ارتفعت وتيرة التصعيد اللبناني العام ضد اللاجئين السوريين، وترجم ذلك في كثافة حملات الاعتقال والمداهمات العشوائية وتكرار ظاهرة احتراق مخيمات للاجئين بالبقاع.
وتم تسريب معلومات منسوبة إلى مصادر أمنية تقول إنه تأكد انتماء 40 سوريا من أصل 400 سوري ألقى الجيش اللبناني القبض عليهم إثر عملية عرسال، إلى منظمات إرهابية.
وفي خضم هذا التصعيد برز اختراق موقع تلفزيون لبنان من قبل مجموعة أطلقت على نفسها اسم “جيش الثورة السوري الإلكتروني”.
ونشرت المجموعة تهديدات عامة طالت الجيش اللبناني واللبنانيين عموما مستعملة هاشتاغ “جريمة عرسال لا تغتفر”، وكانت المفردات المستعملة في البيانات التي طبعت على خلفية سوداء تتضمن إهانات.
ولا يستبعد البعض وقوف مؤيدين للنظام السوري في لبنان خلف الاختراق من أجل تأجيج التوتر بين اللبنانيين واللاجئين، ودفع الحكومة اللبنانية إلى البحث عن حلول من قبيل التواصل مع النظام السوري لعودتهم.
وهناك اليوم انقسام لبناني حاد بين مؤيدي دعوة نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم إلى التفاوض المباشر مع النظام السوري من أجل حل قضية اللاجئين، والمواقف الصادرة عن وزير الدولة لشؤون اللاجئين معين المرعبي والمنتمي إلى تيار المستقبل والذي يدعو فيها إلى اعتماد مرجعية الأمم المتحدة.
ورفضت آراء أخرى وجهات النظر المؤامراتية ورأت أن اختراق موقع التلفزيون اللبناني تعبر عن طبيعة العلاقة بين اللبنانيين والسوريين، محذرين من مغبة تجاهل الرغبة السورية في الرد على الإهانات التي يتعرضون لها في لبنان على خلفية وصمهم بالإرهاب.
وتظهر التعليقات التي يكتبها السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي عن وصول الأزمة بينهم وبين اللبنانيين عموما إلى حدود خطيرة، كما يلاحظ متابعون أن هناك نزعة لبنانية تتكرس لرفض اللجوء السوري في لبنان.
ميشال موسى: التنسيق مع دمشق بشأن ملف النزوح لا يفرض على أي من القوى تغيير مواقفها
ويبدو لافتا أن التعاطف اللبناني مع اللاجئين السوريين والذي خفتت وتيرته بشكل ملحوظ بات مقتصرا على بعد إنساني عام، ولم يعد قائما على عناوين سياسية.
ويعرض المحامي نبيل الحلبي واقع أزمة اللجوء وخيارات معالجة الموضوع من خلال الأمم المتحدة الذي تدعو إليه أطراف ترفض أي تعاون مع النظام السوري.
ويعتبر الحلبي أن الدعوات للتنسيق مع دمشق ليست جديدة، مؤكدا أن هذه الدعوات مرفوضة حقوقيا قبل كل شيء لأن عودة اللاجئ السوري إلى أحضان النظام تشكل خطرا عليه وعلى عائلته لأن معظم اللاجئين في لبنان هم من معارضيه.
ولا يمكن اعتماد سيناريو ما يسمى المناطق الآمنة لأنه لا يحمي العائد من الاعتقال لأن المناطق تخضع لسيطرة دمشق أو حلفائها.
ويؤكد مدير مؤسسة لايف أن أي إعادة قسرية لأي لاجئ سوري إلى مناطق النظام السوري تنطوي على انتهاكات جسيمة للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
ويشير الحلبي إلى مأزق قانوني يعيق إحالة الموضوع إلى الأمم المتحدة بسبب عدم توقيع لبنان على اتفاقية اللجوء لعام 1951، ما يفرض حالة قانونية دولية تنظر إلى وجود اللاجئ السوري في لبنان بوصفه حالة مؤقتة لا تخضع لشروط اللجوء الدولية.
من هنا لا يشكل لبنان سوى مجرد محطة عبور يستقر فيها اللاجئ مرحليا في انتظار إعادة توطينه في دول اللجوء عبر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
وينبه المحامي من انتشار نغمة التحريض ضد السوريين انطلاقا من فكرة تسبب وجودهم في لبنان بحرب أهلية مقارنة بما كان قد تسبب فيه الوجود الفلسطيني من تفجير شرارة الحرب الأهلية عام 1975، معلنا أن هذا المنطق يتجاهل قصدا الفرق بين الحالة المسلحة للوجود الفلسطيني، وحالة اللاجئ السوري المدني الذي لا يمتلك تنظيمات مسلحة تعمل في الداخل اللبناني.
في المقابل طالب النائب عن كتلة التنمية والتحرير ميشال موسى بفصل الإنساني عن السياسي في ما يخص التعامل مع قضية اللجوء السوري في لبنان، مشددا على أنه إذا كان التفاهم مع الحكومة السورية يمكن أن يشكل مدخلا لحل أزمة اللجوء التي تتفق كل القوى اللبنانية على أنها تشكل خطرا كبيرا على لبنان، فإن عدم السير في هذا الخيار ليس مفهوما، خصوصا أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لا تزال قائمة.
ويلفت موسى إلى أن التنسيق مع الحكومة السورية بشأن ملف النزوح لا يفرض على أي من القوى السياسية تغيير مواقفها ومبادئها، ولا يغير شيئا في الواقع التسووي الذي ضبط إيقاع التوتر السياسي في البلد.