أولاً: جبران باسيل وفداء عيتاني... كلفة التّعرُّض للصحافة
لو أنّ جبران باسيل كظم غيظه، وظبط أعصابه، ولم يلجأ لمُقاضاة فداء عيتاني وتوقيفه، لكان خيراً له من هذه الفضيحة المضاعفة، فمقالة عيتاني الساخرة والممزوجة بالمرارة والسُّخط ، كان يمكن لها أن تمُرّ مرور الكرام لولا ما أثارهُ باسيل حولها، فقد ساهم التّعرُّض لعيتاني بنشر مقالته على نطاقٍ واسع، بغضّ النظر عن مضمونها، واطّلع عليها القاصي والداني ومن لم تكن لتخطر له على بال، وفاقم ذلك استنكار كمّ الأفواه والتّضييق على الحريات، وانبرى عددٌ وافر من الكتّاب والنّاشطين لكيل التُّهم للسيد باسيل ومنظومته القانونية، وخرجت بعض التعليقات الساخرة لتفوق التّعليق الأصلي هجوماً وقدحاً وذمّاً، وبالطبع لم يتمكن باسيل من وقف سيل الانتقادات أو مُقاضاة أصحابها.
إقرأ أيضا : الحريرية لماذا تبعد صقورها وتبرز حمائمها؟
ثانياً: يزيد بن معاوية... كلفة التّعرُّض للشعراء
قال يزيد لأبيه معاوية بن أبي سفيان وهو خليفة: إنّ عبدالرحمن بن حسّان يُشبّب بابنتك رملة، قال: وما يقول فيها؟ قال، يقول:
هي بيضاءُ مثل لؤلؤة الغوّا
ص صيغت من لؤلؤٍ مكنون
قال: صدق! قال، ويقول:
وإذا ما نسبتها لم تجدها
في ثناءٍ من المكارم دون
قال: صدق! قال، ويقول:
تجعلُ المسك واليتنجو
ج صلاءً لها على الكانون
قال: وصدق! قال، فإنّه يقول:
ثمّ خاصرتُها إلى القُبّة الخضراء
نمشي في مرمرٍ مسنون
قال: كذب! قال ،ويقول:
قُبّةٌ من مراجل ضربوها
عند برد الشتاء في قيطون.
قال معاوية: ما في هذا شيء. قال يزيد: تبعث إليه من يأتيك برأسه. قال: يا بُني،لو فعلتُ ذلك لكان أشدّ عليك؛ لأنّه يكون سبباً للخوض في ذكره، فيُكثر مُكثر ويزيدُ زائد، اضرب عن هذا صفحاً، واطو دونه كشحاً.
إقرأ أيضا : نصر الله يثير سخط المحافظين في إيران
ومن قول عُبيد الله بن قيس، المعروف بالرُّقيّات، يُشبّب بعاتكة بنت يزيد ابن معاوية:
أعاتك يا بنت الخلائف عاتكا
أنيلي فتىً أمسى بحبّك هالكا
تبدّت وأتراباً لها فقتلنني
كذلك يُقتلن الرجال كذلكا
يُقلّبن ألحاظاً لهنّ فواتراً
ويحملن ما فوق النعال السبائكا
إذا غفلت عنّا العيون التي نرى
سلكن بنا حيث اشتهين المسالكا
وقُلن لنا لو نستطيع لزاركم
طبيبان منّا عالمان بدائكا
فهل من طبيبٍ بالعراق لعلّه
يُداوي سقيماً هالكاً مُتهالكا .
فلم يعرض له يزيد، للّذي تقدّم من وصاية أبيه معاوية في ابنته رملة.
إقرأ أيضا : هل تعتمد أميركا سياسة أكثر واقعية تجاه إيران ؟
علّ فخامة الرئيس يوصي صهره العزيز بعدم التعرُّض للكتّاب والصحافيّين والناشطين، لئلا يكون ذلك سبباً للخوض في ذكر "المثالب" ، فيُكثر مُكثر ويزيد زائد، ويوصيه بالأخذ بدهاء معاوية، ويضرب صفحاً عن كل من سيتعرّض له بالنقد والتجريح، لأنّ القائمة طويلة ومُرجّحة للاستطالة يوماً بعد يوم.