حتى الآن لم يُحدد موعد اجراء الانتخابات النيابية الفرعية في طرابلس وكسروان. منذ فترة، والاستحقاق مطروح، وبعد إقرار القانون الانتخابي الجديد وتحديد موعد الانتخابات العامة، أصبح محتماً اجراء هذه الانتخابات، وفق الدستور. ثلاث جلسات لمجلس الوزراء ولم يتم تحديد الموعد فيها، فيما وزير الداخلية نهاد المشنوق يؤكد أن هذا المرسوم لا يحتاج إلى الحكومة، وأن الانتخابات ستحصل وفق القانون الأكثري في أيلول 2017، على أن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قريباً. في المقابل، تفيد أجواء أخرى أن مسألة اجراء الانتخابات الفرعية لم تحسم بعد، ولا تزال تأخذ كثيراً من الجدل.
إذا لم تحصل الانتخابات الفرعية، فهذا يعني أن هناك مشكلة كبيرة لدى رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري، إذ سيظهران كأنهما يهربان من هذا الاستحقاق في منطقتين محسوبتين عليهما. كسروان، وهي الخزان السياسي والشعبي والنيابي للتيار الوطني الحر والدائرة التي كان عون نائباً عنها. وطرابلس هي الخزان الأساسي لتيار المستقبل. بالتالي، فإن مجانبة الهروب قد تحتّم اجراء هذه الانتخابات، إذا كان قياسها سيكون شعبياً. لكن لا شك أن هناك من يفكر بعقل أكثر برودة، ويعتبر أنه لا داع لاجراء هذه الانتخابات وتكبد تكاليفها، فيما بعدها بأشهر قليلة ستحصل الانتخابات العامة.
في الشق الدستوري فإن الانتخابات الفرعية يجب أن تحصل، ولا يمكن تخطّيها. والحالة الوحيدة التي تتيح تجنّبها، هي تحديد موعد لها من دون حصول معارك، أي عدم حصول ترشيحات، وبالتالي الفوز بالتذكية.
لكن هذا من المستحيلات، بالنسبة إلى القوات على الأقل، وبالنسبة إلى كثير من الأفرقاء في كسروان، الذين لن يسمحوا للعميد المتقاعد شامل روكز بالفوز بالتزكية، بل إن هناك جهوداً تنصب من أجل توحيد الجهود في مواجهة روكز، لإثبات الوجود في تلك المعركة. وقد تتوحد جهود قوى كثيرة، سياسية وعائلية في كسروان، خلف النائب السابق فريد هيكل الخازن، لمواجهة روكز. بعض هؤلاء يغالون في التفاؤل إلى حدّ بعيد، ويعتبرون أن حظوظ الفوز كبيرة جداً، رغم أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن روكز متقدم جداً، وليس هناك من ينافسه جدياً.
في المقابل، هناك من يعتبر أن هذا الاختبار سيفيد التيار الوطني الحر، وهو عبارة عن عرض عضلات للرئيس عون وقوته في كسروان. لكن بالنسبة إلى الحريري، هذا الاختبار لا يصب في مصلحته، خصوصاً في طرابلس، التي ستتحول إلى مطحنة انتخابية. ولا شك أنه لا يمكن منذ الآن التكهن بنتائج المعركة الانتخابية، لكن لا شك أنها ستكون سلبية بالنسبة إلى تيار المستقبل، خصوصاً أن هناك قوتين أساسيتين ستنافسه، هما الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي.
حتى الآن لا شيء محسوماً. لكن هناك من يعتبر أنه إذا كانت النيات صادقة وجدية جداً في مسألة اجراء الانتخابات الفرعية، فلماذا التأخير في تحديد موعدها؟ فيما هناك من يعتبر أن التأخير حصل وهذا صحيح، لكن إمكانية اجراء الانتخابات لاتزال قائمة.