قد أتفهم دعوة حزب الله للحكومة اللبنانية إلى التفاوض والتنسيق مع نظام بشار الأسد، لأننا إذا ما قاربنا المشهد السياسي وتركيبته الحالية والصفقة التي أنتجت التركيبة المتحكمة بالقرار السياسي في لبنان ابتداءًا من رئيس الجمهورية ووصولًا إلى تشكيل الحكومة ندرك بان الحزب استطاع ان يفرض كامل شروطه ويحقق ما يصبو اليه بحيث أننا لم نعد نسمع أي معارضة لسياساته من الأطراف الداخلة بالتسوية والمشاركة بتقاسم السلطة في الواقع اللبناني، فالخصوم قد رفعوا أكثر من راية بيضاء معلنين إستسلامهم لمشيئته ولو تحت عنوان "فض الإشتباك".
إقرأ أيضًا: الجيش والحب الكاذب
وبناءًا على ما تقدم، فمن الطبيعي جدًا على الحزب المنتصر "داخليًا"، أن يعمل لتسييل إنتصاراته المحلية هذه، بخدمة مشروعه الإقليمي في لحظة تجميع الأوراق عند اللاعبين الصغار، لفرضها كأمر واقع على طاولة الجبابرة وما يحاك عليها ان في الأستانة أو حاليًا في همبورغ على هامش قمة العشرين وما سيليها.
وفي هذا السياق فقط يمكن أن نفهم دعوة الحزب لإعادة المياه (الاسنة) إلى مجراها الطبيعي بين لبنان الرسمي ونظام بشار، ولو على حساب دماء اللاجئين، وإلا فمن يفسر لنا مطلب دعوة هؤلاء "الإرهابيين" الرجوع إلى سوريا؟!!، وكيف نستوعب أن التنسيق مع نظام التهجير يساهم بعودة من يريدهم أمواتًا أو معتقلين!
إقرأ أيضًا: انتهى دور داعش، وبدأ دور الحشد
القضية لا تحتاج إلى كثير إعمال عقل، فهؤلاء اللاجئون اما هم من اتباع النظام، واما هم من من معارضيه (بالإذن من المنار التي لا تعترف بوجود معارضة)، فإذا ما كانوا من الصنف الاول فإن الأمر لا يحتاج الا إلى قرار من النظام وإرادة عودة منهم (متلما اتو يعودون)، واما هم من الصنف الثاني (معارضة) فهذا يعني بأن التنسيق مع النظام لعودتهم لا تعني إلا تسليمهم لقاتلهم، وعلى كلا التقديرين فان التنسيق مع النظام هو بمثابة لزوم ما لا يلزم لو أن القضية متعلقة باللاجئين.
ومن هنا فقط يمكن أن نفهم بأن إنفتاح الحكومة اللبنانية والتحاور مع نظام بشار ليس هو من أجل عودة اللاجئين وإنما بهدف العودة السياسية لبشار الأسد ونظامه إلى لبنان وإستعماله من جديد كورقة تفاوضية ولا دخالة البتة للاجئين وعودتهم بالموضوع.