قالت مصادر مقربة من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن العلاقة بينه وبين قيادات الحشد الشعبي قد ساءت في الفترة الأخيرة بشكل جعل هذه القيادات تطالب إيران بالضغط للإطاحة به وتغييره برئيس وزراء موال للحشد.
وباتت نبرة تحدي الحكومة والتشكيك في نواياها، لا سيما ما تعلق بالسياسة الخارجية والعلاقات مع الولايات المتحدة ودول الخليج، جزءا أساسيا من خطاب قيادات الحشد الشعبي وأنصاره وداعميه.
وبعد أخذ ورد بين العبادي وزعيم منظمة بدر هادي العامري، بشأن استعادة قضاء تلعفر شمال غرب نينوى، دخل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس على خط التوتر، متحديا رئيس الوزراء العراقي بشأن نوايا حل الحشد الشعبي.
وصرح المهندس المقرب من إيران خلال جلسة علنية مطلع الأسبوع، بأنه أبلغ ممثل الأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش باستحالة حل الحشد الشعبي.
وقال المهندس “زارني خلال عمليات تحرير مدينة الفلوجة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، والذي حاول أن يساوي بين داعش والحشد الشعبي، فقلت له: لا تصدقوا من يقول إنه قادر على حل الحشد الشعبي حتى لو كان رئيس الوزراء”.
وتابع، حتى “إذا وقّع الجميع على حل الحشد وحدث ذلك، فإننا سنعود إلى التجمع مجددا مع أي حادثة صغيرة والسلاح موجود”.
وفي محاولة لاحتواء الأزمة أصدرت هيئة الحشد الشعبي بيانا مهادنا تتراجع فيه عن تصريحات المهندس.
ولم يعر العبادي توضيح الحشد الشعبي أي اهتمام، إذ أن تصريحات المهندس المتلفزة والتي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، “لم تكن في حاجة إلى تفسير”، وفقا لمسؤول في مكتب رئيس الوزراء العراقي.
واستغل العبادي إيجازه الصحافي الذي قدمه مساء الثلاثاء، ليعرج على جميع القضايا الجدلية المرتبطة بالحشد الشعبي، ولا سيما رغبة قادته في خوض معارك داخل الأراضي السورية ومساعيهم لاستثمار الانتصارات العسكرية في الدعاية الانتخابية والسياسية.
وقال العبادي إن “قواتنا بجميع أصنافها تقاتل تحت إمرة الدولة ونرفض تسييس القوات الأمنية وعلينا أن ننأى بها عن العمل السياسي”، مشيرا إلى أن “الدعوات للدخول إلى الأراضي السورية هي خارج مؤسسة الحشد الشعبي”.
ويقول الكاتب العراقي القريب من زعيم ائتلاف دولة القانون وقادة الحشد الشعبي إياد السماوي، إن “المهندس يعي تماما ما يقول”، وإن الصراع بين المشروع الأميركي والمشروع الإيراني “قد بات مكشوفا وعلنيا”.
واعتبر مراقبون عراقيون أن محاولات إضفاء الطابع القانوني على الحشد الشعبي لم تكن تهدف إلى دمجه في الدولة العراقية ووضعه تحت تصرفها، وإنما الهدف من ذلك يكمن في إعفائه من أي تبعات قانونية يمكن أن تقع بسبب سلوك أفراده المسلحين في انتهاكهم القوانين من خلال ارتكاب جرائم في حق المدنيين.
وقال مراقب عراقي “إن إيران المتحكمة بالشأن العراقي قد نجحت في إضفاء نوع من الحصانة على وجود ميليشيات تم تجميعها من الشارع لتكون قوة طائفية، يتم اللجوء إليها لضبط الشارع في الأوقات العصيبة التي يمكن أن يمر بها النظام القائم على ركيزة حكم ما صار يسمى بالأغلبية الشيعية”.
وأشار المراقب في تصريح لـ”العرب” إلى أن تبعية الحشد الشعبي لإيران تكشف عن أن مرجعيته ليست عراقية، بالرغم من أن مسألة تمويله قد أنيطت بعهدة الدولة العراقية حصرا. وهو ما يعني أن الدولة العراقية ملزمة بالإنفاق على مئات الآلاف من الرجال المسلحين الذين- يدينون بالولاء لدولة أجنبية ويتلقون أوامرهم من الحرس الثوري الإيراني مباشرة.
وأكد المراقب على أن العبادي المقيد بولائه لحزب الدعوة الذي يتزعمه نوري المالكي يجد نفسه واقعا في فراغ، وأنه لن يتمكن من خلاله من مقاومة الضغوط التي تجر العراق إلى الخندق الإيراني، مشددا على أن العراق سيكون الخط الساخن الأول في أي نزاع محتمل بين الولايات المتحدة وإيران، وأن الحشد الشعبي هو في حقيقته قوة مسلحة تقاتل دفاعا عن إيران خارج أراضيها، كما يفعل حزب الله تماما.