لطالما كانت الأغنيات الهابطة حاضرة على الساحة الفنية،لها أهلها وجمهورها.حين غنّت مهى عبد الوهاب أغنيتها الشهيرة "عشفافي مرمغ شنباتك"، لم يكن ثمة جهاز تلفزيون ولا انترنت ولا مواقع تواصل اجتماعي، ولكن الفارق بين الأمس اليوم، هو أنّ جمهور الطرب الأصيل والفن الراقي كان واسعاً بالمقارنة مع جمهور اليوم الميّال بمعظمه إلى الأغنيات "الطقطوقة".
لعبت الثورة الرقمية دوراً سلبياًفي تزكية أغنيات الإيحاءات وركاكة الكلام وسوء اللحن، على حساب الفن الراقي والمعنى الجميل، فانحسر جمهور الأصالة لمصلحةجمهور الإسفاف والانحطاط. وغدت منصات التواصل الاجتماعي سوقاً مباحاً لكل أنواع السلع الرخيصة التي يتلقفها المتلقون بسرعة، وهم يدركون بأنّها غير صالحة للاستعمال.
صحيح أنّ فنانة "الدلع" اللبنانية جاكلين غنّت في الماضي "قوم طفي اللمبة،قوم نرقص سمبا"،لكنها لم تكن بوقاحة ما يجري تداوله اليوم على منصات التفاعل الاجتماعي.حينها، حاول الشاعر الكبير توفيق بركات مراعاة حياء المستمع لئلا يلوّث مسامع الناس. أما أخيراً، فانتبات المجتمع اللبناني "صدمة" عارمة نتيجة فيديو كليب جاد خليفة و #ميريام_كلينك بعد نشرهما أغنية هابطة بعنوان "Goal" عبر "يوتيوب"، وهو أمر لم يكن مجرد كرة تهزّ شِباكالمرمى، بل أشبه بعملية جنسية مختلفة الإيحاءات.
هذه الآفة التي تضرب الفن العربي أشبه بوباء مستشرٍ، ليست #مصر بمنأى عنه، إذ تظهر أعمال مصرية يشبه شكلها مضمونها لناحية"القبح" من كل جوانبه، حتى يصحّ القول "يا لهوي"!
على مدى يومين، تداول ناشطون عبر مواقع التواصل فيديو كليب أغنية اسمها "المرجيحة"، أثارت غضبهم، لكنها كانت سريعة الانتشار.
الأغنية التي استقت لحنها من التراث الشعبي، لم تخلُ من إشارات الجنس فالبطلة التي تفتقد الإطلالة والصوت ومخارج الحروف، تطلب من مؤدّي هذه الأغنية الركوب على "المرجيحة" أو "تفويت الـ Goal " لأن المعنى متطابق!
ناشطون رأوا أنّ الأغنية تعبّر عن الأحوال التي آل إليها المجتمع المصري، وسط معاناة اقتصادية وسياسية ينتج عنها هبوط في الذوق، في حين سأل آخرون عن "الطنط" مديحة والمنتج الذي قرّر التضحية بماله لإنتاج هكذا نوع من "الفن". هذه أعمال ليست بيتيمة،بل واحدة من لائحة تطول في معظم البلدان،لكنّ انتشارها بهذا الشكل يستوجب تحركاً سريعاً من أهل الفن والسلطة للحفاظ على آخر ما تبقّى للناس مما يتفاخرون به أمام العالم. اتركوا عملاقة الفن كأم كلثوم وصباح وفريد الأطرش وعبدالوهاب، إلخ... يهنأون في عليائهم.