شغلت حكاية سلوى، التي رفضت العودة مع أهلها بعد فترة من التشرد في الشوارع وتحديداً أسفل كوبري العباسية بالقاهرة وفضلت الإقامة في إحدى دور الإيواء، عدداً من وسائل الإعلام المصرية، ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، وأصبحت حديث الجميع لندرة حالتها وما حدث معها.
عندما تشاهد سلوى تعتقد من الوهلة الأولى أنها أحد متسولي الشارع، وأن القدر ألقاها للتسول تحت كوبري العباسية في حي العباسية بالقاهرة بل والنوم تحته فترة كبيرة. فمظهرها وقدماها الحافيتان وشعرها المتجعد توحي للمارين، هي سلوى عرابي التي لقبت إعلامياً بـ"فتاة كوبري العباسية"، في العشرين من عمرها وتقيم في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية التي تقع على بعد 92 كم من القاهرة.
ومن خلال حساب فايسبوك الخاص بها تبين أنها مخطوبة، وأن هذا الحساب حديث نسبياً لم تدشنه إلا في أيار هذا العام وكان آخر ما كتبته بتاريخ 25 أيار، حيث وضعت صورة رسمة لفتاة يغطي شعرها وجه رجل يقف وراءها ويصورها سيلفي وقد كتبت تعليق تحتها من كلمة واحدة فقط هي "بحبك".
ويضم حسابها في فايسبوك مجموعة من صورها الشخصية التي تعطي إيحاء من طريقة ملابسها وتسريحة شعرها بأنها من أسرة مرموقة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي ومرتاحة ماديًا، فما الذي دفعها إلى أن تنام على الرصيف؟ هذاالسؤال حاول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بمصر البحث عن إجابة له بعدما قام بعضهم بالتقاط صور لها ووضعها في فايسبوك وتويتر حتى يتعرف إليها أهلها.
وبعدما نشرت صورها توصل إليها أهلها وتعرفوا إليها لكنها أصرت على عدم الرجوع معهم بل فضلت الإقامة في إحدى دور الرعاية، فيما أكد عدد من أصدقائها في فايسبوك والذين يبلغ عددهم 42 صديقاً أنهم يعرفونها معرفة سطحية في فايسبوك فقط ولا يعرفون معلومات عنها.
مؤسسة "معانا لإنقاذ إنسان" الكائنة بحي مدينة نصر بالقاهرة والتي تهتم بإيواء المشردين في الشوارع ورعايتهم، تبنت حالة سلوى وأوتها بعدما رفضت العودة مع أهلها، فيما أكد محمود وحيد مدير المؤسسة أنهم سيتولون رعاية حالة الفتاة حتى تشفى تماماً، وأن المؤسسة منذ ذهابها لقسم الشرطة وهي لم تتخلَّ عنها بل صممت أن تؤوي الفتاة وجندت فريقاً طبياً واجتماعياً للكشف على حالة الفتاة وتشخيصها إذ تبين إصابتها بأزمة نفسية حادة دفعتها لترك أهلها والتصرف بهذه الطريقة وكأنها متسولة.
من جانبه، قال الاستشاري النفسي ورئيس الأكاديمية العربية للعلوم النفسية، الدكتور أحمد هارون، إن الشخص لا يلجأ إلى الهروب إلا في حالة التعرض المستمر للمشكلات التي تسبب له نوعاً من الأزمة النفسية الحادة مع ضعف الجانب الإيماني والديني، فتحدث له حالة من الفصام أو التقمص فيعيش وكأنه شخص آخر ويأتي بتصرفات أخرى لم يعهدها من قبل، وقد تكون الفتاة تعرضت لصدمة عاطفية أو أزمة تفسية كبيرة مع الافتقاد للشخص المنقذ أو المساعد أو المحفز لها من الأسرة أو الاصدقاء فلجأت للهروب تاركة وراءها كل شيء، لافتاً إلى أنه يجب تشخيص حالة الفتاة بشكل دقيق حتى تعالج بشكل صحيح لأن المرض النفسي كالعضوي إن لم يعالج جيداً تكن له آثار جانبية، ويتفاقم الوضع الصحي وتتدهور الحالة.