يفترض بجميع الوزراء العونيين أن يعيدوا حساباتهم: يكفي أن يقول الوزير جبران باسيل لرئيسي الجمهورية والحكومة أن يستبدل فلاناً بعلتان حتى يمنع حرس مجلس الوزراء الأول من دخول السراي ويصبح الثاني وزيراً. هكذا "بشحطة قلم" من دون ثقة مجلس النواب أو أيّ أحد آخر. وما على الوزراء بالتالي سوى التحفّز للعمل بهدف البقاء في الحكومة.
التقديرات العونية المختلفة تتراوح بين نية باسيل تغيير وزير واحد وثلاثة وزراء. فهناك ما يشبه الإجماع على أن التغيير في حال حصوله سيبدأ بوزير الاقتصاد رائد خوري، وثمة ضمن نواب التيار ومسؤوليه من يؤكد أنه سيتوسع ليشمل اثنين إضافيين هما وزير الدفاع يعقوب الصراف ووزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني. المشترك بين الثلاثة أنهم ينتمون إلى طائفة الروم الأرثوذوكس. وبحسب مصادر قريبة من باسيل، فإن أداء الوزراء الثلاثة، كلّ لأسبابه الخاصة، لم يكن كما توقعت منهم قيادة التيار. وبحسب المصادر، فإن حزب القوات اللبنانية تمكّن من اقتناص فرصة الحكومة، لتعزيز وضعه أرثوذوكسياً، على المستوى الشعبي، وعلى مستوى العلاقة بالكنيسة.
أسباب أخرى دفعت باسيل إلى التلويح بطرح التعديل الحكومي، في حالة وزير الاقتصاد رائد خوري تحديداً؛ فمنذ تعيين خوري وزيراً، قيل إن مستشارة الرئيس، ابنته ميراي عون، هي من كانت تقف خلف توزيره خلافاً لرغبة باسيل. وقد بقي توزيره عصيّاً على الاستثمار، سواء داخل التيار الوطني الحر أو انتخابياً في إحدى الدوائر. ومع تصاعد الحديث عن دوره في مصرف "سيدروس" الذي كان خوري يرأس مجلس إدارته ويتولى منصب مديره العام، كان باسيل يراكم المآخذ عليه. وعندما نُشرت معلومات عن سعي "سيدروس" إلى الحصول على تحول مال عام إلى مال خاص به من خلال طلبه "هندسة مالية" من مصرف لبنان، قال باسيل كلاماً واضحاً، في خطاب علني، عن رفضه السماح لكل من يحاول تحصيل مكاسب خاصة باسم التيار الوطني الحر.
ورغم أنه لم يسمّه، فإن كلام وزير الخارجية فُسِّر بأنه يستهدف وزير الاقتصاد. وتتردد في أوساط التيار أحاديث كثيرة عن عدم قيام وزارة الاقتصاد بدورها لناحية حماية المستهلكين والتدخل الطارئ في قضايا كثيرة تهمّ المواطنين وتشعرهم بأن هناك دولة مسؤولة عنهم.
أما الصراف فمشكلته، بنظر الباسيليين، تنحصر في وجود خلاف بينه وبين قائد الجيش، من دون أن تتضح صورة هذا الخلاف. أما مآخذ بعض النواب والمسؤولين العونيين عليه، فمتصلة بكونه لا يُسهّل منح المناصرين والمحازبين تراخيص حمل سلاح. وقد مرّت علاقة باسيل بالصراف ببعض البرودة، لكن لا شيء يوحي أبداً أن هناك استياءً باسيلياً منه أو تراكماً للملاحظات السلبية. وقد بادر الصراف إلى الإعلان في أكثر من مناسبة أخيراً أن مرشح التيار الوطني الحر إلى الانتخابات النيابية في عكار عن المقعد الأرثوذوكسي هو أسعد درغام، قاطعاً الطريق على من يسعون إلى تحريض باسيل عليه باعتباره يستفيد من موقعه الوزاري شخصياً بدل أن يفيد التيار.
وفيما تؤكد مصادر التيار الوطني الحر أن الأمر مطروح على جدول أعمال باسيل، لكن من دون حسم وجهته، جزمت مصادر القصر الجمهوري لـ"الأخبار" بأن التعديل لن يمرّ. بدورها، نفت مصادر تيار المستقبل لـ"الأخبار" أن يكون الحريري يفكّر في إجراء تعديل على حصته الوزارية.