بعد إقرار التسوية السياسية الشهيرة وعودة الرئيس سعد الحريري الى رحاب السراي الحكومي، وفي ظل كثرة التحديات التي تواجه الحكومة والحكم، تجمع الآراء على ملاحظة إرباك واضح في عمل تيار المستقبل. ومن البديهي عدم نكران اﻻنتعاش الجزئي في أداء التيار عقب إسترجاع السلطة ما أدى الى بث الروح داخل الهيكل التنظيمي، وساهم في ذلك ولو بقدر قليل الحلحلة المالية ما أدى عمليا إلى هذا الانتعاش
 

غير ان كل هذه المعطيات على أهميتها ﻻ تكفي، فدخول حلبة الصراع اﻻنتخابي هو استحقاق صعب ينتظر الحريري، والرهان على عامل الوقت لتحسين الوضعية الشعبية ﻻ يعطي ضمانات كافية الحفاظ على ما أمكن من مقاعد الكتلة النيابية، ما سينعكس حكما على الحجم والنفوذ، كما ان دعم بعض اركان السلطة ﻻ يعول عليه.

ويدلل أحد أقطاب التيار اﻻزرق الى نسبة 50% كمعادلة رياضية متعلقة في الواقع الحالي، المستقبل إقتحم ميدان السلطة متسلحا باستعادة 50% من زمام المبادرة عبر السلطة عبر ترك هامش لرئاسة الجمهورية ففوجىء بإنحسار شعبيته في مناطق مقفلة شعبيا مثل عكار بنحو 50%.

فتصريحات الثنائية المسيحية تكاد ﻻ تخلو من لازمة إستعادة 50% من مجلس النواب بأصوات المسيحيين، وفق مبدأ المناصفة ووفق إتهام مبطن للمستقبل بسلب عدد من المقاعد المسيحية في الفترة الماضية والحاقها بكتلته.

في هذا السياق، فإن أكثر من 50 % من نواب الكتلة النيابية لن يعودوا ﻻسباب مختلفة، أبرزها رغبة الحريري بالتغيير وكذلك طموحات الجيل الجديد داخل التيار والتي يجسدها اﻻمين العام للحزب احمد الحريري، إذ بات مؤكدا ترشحه عن مقعد والدته بصيدا وإختيار شريك جديد لتمثيل المدينة بديلا عن رئيس الكتلة الرئيس فؤاد السنيورة.

وبيروت على غرار صيدا، إذ يسعى وزير الداخلية نهاد المشنوق لتسويق نفسه بأنه القادر على لملمة الوضع كما استنهاض تيار المستقبل إنطلاقا من عاملين، اداء متوازن في وزارة الداخلية وفق سياسة 50 % اي التوازن ما بين مطلب حزب الله دون الحاق الضرر بالعلاقة مع السعودية التي تضع الحزب على قائمة اﻻرهاب، وبالمقلب اﻻخر تشير معطيات اولية عن سعي المشنوق إلى وراثة الدور المؤثر والفاعل في تيار المستقبل الذي يتمتع به السنيورة منذ 2005 وحتى اليوم.

أما في طرابلس والشمال، فثمة معادلة مختلفة وتعتبر التحدي اﻻبرز لبراعة سياسة من يتخطيها بأقل قدر من الخسائر، وهي الوزير المتمرد أشرف ريفي الذي يستغل الوضع المأزوم لتسجيل مكاسب صافية بعكس المستقبل الذي يخسر من رأسماله الصافي.

في أبعاد اخرى، ثمة معضلة صعبة يتعرض لها المستقبل متصلة بالقانون النسبي وبطبيعة التحالف في دائرتي الشمال، طالما ان المستقبل وبحكم الواقع والقانون المشار اليه غير قادر على نفخ حصته عبر تحالفات جانبية على القطعة وعدم ربطها في سياق واحد، إضافة الى ان اعتماد النسبية يحرر قوى سياسية متعددة للاستغناء عن التحالف مع المستقبل وخوض الانتخابات بلوائح خاصة ومقفلة.

بالتالي، فإن المستقبل فقد نحو 50% من قوته في القدرة على فرض خياراته، وفق منطق المحادل اﻻنتخابية العابرة للخصوصيات المحلية.

 

 

مصباح العلي