اقتحم ملف النازحين السوريين جلسة مجلس الوزراء، أمس، إنما من دون ان يفجرها، بحيث بقي الخلاف حول مبدأ الحوار مع الدولة السورية، تحت السيطرة، على قاعدة أن أمن الحكومة فوق كل إعتبار.
ولأن ضرورات التوافق تحكم هذه المرحلة، فقد تم احتواء السجالات الجانبية التي نبتت على ضفاف الجلسة وجرى تجنب حسم الخيار المفترض اتباعه في معالجة ازمة النزوح السوري، وبالتالي يمكن الإستنتاج أن مجلس الوزراء قرر المضي في الهروب إلى الامام لحماية جسمه الهش، مؤجلًا البت في آلية المعالجة.
إقرأ أيضًا: 10 ضحايا في أوساط المعتقلين السوريين وضغوطات جرت لدفنهم وإقفال القضية
وبهذه الحال سيبقى موضوع النزوح السوري في لبنان مادة للسجال السياسي والاعلامي دون أي مقاربات موضوعية لحل المشكلة وسيحاول السياسيون كالعادة الإفادة من الموضوع كلٌّ حسب ما تقتضيه مصالحة وأهواءه الحزبية والسياسية، في المقابل تغيب المعالجات السياسية الرسمية لهذا الموضوع حرصًا على الإستقرار وإستمرار التسوية السياسية.
إن ملف النازحين السوريين يجب أن يعتبر أولولية سياسية وإجتماعية بالنظر الى التبعات التي تصيب لبنان جراء هذا الملف وتجب المبادرة عبر مؤسسات الدولة الرسمية إلى وضع حلول جذرية لهذه الأزمة من زواياها المتعددة خصوصًا السياسية والإجتماعية والانسانية ويجب أن يكون العمل الاساسي هو التزام القوانين الدولية والضوابط السياسية وإخراج الموضوع من دائرة السجال السياسي والإعلامي الذي لا يقدم و لا يؤخر.
إقرأ أيضًا: حل قضية النازحين السوريين... كلام حق يراد به باطل
إن مقاربة أزمة النازحين السوريين يجب أن تخرج من السجال السياسي وأن لا تكون كمينا لتفجير التسويات وأن لا تكون مادة جديدة في بازار الخلافات السياسية اللبنانية، كما أن على اللبنانيين كافة أن يتعاملوا مع الموضوع بإنسانية عالية وإعتبار النازح السوري ضيفا وجارًا لا بد من الاهتمام به والإلتزام بالمعاملة الإنسانية تجاهه بغض النظر عن المخاوف الأمنية من مخيمات النازحين وإبقاء هذا الموضوع الأمني في عهدة الجهات المختصة من أجهزة أمنية وعسكرية التي تتولى هذه المهمة، إذ لا يجوز التهاون في موضوع الإستقرار الأمني في البلاد تحت أي حجة أو عذر.
إن لبنان لم يسبق أن عمل وفق سياسات جدية تجاه قضية النازحين السوريين، ولا يمكنه اليوم اللجوء الى حلول شعبوية وارتجالية لأن الموضوع بات بحاجة إلى معالجة إستراتيجية في مقدمتها حماية مصالح لبنان وأمنه وإستقراره وسيادته من جهة، ومن جهة ثانية التزام جميع المعاهدات بحماية النازحين واللاجئين ومراعاة مقتضيات الجوار والتاريخ مع الشعب السوري الشقيق.