في النقاش الجاري حول "شجرة" السيد سامي خضرة، أنا أميل للوقوف بجانبه، فهو لم يذهب إلى تحريم إستعمال المرأة لهذه "الدّابة" العجيبة المسماة فايسبوك، بل دعا بلطف أن تتّخذ المرأة لها رمزاً بديلاً عن صورتها لا يُثير الشهوات والغرائز، كشجرة أو آية قرآنية، أو صورة طفل، وهذا والله من قبيل التساهل لا التّشدُّد، فالشريعة الإسلامية واضحة في شؤون المرأة ( لمن أراد إحترامها والسير بمقتضاها وعدم الخروج عليها)، فهي تنهى عن إختلاط المرأة بالرجال، والسفر دون محرم، وتولي الوظائف الحكومية، وإرتياد المسابح والأماكن العامة ، وإمتهان الوظائف دون مراعاة طبيعة العمل، حتى دخلت سلك الجندية والأجهزة الأمنية، وربما قادت الجيوش كما فعلت أمّ المؤمنين عائشة إبنة أبي بكر الصديق في معركة الجمل. أنا مع السيد خضرة لإحترامه مبادئ الشريعة الإسلامية، مع أنّني مع الخروج على كثير من أحكامها، ولئلّا يُساء فهمي، أنا مع حرية المرأة الكاملة على كل شريعة تنتقص من حريّتها ومكانتها.
إقرأ أيضا : رسالتي للسيد سامي خضرا.. لست شجرة ولسنا في دولة داعش
أولاً: رأي السيد جعفر محمد حسين فضل الله
لكن هذه هي أحكام الشريعة بحقّ المرأة، وهي تعيق حركتها ونشاطها، وتحُدّ من سلوكها، وتفرض قيوداً قاسية على لباسها وزينتها، ودخولها وخروجها، وما لا يُحصى من عوائق، لكن هاهنا من يحاول أن يُعطّل أحكام الشريعة، ويُخفّف من غلوائها، ويجتهد في تأويلها وصرفها عن مراميها، وها هنا من يحاول أن "يُكحّلها" فيرميها بالعمى، كما فعل الأستاذ الحوزوي جعفر محمد حسين فضل الله بتصريحٍ ل"النهار" ، إذ قال بضرورة التفريق بين النظرية والممارسة، رحم الله رُوّاد الماركسية الذين كانوا يردّدون بأن لا ممارسة ثورية دون نظرية ثورية، وهكذا يرجع النقاش عند السيد فضل الله إلى حيّز الممارسة أو بلغة الشريعة "النّيات"، وللأسف لا نستطيع تحليل نيّة الرجل، وهنا تكمن المأساة، مأساة المرأة ناجمة عن نيّات الرجل الخبيثة، لو أنّ الله تعالى أنعم على الذكر الخبيث، بنوايا "صافية"، لخرجت المرأة إلى العلن دون أي محذورات، حيث تتعطل الفتن، وتنتفي المحرّمات، لذا يعود السيد للتّوجه للذكور، كي يُحسنوا التعامل مع المرأة المظلومة، أليس الرجال هم القوّامون على النساء؟!
إقرأ أيضا : سامي خضرة للمرأة على الفايسبوك : كوني شجرة !
رأي الشيخ هشام خليفة
المدير العام السابق للأوقاف الإسلامية الشيخ هشام خليفة، ينصح المرأة بوضع صورة ليس فيها أي تلاعب (وربما المقصود عدم غشّ الذكور)، الصورة غير الحقيقية والمتلاعب بها بالألوان والتجميل هي المحرّمة، ويذهب الشيخ لتوجيه نصائح "دُنيويّة" للمرأة بالتّستُّر على صورتها وهذا أفضل لها، وخاصة إذا كان جمال المرأة لافتاً، أمّا "قبيحة الشكل" فلا بأس بنشر صورتها، فهي لن تثير الغرائز والشهوات، والمعني بذلك هنا هم الذكور، فضلاً عن فائدة إضافية لعدم وضع الصورة هي الحرص على سلامة الحساب "الفيسبوكي" من القرصنة والسرقة.
كُنّا بغنىً عن كل هذه المهاترات، لو صرفنا جهودنا فيما هو أجدى وأنفع، للمرأة والرجل، وقبل ذلك وبعده، للإنسان الذي تتلاعب به الشرائع والأعراف والقوانين.