أكثر من 72 ألف مريض يعانونقصور القلب في لبنان، "المرض المنسي"، وفق الأطباء المعنيين، لذلك كان لقاء علمي دعت إليه الجمعية اللبنانية لطبّ القلب و"نوفارتس"، عنوانه "ردم الهوة في التصدي لمرض قصور القلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: مع التركيز على لبنان"، وشارك فيه خبراء مكافحة مرض قصور القلب لتحديد أولويات العمل لتحسين مستويات الرعاية المحلية، وتعزيز فاعلية التدخّل الطبي، والسياسات الطبية التي تهدفإلى خدمة المريض، كماسلط الضوء على تقرير خريطة الطريق لمكافحة المرض.
وعرض الاختصاصيون نتائج التقرير، وهي دراسة معمّقة أجرتها شركة "هيلث بوليسي بارتنرشيب" الاستشارية. وقوّمت الحاجات التي لا تتم تلبيتها والعراقيل والفرص لتغيير السياسات لخفض معدلات المرض والوفيات بين مرضى قصور القلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكان أطلق"تحالف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمكافحة قصور القلب"منذ فترة، وهو المجموعة الإقليمية الأولى المتخصصة بعلاج هذا المرض،يركز على مكافحته ووضع خريطة طريق للإجراءات ذات الأولوية، وتطوير التدخلات والسياسات المعتمدة محلياً المنسجمة مع مجالات التركيز الأساسية التي حدّدتها نتائج تقرير خريطة الطريق.
وأشار التقرير إلى التحديات التي تواجهها المنطقة لجهة نسب انتشار المرض، مما يتطلّب اتخاذ إجراءات تختلف من دولة إلى أخرى،وفق النتائج الإحصائية الخاصة بكلٍ منها. وبينت الدراسات أنّ معدلات إعادة الاستشفاء أعلى بكثير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالمقارنة مع الدول الأخرى. وينجم عن حالات إعادة الاستشفاء هذه تكبد تكاليف باهظة يمكن تجنّبها في كثير من الأحيان.
وخلال اللقاء، تم تحديد الأولويات الرئيسية لعلاج قصور القلب في لبنان، والتي تضمنت: مراجعة السياسات ذات الصلة بشكلٍ يضمن تشخيص المرض في الوقت المناسب وتعديلها، وتقديم مسارات الرعاية المثالية والمستمرة بعد الخروج من المستشفى، والسعي إلى تطوير جهود مكافحة قصور القلب كأولوية قصوى.
وقال الاختصاصي في أمراض القلب الدكتور هادي سكوري: "يشكّل مرض قصور القلب وباء لا يستثني أي منطقةٍ من العالم، وبخاصة الشريحة الشابة من سكان منطقة الشرق الأوسط التي تمتلك النسبة الأعلى من عدد المصابين حول العالم، بحيث يصاب سكانها بقصور القلب في سنّ أصغر 10 سنوات بالمقارنة مع نظرائهم في الدول الغربية، وعلى الرغم من التحسّن الكبير في عمليات تشخيص المرضى الذين يعانون أمراض الشريان التاجي وشفائهم، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب الخلقية، ما زال انتشار الإصابة بقصور القلب في ازدياد مستمر".
وبيّنت الدراسة انخفاض مستوى الوعي بقصور القلب بين الجمهور، ومتخصصي الرعاية الصحية وصنّاع السياسة، مما يؤثر في مختلف جوانب العناية بالمرضى، إلى جانب ندرة المواد التعليمية في أغلب الأحيان، وعدم توافر الدعم المناسب لمساعدة المرضى ومزوّدي خدمات الرعاية الصحية القادرين على تقديم الدعم الملائم لهم. وقد يؤدي هذا إلى تأخر المريض في طلب الحصول على العلاج، واللجوء إلى المستشفيات بشكل أكثر تواتراً، وعدم توافر عناية ذاتية كافية، أو الحد من قدرة المرضى على اتخاذ قرارات الرعاية أو العلاج.
وغالباً ما تحدث الإصابة بقصور القلب إثر معاناة عضلته من ضعف مفاجئ جرّاء أزمةأو أحد الأمراض الأخرى التي تؤثر في القلب، أو نتيجة لتلف متنامٍ تدريجاً جرّاء الإصابة بالسكّري، أو ارتفاع ضغط الدم أو مرض الشريان التاجي. وفرط شحوم الدم الذي يؤدي إلى حدوث مرض الشريان التاجي والتدخين وتعاطي المخدرات ومضغ القات والسمنة المفرطة.
وقالرئيس الجمعية اللبنانية للقلبالدكتور أنطوان سركيس: "تمكّنا اليوم من التوصل إلى خريطة طريق واضحة المعالم تتيح لنا التعامل بفاعلية أكبر مع مرض قصور القلب في لبنان. ومن خلال العمل مع مجموعة واسعة من الأطباء المتخصصين في مجال الرعاية الصحية متعددة التخصصات، يمكننا زيادة مستويات التوعية بهذا المرض، وضمان قدرة المرضى ومتخصصي الرعاية الصحية على اتخاذ قراراتواعية في إدارة المرض ومعالجته.يمثل جمع البيانات الشاملة والدقيقة حول أعباء قصور القلب في لبنان أهميةً خاصةً بالنسبة لنا، في اعتبار أنّ محدودية هذه البيانات وعدم متابعة المرض بالشكل الملائم يمثلان السبب الرئيسي لقلة الاهتمام بتشخيص المرض وعلاجه والوقاية منه.
قال الرئيس السابق للجمعيةالدكتور صبحي الدادا: "يعتبر قصور القلب المسبّب الأول لدخول المستشفى حول العالم بين الأشخاص الذين تخطّت أعمارهم 65 عاماً، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية على المرضى وعائلاتهم. ويتوقع ارتفاع الضغوط الناجمة عن قصور القلب. لا بد من العمل لوضع الأطر الناظمة والسياسات الصحية لدعم جهود مواجهة الأمراض القلبية الوعائية وتضمن مرض قصور القلب في هذه الأطر الصحية".
وقال الاختصاصي في امراض القلب الدكتور طوني عبد المسيح: "يسهم إدراك الجوانب الاجتماعية والثقافية التي تؤثر في المرض بالمساعدة على تطوير تدخلات وسياسات يمكن تطبيقها محلياً. وينبغي أن تسارع الحكومات لاتخاذ إجراءات محددة تنسجم مع حاجات المنطقة وكل دولة على حدة، وظروفها".