لعلّه استنتاجٌ عام متفّقٌ عليه من أكثر من خبيرٍ انتخابي. تساؤلاتٌ عدة تطرح في هذا السياق، عن تحالفات جنبلاط الانتخابية التي لا شك في انها انعكاس مرآةٍ لصحة العلاقات السياسية التي تربطه على الأقل بحلفائه السابقين الذين شبكوا أيديهم بيديه في انتخابات سنة 2009، وعلى رأسهم الرئيس سعد الحريري. ولعله أيضاً من المبكر الحديث عن التقلبات التي ستشهدها بورصة التحالفات السياسية حتى أيار 2018 مع تسارع التغيرات الطارئة على المشهد السياسي اللبناني العام، وهو ما تمثّل أخيراً بمشاركة النائب سليمان فرنجية في "اللقاء التشاوري" في بعبدا والحديث عن تقارب يطبخ مع رئيس الجمهورية ميشال عون. في ظلّ هذه المشهدية، أين يتموضع الحزب التقدمي الاشتراكي؟
"النقطة الأهم تمثلت بالتوصل الى قانون انتخاب، فيما كل طرح جديد كانت لتشوبه السلبيات الى جانب ما يميزه من ايجابيات". بهذه العبارة يحسم أمين السر العام في الحزب التقدمي ظافر ناصر موقف الحزب من القانون الجديد، مؤكداً لـ"النهار" أن "الحزب جزء لا يتجزّأ من المساهمين في هذا القانون وسعينا للتوصل الى التسوية بصرف النظر عن التحفظات، لكننا نستعد ديموقراطياً لخوض الانتخابات كقوى واطراف سياسيين". وماذا عن المحافظة على التحالفات التقليدية في الجبل الى جانب "القوات" والكتائب والأحرار؟ يجيب: "من المبكر الحديث عن صورة التحالفات النهائية، وما يعنينا في الجبل هو تكريس المصالحة والشركة، ونحن منفتحون على كلّ الأطراف السياسيين".
ويوضح الملابسات حول مقعد بيروت الدرزي: "لن أخوض في تفاصيل انتخابية من هذا النوع، لأن النتائج مرهونة بالتحالفات". كيف، إذاً، يمكن قراءة المشهد الانتخابي في ظل الفتور في العلاقة بين الرئيس الحريري والنائب جنبلاط؟ لا ينفي ناصر أن كلّ شيء وارد في السياسة، وأي اختلاف في وجهات النظر من الممكن معالجته، "لذلك نقول إنه من المبكر الحديث عن التحالفات التي هي ترجمة للعلاقة مع القوى السياسية". وماذا عن التركيز على "قطف" المقاعد الدرزية في ظل الصوت التفضيلي؟ "نحن كتلة متنوعة لا يقتصر نوابها على الدروز، وكلّ مرشح في لائحتنا سيتمتع بالأولوية نفسها، أكان درزياً أم لا". وماذا عن امكان اختيار وجوه تمثيلية جديدة في الترشيحات، وهي خطوة تبنتها "القوات اللبنانية" وتنال اعجاب الرأي العام اللبناني؟ يجيب: "سنختار المرشحين بشكل واضح وعلني، ولا يزال من المبكر الاعلان عن هذه الخطوة".
"تسعة نواب "
تسعة مقاعد نيابية هي الحصيلة المؤكدة التي لا بد لرئيس "اللقاء الديموقراطي" أن يضمنها في برلمان 2018، وفق ما يقول الخبير الانتخابي كمال الفغالي لـ"النهار". ويدعّم نظريته بشرحٍ مفصل، اذ يتبين ان "التقدمي الاشتراكي يضمن الفوز بسبعة مقاعد في الشوف وعاليه ومقعد واحد في بعبدا ومقعد واحد في البقاع الغربي". وبالأرقام، يفصّل الفغالي عدد الناخبين الذين يفترض أنهم يشكلون الثقل الشعبي لجنبلاط، استناداً الى نتائج دورات الانتخابات النيابية التي سبقت: "في عاليه والشوف، يربح جنبلاط ما يقارب 50 ألف صوت درزي، فضلاً عن آلاف الأصوات من السنة والمسيحيين المعروفين بولائهم للعائلة الجنبلاطية (ما يقارب 15000 صوت سني و1500 صوت مسيحي)، مما يعني القدرة على الفوز بسبعة مقاعد من أصل13".
ويدحض الفغالي نظرية خسارة جنبلاط ستة مقاعد كان الفوز حليفه فيها في الشوف وعاليه، اذ انه "كان سابقاً يبني تحالفات انتخابية مع القوات اللبنانية والكتائب والوطنيين الأحرار والمستقبل، وتالياً لا يمكن اعتبار دوري شمعون او جورج عدوان جنبلاطيين". ويستدرك أن "النائبين هنري حلو وفؤاد السعد لا يمكن اعتبارهما جنبلاطيين أيضاً، اذ انهما يشبهان معادلة النائب الملك لا أكثر، وموقفهما لا يتلاقى دائماً مع موقف التقدمي الاشتراكي". وفي قضاء بعبدا، "يفوز جنبلاط بتأييد 13 ألف صوت، فضلاً عن اولئك الذين يحصدهم في حال تحالفه مع النائب السابق عبدالله فرحات، بما يعني أن فوز مرشحه سهل". أما في البقاع الغربي، فيحتاج جنبلاط، ودائماً وفق الفغالي، الى 12 ألف صوت ليفوز بالمقعد الدرزي، في حين ان عدد أصوات مؤيديه يبلغ تسعة آلاف، ويمكنه حصد المزيد بسهولة في حال شكّل لائحة تضم عدداً من الأفراد الفاعلين في البقاع الغربي. وفي حال منح خصوم السياسة صوتهم التفضيلي للمرشح الدرزي في المناطق المذكورة، ماذا عن النتيجة؟ "حينها يفوز جنبلاط بمقعدٍ من طائفة أخرى على حساب المقعد الدرزي، لكني لا اعتقد انه يتم التسليم للعبةٍ انتخابية كهذه".
مقعدا بيروت وحاصبيا
تتلاقى وجهة نظر الخبير الانتخابي عبده سعد مع رأي الفغالي في القول ان كتلة جنبلاط النيابية ستتقلص بحدودٍ معينة في ظل القانون الجديد. وماذا عن امكان الفوز بالمقعد الدرزي في بيروت؟ "المقعد الدرزي في بيروت لن يكون من نصيب التقدمي الاشتراكي لأنه يحتاج الى سبعة عشر ألف صوت حتى يربح مقعدا واحدا في بيروت. في حين أن عدد الناخبين الجنبلاطيين محدود"، وهو ما يعني وفق سعد ان "على جنبلاط التحالف مع تيار المستقبل للفوز في بيروت، وفي حال عدم الرسوب، المسألة تعتمد على الكتل التي ترشّح وجهاً درزياً في بيروت لمعرفة الفائز، فيما حظوظ المجتمع المدني في بيروت قد لا تتجسد في المقعد الدرزي نفسه". وماذا عن المقعد الدرزي في حاصبيا؟ "التحالفات الانتخابية في حاصبيا هي من تحدد هوية النائب الفائز، اذ ان جنبلاط يحتاج الى نحو 20 الف صوت للفوز. فيما الأصوات الجنبلاطية تحصى بخمسة آلاف، لذلك يبقى التحالف الانتخابي هو الأساس". وبصريح العبارة، وفق سعد، "لا بد للاشتراكي ان يتحالف مع الثنائي الشيعي، فيما امكان تخلي الرئيس نبيه بري عن النائب أنور الخليل رهن المصالح السياسية، ولكن يبدو أن الأخير متمسك بالخليل حتى الآن".