#... حينَ وصلْتُ إلى النادي الحسينيِّ كانَتْ قدِ احتشدَتْ جموعُ المؤمنين المُعزِّين... ولكنْ بعد مُزاحمةٍ شديدةٍ فزْتُ بكرسيٍّ لعلِّي أَحظى ببركاتِ مجلس ذاك الخطيبِ الحسينيِّ الذي لا يُدانيه أحدٌ في نصرةِ الحسين الشهيد (ع)...
#وقبلَ أن أَستعيدَ أنفاسي لأَتخفَّفَ من تعبِ رحلةِ الوصولِ كانَتْ أصواتُ النَّائِحينَ تزدادُ نشيجًا؛ ونحيب النُّسوةِ، من خلفِ الستارِ الخلفيِّ، يسترسلُ في جَعْلِ المكانِ يسبحُ في متاهةٍ من العويلِ..
-قُتِلُ عطشانًا والماءُ ما خُلِقَ إلاّ ليرويَه (صاح الخطيبُ بصوت شجيٍّ)، حينَها اختنقْتُ بعبرتي وأنا استحضرُ مشهديَّة لهبِ العطشِ والسَّهم النابت في القلبِ الشريفِ فيما النَّهرُ الصافي يجري على بضعةِ أمتارٍ..
#ولم يكن أكثر من صوتِ الخطيبِ قدرةً على إخراجي من مخيلتي المدميةِ بلوعة الدمِ المراقِ قهرًا، نبَّهني دعاؤُهُ بصوتِهِ الجهوريِّ النابضِ بالإيمان: "ألا بعدًا للظالمين من رحمة اللهِ".. وبلكنةٍ عراقيَّةٍ يسترسل: "ألا لعنةُ اللهِ على الظالمين، قتلوكَ ومن شربِ الماء منعُوكَ".. وكنَّا نُردِّدُ اللعناتِ مَعَهُ..
#ولمَّا أَنهكَ النَّحيبُ المُعزِّين، راح الخطيبُ الحسينيُّ رأفةً بهم يختتمُ مجلسَه بالدعاء لهم وبحفظِ المسلمين وردِّ كيدِ الظالمين إلى نحورِهم، وخصَّ مؤسّسي المجلسِ: "اللهم، احفظْ مؤسّسي هذا المجلسِ المُبارك، وأوسعْ عليهم من رزقِكَ يا أرحم الراحمين"..
#دقائقُ قليلةٌ ووصلَ الخطيبُ الألمعيُّ إلى فناءِ الحسينيةِ الخارجيِّ، وإذا بحشود المؤمنين تقتربُ منه للتمسحِ ببركاتِهِ؛ الشيبةُ يُقبِّلونَ يدَهُ المباركةَ، والشبابُ إلى جنبِهِ لالتقاطِ "السلفي" طمعًا بوليمةٍ عامرةٍ من "اللايكات" الفايسبوكيةِ لاحقًا... وهوَ ما حرَّضَ بعض المؤمناتِ على اقتناصِ تلكَ اللحظاتِ أيضًا للظفرِ بظهورٍ فايسبوكيٍّ لافتٍ..
#أنهى الخطيبُ كرمَهُ في توزيع ابتساماتِهِ للمعُزِّين وانطلقَ إلى السَّيارةِ الفخمةِ والحديثةِ لصاحبِهَا مؤسِّسِ المجلس..
#ركبَ سيارتَهُ مُصطحبًا إياهُ إلى مائدةِ أبي عبد اللهِ في منزلِهِ الجديدِ الذي بناهُ حديثًا في قطعةِ الأرضِ التي كانَ قَدِ اتَّخذها حظيرةً لأغنامِهِ وبقراتِهِ منذ سنين قليلة خلَت،ْ قبلَ أنْ يُصبِحَ من ملاّك المراملِ والكسَّارات الَّتي "يُطهِّرُهَا" ذو النعمة الحديثةِ هذا بمياهِ الليطانيِّ!!
#التخدير#
علي هاشم
نقلا عن صفحته في الفايسبوك