يبدو أن قلب المرأة ضعيفٌ أكثر مما تتوقع، وخوفها من الموت من سرطان الثدي يتخطى دقات قلبها التي قد تخذلها في أي لحظة. تتناسى المرأة الأمراض القلبية، لا تبدي اهتماماً كافياً بصحة قلبها كما هي الحال مع باقي الأمراض التي تتهدد صحة كل انسان. الاعتقاد السائد بأن أمراض القلب الوعائية تصيب الرجال أكثر من النساء، لكن ماذا لو كانت الحقيقة عكس المتعارف عليه؟ هل حقاً يخذل القلب المرأة أكثر من الرجل؟ ولماذا تختلف العوارض بين الجنسين؟
تؤكد تقارير منظمة الصحة العالمية ان الأمراض القلبية الوعائية تأتي في صدارة أسباب الوفيات في أنحاء العالم حيث إن عدد الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض يفوق عدد الوفيات الناجمة عن أيّ من أسباب الوفيات الأخرى. وتشير الأرقام والإحصاءات الى انه توفي نحو 17.3 مليون نسمة بسبب الأمراض القلبية الوعائية في العام 2013، وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن ترتفع تلك الأعداد إلى 23.6 مليون حالة وفاة في العالم بحلول عام 2030.
وعلى رغم أن الأمراض القلبية الوعائية تندرج عموماً في خانة "أمراض الرجال"، إلا ان الارقام تشير الى ان الموت يطال الرجال والنساء على حدّ سواء. وانطلاقاً من هذه الحقيقة ولإعادة الامور الى نصابها الحقيقي وتوضيح الصورة، تكشف آخر الدراسات الطبية الى ان معدل الوفيات الناجمة عن الأمراض القلبية الوعائية لدى المرأة أعلى من الوفيات التي يتسبب بها السرطان بمختلف أشكاله.
"لم تنجح حملات التوعية والمعلومات الطبية الى حض المرأة على الاهتمام بقلبها كما حال الرجل" هذا ما أكدته طبيبة القلب رنا قسطه في حديثها لـ"النهار". برأيها "ان شكوك المرأة في ان تكون الامراض القلبية أكثر خطورة على صحتها من باقي الأمراض أظهرته نتائج إستطلاع الرأي الذي أشار الى أن نحو 54% من النساء اعتبرن أن امراض القلب هي السبب الاول للوفاة بين النساء، في حين ان النصف الآخر أشار الى أن سبب الوفاة ناتج من سرطان الثدي، هذا المرض الذي تخشاه معظم النساء. إذاً، ما هو معروف اجتماعياً مغاير للواقع، فالخوف من الموت بسبب سرطان الثدي عند النساء ليس في محله، إذ إن مخاطر الأمراض القلبية الوعائية أكبر بكثير".
تختلف أعراض أمراض القلب الوعائية بين الرجال والنساء، لذلك تشدد قسطه "على أهمية أن تعي النساء أهم عوارض القلب والتنبه لها، كما هو الحال بالنسبة الى سرطان الثدي الذي يشهد في السنوات الماضية الأخيرة كثافة في حملات التوعية والمتابعة من المرأة".
تعدد قسطه أهم هذه العوارض:
* وجع أو ثقل في الصدر
* ضيق في التنفس أو حريق خاصة بعد القيام بمجهود.
* امتداد الوجع الى الرقبة والكتفين والفك.
إلا ان تلك الأعراض النموذجية أقل ظهوراً لدى المرأة. لذلك ننصح المرأة التي تخطت الـ45 من العمر، ضرورة إجراء الفحوص اللازمة للتأكد من صحة قلبها. هناك 6 عوامل رئيسية تضطلع بدور أساسي وبالتالي تؤثر في صحة شرايين القلب، وتستوجب مراقبة دائمة تتمثل بـ:
* ارتفاع معدل السكري
* ارتفاع معدل الكوليسترول
ضرورة إجراء فحص دم لمراقبة معدل السكري والكوليسترول
* ارتفاع ضغط الدم: مراقبة الضغط على فترة زمنية معينة
* الوزن الزائد : اتباع حمية غذائية بمبادرة فردية أو بمساعدة اختصاصية التغذية.
* التدخين: ضرورة الاقلاع عن التدخين
* الوراثة: هذا العامل الوحيد الذي لا يمكن التحكم به. ففي حال كان هناك حالات امراض قلبية في العائلة، يجب الوقاية والتنبه أكثر.
واستناداً الى نتائج الفحوص على حدّ قول قسطه "يقرر الطبيب ما اذا كانت بحاجة الى متابعة وعلاج إضافي". وتقسم طبيبة القلب الخطر الى 3 اقسام:
* الخطر الواقي: لا يستدعي إجراء فحوص أخرى.
* خطر عال دون ظهور عوارض: يتوجب إجراء فحوص خاصة مثل تخطيط القلب
* خطر عالٍ مع عوارض: إجراء فحص الجهد أو التمييل، استناداً الى قرار الطبيب.
كذلك لفتت قسطه الى ان "هناك بعض الفحوص التي تطبق على الرجال دون النساء. لذلك لضمان صحة قلب دون تفرقة، اصبح هناك فحص يُطلق عليه تسمية Calcium Score ، وهو واحد من فحوص متعددة، يظهر نسبة ترسب الكالسيوم في شرايين القلب". وشددت على مسألة التدخين التي تعتبر من العوامل الرئيسية التي تؤثر على صحة شرايين القلب. وتجدر الإشارة الى ان هذه الفحوص متوافرة في مركز صحة القلب التابع لمؤسسة "يدنا"، وهو مركز وقاية من امراض القلب والشرايين عند المرأة اللبنانية فما فوق الـ45.
أسلوب حياة سليم
بعد التدابير الوقائية للتأكد من صحة قلبها، على المرأة من جهة أخرى المحافظة على صحة شرايينها من خلال اتباعها أسلوب حياة سليماً. في هذا السياق، تقدم قسطه مجموعة نصائح للموازاة بين صحة الغذاء وصحة القلب.
- تفادي الدهون
- التقليل من الحلويات والنشويّات.
- ممارسة الرياضة بانتظام
- اتباع حمية غذائية سليمة وصحية.
- تفادي الملح الزائد لا سيما الملح المخفي الموجود في المعلبات والمعجنات الجاهزة والخبز والكبيس والزيتون.
- التنبه الى محيط الخصر أو المنطقة الوسطى من الجسم ان لا يتعدى 85 سنيمتراً.
- تناول المكسرات النيئة لا سيما الجوز.
- تناول الزيوت المستخلصة من الاسماك والتي يمكن تناولها إما مشوية او نيئة.