في الوقت الذي تنشط فيه الاتصالات الدبلوماسية، من جنيف إلى دول المنطقة لتثبيت الاتفاق الأميركي – الروسي بوقف النار في الجنوب السوري، بما في ذلك تبريد جبهة الجولان، والقصف الجوي المتكرر بين إسرائيل وحزب الله، نجح الرئيس سعد الحريري في احتواء اللغط الذي رافق ما تردّد عن استدعاء قائد الجيش العماد جوزيف عون الى السراي الكبير على خلفية ما حدث في عرسال، لا سيما لجهة الجثث السورية الأربع التي شكك ذوو الأشخاص العائدة لهم بأسباب الوفاة، بدعم من منظمات حقوقية ووسط تهويل بأن الدول المانحة معنية بجلاء أسباب الوفاة، والتهويل أيضاً بأن الإدارة الأميركية بصدد إعادة النظر بنظام المساعدات للقوى العسكرية اللبنانية.
قال الرئيس الحريري بعد الاجتماع الذي عقد بناء على طلبه، مع وزير الدفاع يعقوب صرّاف والعماد عون: بالنسبة لي فإن الدعم السياسي للجيش اللبناني هو دعم غير مشروط، مؤكداً ان قيادة الجيش تحرص دائماً على المدنيين قبل أن يتكلم أي شخص عن هذا الموضوع، والمؤسسة العسكرية لا تشوبها أي شبهات، ومن يحاول ان يصطاد في الماء العكر: «فليخيطوا في غير هالمسلة».
إلى ذلك، سجلت أمس، أوّل خطوة لكسر الجليد في العلاقات بين الرئيس الحريري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، بسبب التباين الذي نشأ بين الرجلين حول وضع القانون الجديد للانتخابات، إذ أفاد الموقع الالكتروني للحزب التقدمي الاشتراكي مساءً، أن جنبلاط أجرى اتصالاً بالرئيس الحريري، تناولا خلاله متابعة عدد من القضايا.
وإذ اكتفى مفوض الإعلام في الحزب الاشتراكي رامي الريس لـ«اللواء» بالبيان الصادر عن الاتصال، اشارالى ان «جو الاتصال كان ايجابياً، وأن التواصل قائم بين جنبلاط والحريري».
وأتى الاتصال المفاجئ بعد كلام صحافي للنائب جنبلاط.
اجتماع الحريري وقائد الجيش
في تقدير مصادر سياسية، ان اجتماع الرئيس الحريري بقائد الجيش العماد عون، في حضور وزير الدفاع، حقق اغراضه في توفير التغطية السياسية الكاملة لإجراءات الجيش وتدابيره الأمنية في عرسال وفي غير عرسال، وعلى الحدود وفي الداخل، ووضع حداً للغط الكبير الذي حصل في البلد، على اثر المداهمات الأخيرة للجيش في مخيمات عرسال.
وبحسب الرئيس الحريري، الذي كانت له مواقف مهمة وحاسمة بعد الاجتماع، فإن «الجيش قام بعملية ناجحة جداً وكبيرة جداً في مخيمات عرسال، وانه لو لم يقم بها لكان هناك اليوم مشكل كبير في البلد»، كاشفاً بأن العبوات التي تمّ تفجيرها في هذه العملية الاستباقية، كانت موجهة لتفجير لبنان، وأن الجيش احبط بمداهمة المخيمات محاولة كبيرة كان مخططاً لها، مؤكداً أن «محاولة زرع الفتن واي توتر مع الجيش أو مع القيادات العسكرية التي تعمل ليل نهار لتجنيب لبنان الأعمال الإرهابية لن تمر، كما ان التشكيك في التحقيق الذي تقوم به قيادة الجيش أمر مرفوض أيضاً.
وبهذه النتيجة التي خرج بها لقاء الحريري بقائد الجيش، يمكن القول ان الاجتماع كان ناجحاً، بعدما ازال الالتباسات التي رافقت العملية الأخيرة، وكذلك «ظروف وفاة السوريين الأربعة أثناء التحقيقات معهم، والتي تخضع بدورها لتحقيق شفاف تقوم به القيادة ويفترض ان يتسلمه الرئيس الحريري خلال يومين أو ثلاثة».
وعبر الوزير الصرّاف لـ«اللواء» عن ارتياحه للاجتماع مع الرئيس الحريري، مؤكداً أنه كان ممتازاً خلافاً لكل الجو المثار عن وجود خلافات بين السياسيين في البلد، وانه لا يمكن التشكيك لحظة بالدعم السياسي المطلق للجيش وبالتزام الجميع بالقانون.
وقال الصراف لـ»اللواء» ان البحث تناول كل ما له علاقة بالجيش، من الموازنة الى الاحتياجات العسكرية ومشروع بناء المستشفى العسكري، الى ما جرى في عرسال وسير التحقيقات القائمة حول ماجرى لا سيما وفاة الموقوفين الاربعة، وكان هناك دعم مطلق من الرئيس الحريري للمؤسسة العسكرية، خلافا للجو الاعلامي والسياسي الذي يحاول اشاعة وجود خلافات تارة بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع، وتارة اخرى بين الرئيس وقائد الجيش، عدا عن انه تم احترام النص الدستوري بدعوة وزير الدفاع الى الاجتماع- وليس الاستدعاء- وهذا حق من حقوق رئيس الحكومة بطلب الاجتماع الى اي موظف كبيرفي الدولة.
واوضح الصراف، ان التحقيقات مع الموقوفين من مخيم النازحين في عرسال لم تنتهِ بعد، فهناك نحو 350 موقوفا والتحقيق معهم يحتاج الى وقت لمعرفة مدى ارتباطهم بالمسلحين، وبعضهم احيل الى الامن العام لمخالفته اجراءت الاقامة وسيتم التدقيق فيهم حول ما اذا كانت هناك شبهات امنية حول بعضهم، وبعضهم ثبت تورطه في اعمال ارهابية.
واضاف: انه لعمل مهم جدا ان يقوم الجيش بعملية كبيرة كالتي قام بها في مخيم النازحين في عرسال ولم يسقط جريح واحد برصاص الجيش من المدنيين، بينما في مباراة كرة القدم كان يسقط عشرات الجرحى. ولكن البعض يحاول التفتيش عن مشكل بيننا وبين الرئيس الحريري بينما نحن على تواصل شبه يومي لمتابعة كل الامور المتعلقة بالجيش.
إلى ذلك، حرصت مصادر وزارية في «التيار الوطني الحر» على نفي ما يُحكى عن خلافات في وجهات النظر، بين الرئيسين عون والحريري، وأكدت لـ«اللواء» ان الرئيسين متفقان على احترام الجيش اللبناني ودوره، وهذا أمر وطني واستراتيجي، ولا خلاف عليه، ولا يمكن لأحد التشويش على الموضوع، لا سيما وأن هذا الملف ليس له علاقة بلعبة التجاذبات السياسية، وجزمت بأنه لن يكون هناك أي إشكالات بين الرئيسين في عهد الرئيس عون.
ملف النازحين والتعيينات
ومن المقرر ان تحضر عملية عرسال مع ملف النازحين، على طاولة مجلس الوزراء غدا، من خارج جدول الاعمال، بعد ان تطرح في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة البحث في شؤون هؤلاء عصر اليوم في السراي الحكومي.
ولم يشأ وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي في رد على سؤال لـ «اللواء» الكشف عما يمكن التداول به في الاجتماع اليوم، لا سيما لجهة مسألة عودة النازحين الى سوريا، مكتفيا بالاشارة الى ان هناك امورا كثيرة تعمل عليها الوزارة في ملف النازحين وسيرى امكانية طرحها، علما ان السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي ابلغ وزير شؤون المهجرين طلال ارسلان امس ان النظام في سوريا يتمسك بحوار مع الحكومة اللبنانية في ما يتعلق بعودة النازحين، الامر الذي دفع ارسلان الى القول بأن الحكومة عاجزة عن مقاربة هذا الملف وغير قادرة بسبب الانقسام داخل مجلس الوزراء، مقترحا بأن يبحث على مستوى القيادات السياسية في البلد.
اما بشأن موضوع آلية التعيينات الادارية المطروح على جدول اعمال الجلسة، والذي يرجح ان يكون النقاش حوله ساخنا، نظرا للخلاف بين الوزراء، حيث يتمسك وزراء امل وحزب الله والحزب الاشتراكي بالآلية، بينما يسعى وزراء التيار الوطني الحر والمستقبل الى الغائها، لكي يكون للوزير حق الاختيار في ما يريد تعيينه، علما انه لا يمكن اغفال الشغور في ثلث ملاكات الادارة، بما يحتم ملء هذه الشغور الذي يؤثر سلبا على انتاجية القطاع العام.
وفي محاولة لتعديل هذه الآلية، اقترحت مصادر وزارية عبر «اللواء؛ ملء الشغور من خلال مجلس الخدمة المدنية وليس عبر مجلس الوزراء، الا في حال وجود اسباب موجبة للتعيين، لكن شرط ان يكون للوزير المختص رأي بالاسماء المقترحة باعتباره الاكثر خبرة بالحاجة المطلوبة لتسيير شؤون وزارته.
ولفتت هذه المصادر انه رغم وجود الآلية، فإن التعيينات التي جرت في السابق لم تخل من تدخلات سياسية، مشيرة الى انه ليس هناك من مانع لاعتماد الآلية اذا ارتأى الوزير ذلك او عدم اتباعها، خصوصا وان هناك امكانية للاستفادة من الملفات الجاهزة والموجودة في وزارة شؤون التنمية الادارية والتي سبق لها ان خضعت لشروط الآلية من دون ان يتم البت بها.
ولم تستبعد مصادر اللجوء الى التصويت في حال لم يحسم النقاش اي اتجاه ستسير به الحكومة في موضوع الآلية او إلغائها او تعديلها.
وقال وزير حزب الله محمّد فنيش ان حزبه سيدعم الابقاء على الآلية عينها للتعيينات، وان عرض الموضوع على التصويت تحترم رأي الاكثرية.
وعلمت «اللواء» ان هناك اتجاهاً لتعيين محافظ جبل لبنان، من دون ان تكشف المصادر الوزارية الشخصية المقترحة مكتفية بالاشارة الى جوجلة الاسماء لان هناك اكثر من مرشح.
تعديل حقائب
على صعيد آخر، نفت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» ما تردد عن تعديل في بعض الحقائب الوزارية المحسوبة على التيار الوطني الحر، معتبرة ان ما يحكى مجرد كلام، لكن مصادر وزارية محسوبة على التيار لفتت الى أن من حق اي حزب او فريق سياسي القيام بإجراء تبديل في حصته الوزارية في حال قضت الظروف ذلك.. إلا ان المصادر اكدت ان الموضوع لم يتم طرحه داخل اجتماعات تكتل التغير والاصلاح، غير انه سيثار في اجتماع التكتل اليوم، مشيرة الى ان الهدف من اثارة الموضوع حث الوزراء على بذل المزيد من الجهود الاضافية من اجل العمل لانجاح وزاراتهم، مع العلم، بحسب المصادر، ان جميع الوزراء يبذلون الكثير من الجهود ويعملون بنشاط استثنائي.
اشادة سليماني ورسالة روسية؟
وبعيداً عن الشؤون الداخلية، انشغلت اوساط لبنانية بمرحلة ما بعد استعادة القوات العراقية والحشد الشعبي الموصل من داعش، بعد معارك ضارية استمرت اشهراً.
وتوقفت هذه الاوساط عندما اعلن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني اللواء قاسم سليماني من ان دعم حزب الله اللبناني للشعب العراقي مشيرا الى انني «من هنا اقبّل ايادي السيد نصر الله».
في هذا الوقت، تحدثت بعض المصادر عن اتصال جرى بين دبلوماسي روسي وقيادة حزب الله في الضاحية الجنوبية، تناولت الترتيبات التي جرت في الجنوب السوري، وما يتعلق بوقف النار، بما في ذلك، وقف الاشتباك بين القوات الاسرائيلية وعناصر حزب الله.