ما يجري في بلدة عرسال وجرودها لا يمكن فصله عما جرى ويجري في مدينة الموصل في العراق بعد تحريرها من تنظيم داعش الذي عاد فيها لثلاث سنوات فسادا وتنكيلا بأهلها وقتلا لكل معالم الحياة فيها وتهجيرا وذبحا لسكانها واغتصابا وسبيا لنسائها ودمارا وتخريبا وطمسا لكل معالم الحضارة فيها بإزالة آثارها القديمة. وعما يجري في مدينة الرقة السورية بعد إعلان قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية عن دخول عناصر من التنظيمات المسلحة المدعومة من التحالف إلى هذه المدينة بمواكبة قوات أميركية إثر الضربات الجوية المتتالية والمكثفة التي قامت بها دول التحالف واستهدفت المواقع والمراكز الأمنية والعسكرية التابعة لتنظيم داعش وحتى المنشآت الاقتصادية كالمحطات النفطية التي يستخدمها هذا التنظيم الارهابي كمورد أساسي لتمويل عناصره وعملياته التفجيرية ومشروعه ولتأمين ما يحتاجه من آليات وسلاح وغيره كانت أهداف لضربات التحالف.
فعمليات المداهمة التي قامت بها القوى الامنية اللبنانية من أجهزة مخابرات تابعة للجيش وألوية وشعبة معلومات واستهدفت مخيمات للاجئين السوريين في جرود عرسال حيث تم إلقاء القبض على عشرات العناصر الإرهابية من تنظيم داعش وجبهة النصرة ومن يدور في فلكهما وممن ثبت تورطها ومشاركتها في عمليات تفجير في عدة مناطق على الأراضي اللبنانية واستهدفت مراكز ومؤسسات مدنية وحواجز للجيش اللبناني وخاصة في منطقة البقاع الشمالي وما يرافق ذلك من تسيير قوافل للنازحين السوريين للعودة إلى ديارهم واقامتهم في أماكن آمنة حيث يتولى الجيش مواكبة العائلات السورية الراغبة في العودة إلى بلدها وايصالها حتى آخر مركز تابع للجيش على الحدود اللبنانية السورية في جرود السلسلة الشرقية حيث يتابعوا انتقالهم إلى الداخل السوري.
إقرأ أيضًا: تباين الرؤية اللبنانية للأزمة السورية
وفي هذا المعنى يمكن الاستشفاف من خلال الأحداث التي تدور رحاها في المنطقة وخصوصا في العراق وسوريا ولبنان أنه يمكن اعتبار أحداث بلدة عرسال وما يجري في مخيمات النازحين السوريين المنتشرة في جرودها وعودة العائلات السورية إلى بلادها محطة على خارطة الطريق التي تم رسمها دوليا واقليميا للقضاء على التنظيمات والمجموعات والخلايا الإرهابية من أمثال داعش والنصرة وامثالهما بعد أن أدت هذه الجماعات الإرهابية مهماتها الإجرامية من دمار وخراب وتفتيت للمجتمعات العربية وضرب للبنى الاقتصادية والاجتماعية في البلدان التي وطأتها أقدامها وكانت مسرحا لعملياتها ولنشاطاتها التخريبية بحيث استباحت كل المحرمات وطمست كافة الموازين والمقاييس السماوية والارضية.
فتنظيم داعش الذي يأتي على رأس الجماعات الإرهابية توحشا واجراما وتدميرا. وكان علامة فارقة في ما أطلق عليه بالربيع العربي فإنه لم يأت من فراغ بل تم استيلاده من تنظيم القاعدة على أيدي لوبيات ومنظمات عالمية والارجح صهيونية قد تكون خافية على الكثيرين لدرجة بدت وكأنها أشباح تتحرك في عالم مظلم ليقوم بوظيفة استطاع أن يؤديها بنجاح منقطع النظير بحيث تعجز أكبر الدول واعتى الدكتاتوريات واسوأ السياسات وأعظم الإمبراطوريات عن تحقيق ما استطاع داعش تحقيقه. وبلوغه هذا المستوى من التفتيت للمجتمعات العربية مذهبيا وطائفيا وقوميا والقضاء على الأحلام والآمال العربية بأي إمكانية لبناء وحدة تجمع العرب وضرب روح التحرر والاستقلال في نفس المواطن العربي وعلى أن تبقى الشعوب العربية رهينة بيد الدول الأجنبية الطامحة بثرواته.
وبعد أن أدت هذه الجماعات الإرهابية مهمتها فإنه يتم الإعداد والعمل على القضاء عليها تحت عنوان مكافحة الإرهاب بخطوط متوازية تبدأ من عرسال اللبنانية مرورا بالرقة السورية وصولا إلى الموصل العراقية. مع الاحتفاظ بماكينات التوليد وآلات الولادة وعمليات التلقيح. ليتم استيلاد جماعات أخرى لمهمات أخرى في المستقبل.