الإعتراض على التكليف الشرعي في الإنتخابات النقابية وغير النقابية، لا يعني الإنتقاص من حقوق من يشملهم هذا التكليف بالإنتخاب، بل هو إعتراض على هذا التدبير الذي يجعل من الناخبين كتلة جامدة مقيدة ملتزمة بقرار ليس قرارها، تذهب إلى صناديق الإقتراع لتصب أصواتها في إتجاه واحد دون أن تعلم إن كان ذلك لصالح القطاع الذي تنتمي إليه أم لا، أو لصالح الفرد الذي يصوت أم لا، وفي أغلب الأحيان، من يلتزم بالتكليف الشرعي، لا يكلّف نفسه أو غير مسموح أن يكلّف نفسه بالسؤال عن تفاصيل وحيثيات القرار المتخذ بالتصويت لصالح هذه اللائحة أو تلك، ولهذا المرشح أو ذاك، والأنكى من ذلك، هو ربط هذا الإلتزام أو عدمه بالحلال والحرام والحساب يوم القيامة، حتى وإن كان القرار المتخذ يتناقض مع سياسات وأدبيات حزب التكليف الشرعي وجمهوره، على سبيل المثال، حزب الله وجمهوره يعتبر حزب معيّن بأنه حزب عميل وخائن، ثم يأتي التلكيف الشرعي ليطلب من الناخبين الحزبيين بأن يصوتوا للائحة فيها مرشحين ينتمون لهذا الحزب، وليس على الملتزمين بالتكليف الشرعي سوى الإلتزام دون أي نقاش أو سؤال، وهذا التكليف في أغلب الأحيان يؤدي إلى قلب الموازين لصالح اللائحة التي يدعمها حزب الله لحسابات غير نقابية في أغلب الأحيان، لأن الهم النقابي والمعيشي لا يشغل بال حزب الله لا من قريب ولا من بعيد، كل ما يشغله هو قضايا أقليمية كبرى مرتبطة بمصالح خارجية يعتبر نفسه جزء منها، وكل ما يتصل بالداخل يستخدمه بطريقة تخدم تلك القضايا من خلال تبادل خدمات إنتخابية ومقايضات سياسية بعيدة كل البعد عن هموم هذا القطاع أو ذاك وهذه النقابة أو تلك.
إقرأ أيضًا: إنتخابات نقابة المعلمين وشراسة أهل السلطة
مؤسف المشهد الذي رأيناه في إنتخابات نقابة المعلمين، حيث أتت باصات تقلّ معلمات بأعداد كبيرة، يتولى تنظيمهن رجل، يأخذهم يمنةً ويسرة، ويتولى إدخالهن إلى صناديق الإقتراع وكأنهن قاصرات لا يؤتمن عليهن ولا يعرفن كيف يتصرفن، فيعمد الرجل الذي يتولى تنظيمهن إلى التأكد من اللائحة التي بأيديهن ويرشدهن إلى صناديق الإقتراع وعند الإنتهاء من العملية، يعيدهن إلى الباصات ويعدن أدراجهن وكأنهن كانوا برحلة حجّ أو بزيارة دينية، وهذا التصرف مع المعلمات لم نشهد مثله مع المعلمين، ربما عملاً بمدأ "الرجال قوامون على النساء" والله أعلم!!!