عانت في حياتها، وتألمت عند مماتها. نازعت قبل أن تسلمَ الروح نتيجة مادّة سامة شربتها عن قصد أو ربما مرغمة، قبل أن يعثر عليها جثة ممددة أرضاً في مرآب للسيارات في حارة صخر. هي تريز خ.، التي أُغلق كتاب حياتها عن 43 عاماً من دون أن يعرف بعد من كتب سطره الأخير؛ هي أم شخص آخر؟
فرضية الانتحار
لا يستبعد أهل تريز أن تكون قد أقدمت على الانتحار، لا سيما أنها كما قال قريبها "حاولت في مرات سابقة أن تنتحر، تدخلنا لمعرفة السبب ومساعدتها لعدم إعادة الكرّة، لكن للأسف لم يمنعها ذلك من الإقدام على هذه الخطوة. لن نحسم أمر انتحارها، ننتظر التحقيق، وما ستظهره الكاميرات في المنطقة، فكل ما نريده اليوم معرفة الحقيقة". كذلك قالت قريبتها: "مرّت تريز في ظروف قاسية، وكأن مشاكل الكون اجتمعت على كتفيها، فمن المستحيل أن يأخذ إنسان قراراً بمغادرة الحياة إن لم تكن همومه فاقت قدرة الجبال على تحمّلها، لكنّ أمر انتحارها غير مؤكد فلربما هناك ملابسات لم تضَحْ بعد".
خلافات زوجية
على بعد نحو 2 كلم من منزلها، لفظت تريز آخر أنفاسها؛ رحلت وحيدة، كما عاشت وحيدة من دون أولاد، إذ لم يرزقها الله بطفل يخفف آلامها. قالت قريبتها "بعد مشاكل عدة مع زوجها، تركت بيتها الزوجي وعادت إلى منزل والديها، حيث عملت على الاهتمام بهما، لكون والدها حنّا مصاباً بفالج، أما والدتها ماري فخضعت إلى عملية قلب مفتوح". خلافات تريز مع زوجها لم ينكرها الأخير، لكنه رفض الإفصاح عنها حيث قال "هذه أمور خاصة أحتفظ بها لنفسي".
صعوبات مادّية
"عملت ابنة حارة صخر في محل 1$ في المنطقة، ظروفها المادّية كانت صعبة للغاية، لم تكن سعيدة بحياتها، ربما لذلك كانت هادئة وانطوائية"، قالت قريبتها قبل أن تضيف: "حاولت كثيراً أن أغوص في أعماقها لأعرف ما الذي يزعجها إلى هذه الدرجة، وأسفر عن كل المشاكل النفسية التي عانتها، لكنها كانت كتوماً ترفض أن تعبّر عمّا في داخلها، حتى وصلنا خبر مماتها، ما شكّل صدمة لنا. خسارتها كبيرة، فهي من كرّست حياتها لخدمة والديها اللذين عندما عرفا بالخبر من وسائل الإعلام في التلفزيون، صعقا وكاد أن يغمى عليهما".
تكتّم كبير
كل من عرف تريز تكتّم كثيراً على الموضوع، إذ رفض الجميع الحديث عن أي أمر يتعلق بها حتى لو كان سطحياً، منهم زميلها في العمل، الذي برر ذلك "لا أريد وجع رأس". كذلك حال من سُئل من جيرانها، حيث كان الجواب متشابهاً "نفسها في السماء، كل ما يمكن القيام به أن نصلي لراحة نفسها، وأن نقدم واجب العزاء الذي قررته العائلة قبل الدفن وبعده واليوم في كنيسة سيدة المعونات حارة صخر، وغداً في كنيسة تجلي الرب - شكا حي البحر".
نفضت تريز الهموم عن كتفيها، أغمضت عينيها، ورحلت من دون أن تودّع أحداً. وكما كانت غامضة في حياتها لا تزال ملابسات وفاتها قيد التحقيق في فصيلة جونيه. وبحسب ما قاله مصدر أمني لـ"النهار": "ما هو أكيد أن سبب وفاتها مادّة سامّة وجدت داخل جسدها، لكن إلى الآن لم نحسم إن كانت هي من انتحرت أم لا"!