تحت عنوان "هل الرصاص الطائش مخطط خارجي بديل عن "داعش"؟" كتبت دولي بشعلاني في صحيفة "الديار": "يقوم الجيش اللبناني بكلّ قدرته وجهوزيته على استكمال العمليات الإستباقية في عرسال وبلدات الجوار التي من شأنها التخفيف من وطأة الإرهاب على النازحين السوريين داخل مخيّماتها، كما على اللبنانيين من أبناء البلدة. ويُنظر الى أداء المؤسسة العسكرية التي جنّدت نفسها لمكافحة الإرهاب لا سيما على الحدود اللبنانية- السورية، من قبل مندوبي دول الخارج والممثلين لها المقيمين في لبنان، على أنّها قوية وقادرة على حماية أمن وسلامة البلاد إذا ما جرى تسليح عناصرها بالأعتدة المناسبة.
كذلك فإنّ دول الخارج، بحسب ممثليها في لبنان، على ما أكّدت أوساط ديبلوماسية عليمة، تؤيّد خطوات الجيش اللبناني المدعومة من الداخل، حكومة وشعباً، كما من الخارج، كون المجتمع الدولي بأسره يدعم مكافحة الإرهاب والقضاء عليه أينما كان، ولهذا يُشجّع خطوات الجيش الذي يعرف كيف يجعل عناصر تنظيم "داعش" يقعون في قبضته أويتراجعون وينسحبون من داخل المخيمات لما يتسبّبون به من مخاطر على سلامة المواطنين.
وأكّدت الاوساط أنّ المساعدات للجيش سوف تستمرّ من قبل الولايات المتحدة الأميركية، كما أنّ دولاً أوروبية عدّة تنوي تقديم مساعدات له لتشجيعه على الإستمرار في مواجهاته ضدّ الإرهاب في عرسال وجرودها، وفي أي منطقة أخرى، تصله المعلومات عن تحرّكات للإرهابيين فيها. وأوضحت بأنّ تزويد الجيش بالمعدّات والأسلحة اللازمة من شأنه أن يُسهّل له مهماته العسكرية، كما تحقيقه للإنتصار على الإرهابيين الذي كانوا يهدفون الى توتير الوضع ليس فقط في المناطق الحدودية مع سوريا، بل وفي العاصمة ومناطق أخرى أيضاً.
إلاّ أنّ إحباط الجيش لبعض المؤامرات التي تجري في مخيمات عرسال، جعل الشعب يطمئن على امنه وسلامة أبنائه أكثر من أي وقت مضى، وإن حاول البعض انتقاد أدائه أوزعزعة الثقة به. ومن هذا المنطلق، شدّدت الأوساط على ضرورة عدم التشكيك في عمليات الأجهزة الأمنية (والجيش) من أي جهة كانت، كونها خط أحمر ولا يجب انتقادها على أدائها أيّاً بلغت أخطاؤها، علماً أنّها لا تخطىء عن قصد بل بهدف تأمين أوسع مروحية ممكنة للأمن والسلم في البلد.
ولفتت الاوساط في المقابل، الى أنّه لا يجب الخلط أوالربط بين ما يقوم به الجيش من مهمات ومداهمات خطيرة، وبين الأهداف السياسية التي تصل الى التحالفات الإنتخابية، لأنّ ذلك لا يؤدّي الى دعم الجيش وتشجيعه بل الى وضعه موضع الإنتقاد الذي هوبغنى عنه اليوم وغداً، وفي أي وقت. فالمؤسسة العسكرية لها الأمر، وعلى هذا الأساس يجب أن تُحترم من قبل الجميع الى أي طائفة أوحزب سياسي انتمى".
غير أنّ ما يُزعج المراقبين حالياً هوعدم استتباب الوضع الداخلي اللبناني، إذ تصل أصداء السلاح المتفلّت والرصاص الطائش الذي يذهب ضحيته الأبرياء بشكل يومي الى الخارج. ويتساءلون إذا ما كان ثمّة مخطط من إحدى الدول الخارجية لزعزعة الأمن، عن طريق توفير السلاح غير الشرعي في أيدي بعض الأشخاص يعملون على استخدامه في كلّ مناسبة لإصابة المواطنين بحجّة أنّ مثل هذه الأحداث ينجم عن «الرصاص الطائش».
وكشفت الاوساط أنّ خطورة كبيرة تتمثّل في هذا الأمر خصوصاً إذا ما أظهرت التحقيقات أنّ الفاعل مجهول دائماً ولا يخضع للمحاكمة والعقاب. فإذا كان الأمر كذلك، فإنّ المعطيات تشير الى وجود قنّاصة مأجورين يعملون على إفساد الأفراح والأعراس وكلّ مناسبة يحتفل بها اللبنانيون. وأبدت خشيتها من أن يكون ثمّة مخطط آخر بديل عن «داعش» والتنظيمات الإرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق كافة، علماً أنّ دول الخارج غالباً ما تُشدّد على ضرورة المحافظة على الهدوء في لبنان وسط محيطه المتفجّر.
في الوقت نفسه، فإنّ وقف إطلاق النار الذي سرى في جنوب غرب سوريا أي في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الحدود مع لبنان وليس العكس، ولهذا تعوّل الأوساط نفسها على أن يترافق أداء الجيش اللبناني مع خطة داخلية لتأمين الأمن في سائر المناطق وكشف مسألة الرصاص الطائش الذي لا يُعرف مصدره، ولا يتمّ بالتالي الإعلان عن الغاية الفعلية من وراء تسبّبه بإيقاع الضحايا أوالمصابين في أماكن عدّة.
ولهذا تجد الاوساط أنّه على الحكومة التنبّه، والعمل على وضع حدّ لمثل هذه الحوادث التي تحصل من دون معرفة مصدر إطلاق النار في اتجاه المواطنين، على ما جرى أخيراً مع ابن السبع سنوات أحمد الكردي الذي استقرّت رصاصة طائشة في رأسه بينما كان يحتفل ويرقص في خطوبة خاله في حارة الناعمة، السبت الماضي، وظنّ أهله بداية أنّه وقع وصدم رأسه، ليتبيّن لهم في المستشفى أنّه أصيب برصاصة من دون سماع صوت إطلاقها. ولا تزال حالته غير مستقرّة حتى الساعة، بعد أن أُصيب بشلل كامل، فضلاً عن تعرّضه لغيبوبة دماغية.
وإذ أعلن مصدر أمني عن تزايد المراقبة على الحدود اللبنانية- السورية، فإنّ المراقبون يجدون بأنّها أمر مطلوب وملحّ خصوصاً مع خسارة تنظيم «داعش» في مناطق عدّة في سوريا. ويخشى هؤلاء أن يقوم عناصره بالهروب من المناطق أوالمحافظات التي يسيطر عليها جيش النظام السوري باتجاه مواقعهم في جرود عرسال بهدف الاستقرار هناك لفترة ومحاولة التسلّل منها الى الداخل اللبناني.
رغم ذلك، طمأنت الأوساط نفسها الى قدرة الجيش على الإمساك بزمام الأمن، وعلى العمل بهدف كشف كلّ المتورّطين بافتعال موضة «الرصاص الطائش»، إذا ما صحّت المعلومات، عن وجود مخطط خارجي يتمّ استبداله بفشل التنظيمات الإرهابية عن زعزعة الإستقرار في لبنان، على غرار ما حصل في العراق وسوريا، وخلال فترة زمنية قصيرة. ويكون ذلك عن طريق اعتماد خطوات عدّة سيقوم بها الجيش لن يتمّ الإعلان عنها حالياً قبل تنفيذها وقطف ثمارها.