا حسيب أو رقيب إلى احتواء أرقامها بتقديم نموذج سلبي مسبَق عمّا قد يكون، برفع أسعار السِلع، والمواد الغذائية والتموينية على اختلافها - والتسعيرة الجديدة التي وضعوها ما زالت سارية حتى الآن- وبالتالي ضاعت إيجابيات السلسلة قبل إقرارها، فكيف هو الحال مع إقرارها ونفاذها الآن؟
هذا هو السؤال الطبيعي بعد إقرار السلسلة، وكذلك عن آثارها الإيجابية والسلبية ومن يستفيد من عطاءاتها ومَن لا يستفيد، وما الثمن الذي سيَدفعه المواطن بعد هذه الخطوة؟
والسؤال الأكثر من ملِحّ هو ما هي آثارها على خزينة الدولة وما مدى ملاءمتِها وانسجامها مع شعار «السلامة المالية» الذي يجري التباري على رفعِه منذ أيام؟ وأيّ جدوى من سلسلة إنْ لم تكن صلبة ومحصّنة، ولا تترتّب عنها أيّ أعباء على مالية عامة مرهَقة أصلاً؟
مِن خلال مواقف وآراء خبراء الاقتصاد، من الواضح أنّ المخاطر الاقتصادية سترتفع، وسيكون مصير المالية العامة للدولة على المحكّ.
والخشية الكبرى هي مِن أنّ القدرة الشرائية للمواطن ستتراجع الى مستويات مُقلِقة، بحيث ما «أعطته الدولة» بيدٍ ستأخذ أضعافَه باليد الأخرى.
والأدهى من كلّ ذلك ذلك، أنّ قسماً كبيراً من المواطنين سيؤخَذ منه دون أن يُعطى. وقد يكون التوصيف الذي أعطاه الخبير الاقتصادي لويس حبيقة هو الأدقّ، إذ قال لـ«الجمهورية»: «إنّ الدولة تُعاقب جميعَ المواطنين، ومِنهم مَن لن تَطاله السلسلة والذي سيتحمّل ضرائبَ إضافية على رغم أنّه لم يحصل على أيّ زيادة في الأجور».
واعتبَر أنّ المقاربة التي تعتمدها الدولة في ملفّ السلسلة خاطئة، «فإعطاء المواطنين السلسلة من ناحية وفرضُ الضرائب عليهم من ناحية أخرى، هو عملية استخفافٍ بعقول المواطنين، الأجدى عدم إقرار السلسلة».
وأوضَح أنه يمكن تمويل السلسلة من دون فرضِ ضرائب إضافية عبر تخفيض الإنفاق العام، «إلّا أنّ هذا الأمر يرفضه السياسيون لأنّه يَمسّ بمنافعهم الشخصية».
وفي تحذير من المخاطر على الاقتصاد والمالية العامة قال الخبير الاقتصادي مروان اسكندر لـ«الجمهورية» إنّ الدولة لا تبحث في معالجة الأمور الجوهرية التي تساهم في رفعِ القدرة الشرائية للمواطنين، ولا تُمعِن التفكيرَ في أسباب تدهورِ الوضع الاقتصادي، «بل إنّ الطبقة الحاكمة تَعتبر أنّ باستطاعتها الاستدانة بقدر ما تشاء».
ولفتَ إلى أنّ القدرة الشرائية للمواطنين لن ترتفع طالما إنّ المواطن يدفع كلفةً مضاعفة للكهرباء، والمياه، والطبابة، والتعليم... (تفاصيل ص13)
أسعار السلع ترتفع
وعلى جاري العادة في لبنان في حالات كهذه، فإنّ المرجّح، لا بل الأكيد، أن يؤدّي إقرار السلسلة والضرائب المتّصلة بها إلى تراجعِ مؤشّر الثقة في لبنان، حيث كِلفة السلسلة التي قد تزيد على المليار دولار سنوياً، قد تؤدّي إلى ارتفاع نسبة التضخّم في الأشهر المقبلة، خصوصاً أنّ مخاطر التضخّم المستورَد قد زادت في الأسابيع الأخيرة في ظلّ ارتفاع اليورو الذي سيَظهر جليّاً على أسعار الاستهلاك محلّياً.
ومع ارتفاع اليورو بنسبة 10٪ في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي مقابل الدولار الاميركي الذي ترتبط به الليرة اللبنانية، تَجدر الإشارة إلى أنّ 33.2٪ من واردات لبنان، أي ما يعادل 2.1 مليار دولار، كان مصدرها منطقة اليورو في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2017. ممّا يعني أنّ أسعار السِلع ستبدأ بالارتفاع وستنحدر القدرة الشرائية للمواطن.
وكان المجلس النيابي قد عَقد جلسةً أمس على جولتين نهارية ومسائية، أقرَّ فيها مشروع السلسلة مع إدخال بعض التعديلات عليها، على أن تُستكمل الجلسة اليوم لدرس البند الثاني المتعلق بتمويلها.
تشكيلات ديبلوماسية
من جهة ثانية، وُجّهت الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر الخميس في قصر بعبدا وعلى جدول الأعمال 36 بنداً.
وفي الوقت الذي غابت التعيينات التلفـزيـونيـة حـضَـرت التعييـنات الديبلوماسية في البند الأخير كما أعدّتها وزارة الخارجية، وكذلك اقتراح لوزير الزراعة بتعيين البديل من مدير عام التعاونيات كلوديا أبي زيد ورئيس اللجنة الإدارية لمكتب تنفيذ المشروع الأخضر وعضو فيه.