تسود في الأوساط السياسية والأمنية أجواء حذر وترقب حول مسار «الملفات الساخنة»، قبل ساعات قليلة من جلسة مجلس الوزراء المرتقبة في السراي الكبير، وقبل نحو 12 يوماً من زيارة الوفد الحكومي – العسكري – الاقتصادي إلى الولايات المتحدة، والموعد المحدد للرئيس سعد الحريري مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض.
ومرد الحذر، وفقاً للأوساط هذه، يكمن في الخلافات المحيطة بالملفات سواء أكانت تتعلق بالنازحين السوريين، او تداعيات العمليات العسكرية والأمنية في عرسال، حيث فجر عدد من «الارهابيين» أنفسهم بوجه وحدات الجيش، وما احاط من موت بعض الموقوفين قيد التحقيق، او ملف التعيينات، بعدما قفزت قضية تلفزيون لبنان إلى الواجهة مجدداً، والتباينات القوية حول عدم نشر الموازنة، قبل إجراء قطع حساب، عملاً بالمادة 87 من الدستور، ومفادها أن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب ان تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي تلك السنة. وربطاً سلسلة الرتب والرواتب، التي تواجه مأزق التمويل، مع العلم ان لائحة التوافق النقابي (ائتلاف احزاب السلطة) اطاحت بالنقابي المخضرم نعمة محفوض لمصلحة المرشح العوني رودولف عبود، الذي اصبح نقيباً لمعلمي المدارس الخاصة، باحتفال في التيار الوطني الحر، سبقه سجال حول «الغوغائية» بين الوزير جبران باسيل والنقابي محفوض، فبعد ان وصف باسيل فوز لائحة عبود بأنه نهاية «زمن الغوغائية في النقابة» رد محفوض: زمن نقابة المعلمين هو زمن العمل النقابي الشريف في ظل الغوغائية السياسية الشعبوية التي تعملون بها.
ودخل الحزب الاشتراكي على الخط عندما تخوف من التمهيد «لعصر عنوانه الأساسي مصادرة قرار النقابات وتحويلها لمحميات حزبية وفئوية وطائفية» ووصف رئيسه النائب وليد جنبلاط «بالمعيب» وقوف جميع الأحزاب، باستثناء الحزب الاشتراكي ضد النقابي المميز محفوض.
آلية التعيينات
في هذه الاثناء، يعود مجلس الوزراء إلى الاجتماع الأربعاء المقبل، في السراي الحكومي، للبحث في جدول أعمال عادي إداري ومالي مؤلف من 60 بنداً، يتصدره موضوع آلية التعيينات الإدارية، والذي سيكون نجم الجلسة، بحسب ما اشارت «اللواء» وذلك لاستكمال النقاش الذي بدأ في الجلسة الماضية حول الآلية المفترض اتباعها في التعيينات الإدارية والدبلوماسية المتعثرة عند شرط المداورة، وهو النقاش الذي لم يصل الى نتيجة الاسبوع الماضي، نتيجة تباين الآراء بين مكونات الحكومة حول ما اذا كان يفترض اتباع الآلية المعتمدة من قبل الحكومات المتعاقبة منذ العام 2010، أم اعتماد آلية جديدة، ام تركها اختيارية للوزير المعني.
وأوضحت مصادر وزارية أن الآلية السابقة كانت تقضي بطرح الوزير ثلاثة أسماء للتعيين، يتم اختيارهم بواسطة مجلس الخدمة المدنية ووزارة تنمية الشؤون الإدارية، ويختار مجلس الوزراء واحداً منها، ولو باتفاق سياسي مسبق بين مكونات الحكومة، لكن وزير الخارجية جبران باسيل اقترح في الجلسة الأخيرة تجاوز الآلية المتبعة، وأن تكون آلية التعيين اختيارية للوزير، اي يمكن ان يلتزم بها او لا يلتزم وفق ما يراه مناسباً، وهو ما ايده فيه وزراء تيار «المستقبل» نظراً لوجود مراكز ادارية عدّة تهم «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» يفترض البت بها سريعاً خلال ولاية الحكومة الحالية، لكن الوزير ملحم رياشي، رفض القاء الآلية، في حين طلب الوزير محمّد فنيش ادراجها على جدول الاعمال لمناقشتها.
وفي تقدير وزراء «القوات اللبنانية» انه يجب ان تكون هناك معايير واضحة تنطبق على كل المرشحين للتعيين، وان يجري احترام هذه المعايير من قبل كل الاطراف بغض النظر عن الآلية المتبعة، وليس ان يتم تعيين احد الاشخاص كيفما كان بناء لاقتراح من الوزير المعني ويمر التعيين في مجلس الوزراء.
وبحسب المصادر الوزارية، فإن الامر بحاجة الى توافق سياسي حول الآلية قبل الشروع في التعيينات، وهو متروك للنقاش سواء داخل الجلسة او خارجها، حيث يتوقع ان تجري اتصالات بهذا الشأن خلال اليومين المقبلين، مع العلم بأن فريقاً وزارياً وازناً يصر على الاستمرار في اتباع الآلية المعتمدة، عبر عنه وزراء حركة «امل» وحزب الله وآخرون.
وعلم ان المجلس يناقش عرض وزارتي الطاقة والمياه والمالية انتاج الكهرباء من طاقة الرياح المؤجل من الجلسة السابقة، ومشروع لتعديل دفتر الشروط دورة التراخيص في المياه البحرية ومشروع مرسوم يرمي الى تعديل بعض الانظمة والقواعد المتعلقة بالانشطة البترولية في المياه البحرية وهي بنود تم ارجاؤها بسبب غياب وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل.
وفي حال تم الغاء الآلية، وهو ما يرجح، فإن أحد أبرز ضحاياه، سيكون تأخير تعيين مجلس ادارة تلفزيون لبنان وبالتالي تمديد ازمة التلفزيون حيث كان الوزير المعني قد اقترح ثلاثة اسماء من بين 17 مرشحاً تمت غربلتهم من قبل وزيرة التنمية الادارية والاعلام باشراف مجلس الخدمة.
ملف النزوح
باستثناء مهرجان الحزب السوري القومي الاجتماعي في ذكرى رحيل مؤسسه انطون سعادة الذي كان فرصة او مناسبة لقادة احزاب الثامن من آذار للتأكيد على وجوب التنسيق مع دمشق لانهاء ملف النزوح السوري في لبنان، لم يطرأ اي تطور جديد على هذا الملف، بانتظار اجتماع اللجنة الوزارية المعنية بشؤون النازحين عند الخامسة من بعد ظهر الاربعاء، في السراي الكبير، واستدعاء الرئيس الحريري لقائد الجيش العماد جوزف عون اليوم للبحث معه في تداعيات مداهمات الجيش لمخيمات النازحين في جرود عرسال، وما يتصل بالتحقيقات التي تجريها القيادة لظروف وفاة عدد من السوريين الذين اوقفوا في هذه المداهمات، في ظل الحاح الدول المانحة لمعرفة ما الذي حدث بخصوص وفاة موقوفين سوريين.
ولئن اراد الرئيس الحريري من وراء دعوة العماد عون للاجتماع به اقفال هذا الموضوع، من خلال وضع الامور في نصابها الصحيح، وتوضيح كل ما ألتبس حيال ظروف وفاة الموقوفين السوريين الاربعة، والتأكيد، بالتالي، بأن النازحين السوريين هم شركاء في مكافحة الارهاب وكشف وملاحقة الخلايا الارهابية المتغلغلة في بعض المخيمات في عرسال، فقد كان اللافت للانتباه، ان الخطوة التي اراد منها الرئيس الحريري تأكيد دعمه للجيش ولقيادته، والثناء على تضحياته في مواجهة الحرب على الارهاب، قوبلت بحملة مضادة، لم تكن بعض الاجهزة الاعلامية التابعة لـ «للتيار الوطني الحر» بعيدة عنها، بما يؤشر الى بداية اهتزاز للتسوية السياسية التي انتجت مجيء الرئيس عون لرئاسة الجمهورية، او بداية تغيير في المواقف، بحسب الوزير غطاس خوري.
واللافت ان الحملة اتخذت منحيين:
الاول: اعتبار استدعاء الرئيس الحريري لقائد الجيش سابقة دستورية، اذ لا يجوز لرئيس الحكومة استدعاء موظف الا بعلم وزيره، مشيرة الى ان صمت وزير الدفاع يعقوب الصراف من خطوة الحريري «مريب».
الثاني: ان الكلمة الفصل بكل ما يعود للتدابير والاجراءات التي ينفذها الجيش للحفاظ على الامن والاستقرار في البلاد، تعود لرئيس الجمهورية، بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة، انطلاقاً من المادة 52 من الدستور، بحسب وزير العدل سليم جريصاتي لمحطة O.T.V الناطقة بلسان التيار العوني.
ومهما كان من أمر، فإن بعض المصادر المطلعة لا تستبعد ان يتطرق اجتماع الحريري، عون الى المعلومات التي تتحدث عن احتمال اقتراب موعد بدء معركة انهاء وجود المسلحين من تنظيمات «داعش» و«النصرة» في جرود عرسال، استناداً الى التطورات الميدانية التي تحصل على الحدود اللبنانية – السورية، والتي اختصرها مراقبون ميدانيون بـثلاثة:
1 – بدء الطيران الحربي التابع للنظام السوري شن سلسلة من الغارات على مواقع المسلحين في الجرود، والتي بلغت في يوم واحد امس عشر غارات على منطقة الكسارات في جرود عرسال.
2 – القصف المدفعي اليومي للجيش للمسلحين في الجرود والذي يهدف الى تعطيل تحركهم، ومنعهم من القيام بأي مبادرة لهجوم على مواقع الجيش.
3 – معلومات عن ان حزب الله انهى استعداداته لمعركة الجرود، وانه استقدم تعزيزات لهذه الغاية، فضلاً عن ان ساعة الصفر اصبحت قريبة جداً.
ورغم الاعتقاد السائد، بأن اي معركة لانهاء وجود المسلحين، لا بد ان تتم بتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري، لاحكام القبضة عليهم، لا سيما وان الجبهة داخل الحدود السورية صعبة ووعرة، فإن مشاركة حزب الله في هذه المعركة، غير مرحب بها أقله من جانب تيار «المستقبل» والقوات اللبنانية اللذين يعتبران ان هذه المهمة تعود للجيش اللبناني حصراً، من منطلق ان السلاح يجب ان يكون للشرعية اللبنانية وحدها.