طغى على الساحة الوطنية أمس صوت هدير المحركات التشريعية مع إعطاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري الضوء الأخضر لانطلاق قطار التشريع محمّلاً بجدول أعمال من 30 بنداً تتقدمها سلسلة الرتب والرواتب وإفادة المتعاقدين في الإدارات العامة من نظام التقاعد وتقديمات تعاونية موظفي الدولة، فضلاً عن اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تثبيت متطوعي الدفاع المدني. وبانتظار 18 و19 الجاري موعد انعقاد الهيئة العامة بأربع جلسات صباحية ومسائية لمناقشة وبحث الجدول التشريعي، استنفرت القوى السياسية كتلها النيابية لوضع اللمسات التوافقية الأخيرة على مشروع «السلسلة» الذي سيكون بدءاً من اليوم في سباق مع الزمن لإدخال بعض الإصلاحات على مضامينه تمهيداً لإقراره الثلاثاء المقبل، وذلك بالتوازي مع تسريع الخطوات النيابية والحكومية على حد سواء في سبيل إنجاز مشروع الموازنة العامة خلال الأيام المقبلة، سيما وأنّه بات عملياً تحت مجهر التدقيق بـ«الأرقام» عبر سلسلة الاجتماعات المكوكية التي تجريها لجنة المال والموازنة وستستكملها الأسبوع الطالع لدرس وإقرار الموازنة والموازنات الملحقة بها.

واليوم، يعقد ممثلو مختلف الكتل النيابية اجتماعاً في وزارة المالية لاستعراض الطروحات المتبادلة حيال سبل إدخال الإصلاحات المنشودة في متن مشروع سلسلة الرتب والرواتب بما في ذلك إعادة درس المسائل المتصلة بالمتقاعدين والضرائب والواردات التمويلية لكلفة السلسلة. وإذ أوضحت مصادر نيابية متقاطعة لـ«المستقبل» أنّ العمل جارٍ على قاعدة السعي إلى إحقاق التوازن بين إمكانيات الدولة وواجباتها إزاء تمويل السلسلة بعيداً عن إرهاق الطبقة الفقيرة وتحميلها أي أعباء إضافية، لفتت إلى أنه بموجب الترابط الحاصل بين إقرار السلسلة والموازنة من خلال إبقاء صرف تكاليف الأولى مرهوناً بإقرار الثانية، قد تتمكن لجنة المال والموازنة من تحقيق وفر مالي كبير من شأنه أن يؤدي إلى تعزيز موارد السلسلة والاستغناء تالياً عن فرض زيادة الواحد في المئة على الضريبة على القيمة المضافة لتمويلها، وأشارت إلى عدة توجهات في هذا المجال أبرزها التوجه نحو إلغاء المساعدات المقدمة إلى الجمعيات التي لا تتوخى الربح والبالغة قيمتها 397 مليار ليرة، فضلاً عن إعادة النظر في المبالغ المالية التي تدفعها الدولة لاستئجار المباني الحكومية وغيرها. علماً أنّ كلاً من «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» بما يمثلان رئاسياً وحكومياً من حرص مشترك على نجاح العهد وتطلعاته الإصلاحية، مصممان على إنجاز سلسلة الرتب والرواتب والموازنة بعد إدخال الإصلاحات اللازمة على المشروعين.

وعن مسألة «قطع الحساب»، آثرت المصادر انتظار ما ستقدم عليه الحكومة ووزارة المالية حيال هذه المسألة تجنباً لأي مخالفات وحفاظاً على الدستور وقانون المحاسبة العمومية.

على صعيد منفصل، أكدت مصادر وزارية من كتلة «التيار الوطني الحر» لـ«المستقبل» أنّ سلة تعيينات غير خلافية سيتم إقرارها الأسبوع المقبل في مجلس الوزراء وإن لم يتم التوافق على الآلية المتبعة في هذا المجال، لافتةً الانتباه إلى أنّ إصرار «التيار» على إقرار التعيينات الأسبوع المقبل مردّه إلى «الحاجة الملحة لعدم تأخيرها أكثر خصوصاً أنّ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري سوف يقوم بسلسلة زيارات رسمية خارجية في الفترة الآتية»، مع تلميحها في الوقت عينه إلى «وجود أطراف سياسية تتعمد تأخير ملء الشواغر الإدارية عبر التشدد بموضوع الآلية انطلاقاً من نيّة مبيّتة لديها تحاول إفشال العهد في مهمة إعادة تفعيل الإدارات الرسمية وتزخيم دورها المحوري في عملية النهوض بالدولة ومؤسساتها»