كلمة «نازحين» او «لاجئين» تثير خوف اللبنانيين وتجعلهم يعيشون في حالة قلق من التداعيات المستقبلية على بلدهم خاصة وان التجربة الفلسطينية كانت وما تزال ضاغطة ديمغرافيا واجتماعيا وامنيا على الشعب اللبناني. والحال ان تداعيات مسألة نزوح عدد كبير من الفلسطينيين الى لبنان ما زالت حاضرة في البال والذاكرة اللبنانية تجاه النزوح الفلسطيني وهي مليئة بالحوادث الاليمة والعنيفة ومن هنا اذا كان اللبنانيون يطالبون حكومتهم بايجاد حل للنزوح السوري فذلك ينبع من حاجة المواطن اللبناني الى التأكد من ان الماضي لن يتكرر. وعلى هذا الاساس، بات على الحكومة اللبنانية البحث في ايجاد حل يرضي اللبنانيين ويشعرهم بالطمأنينة حيال وضعهم الاني والمستقبلي وفي الوقت ذاته تأمين عودة النازحين السوريين في لبنان الى مناطق امنة فيتجنبوا الحرب التي فروا من ويلاتها.
ذلك ان عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم ستكون القضية الاساسية على المستوى الوطني في المرحلة المقبلة سيما بعد التطورات الميدانية الاخيرة في سوريا حيث سيطر النظام السوري وحلفاؤه على عدة مدن سورية كبرى كانت خارج سيطرتهم وتحت هيمنة داعش فتحولت مناطق سورية من ساحة اشتباكات متواصلة الى منطقة شبه آمنة. ايضا، وطالما ان الافرقاء اللبنانيين منقسمون بين مؤيد ومعارض للتواصل مع الحكومة السورية في شأن عودة النازحين الى سوريا سيكون ملف النازحين موضوع نقاش في مجلس الوزراء اليوم خاصة ان المؤيدين للتنسيق مع الحكومة السورية هم حزب الله والتيار الوطني الحر من جهة في حين ان المعارضين هم تيار المستقبل والقوات اللبنانية.
وامام هذا الانقسام بين الاحزاب اللبنانية الاساسية، يشدد مصدر موثوق به انه يتوجب على الافرقاء اللبنانيين عدم اللجوء الى سياسة تسجيل النقاط حول هذا الموضوع من الناحية السياسية بل المطلوب هو النظر لقضية اللاجئين من منظار المصلحة الوطنية التي تقضي بعودة النازحين السوريين الى اراضيهم بالسرعة الممكنة ووفقا للمعايير الانسانية التي لا تعرض سلامتهم وحريتهم لخطر خاصة ان زيادة عدد السوريين الذين توافدوا الى لبنان هربا من جحيم الحرب قد ارخت بظلالها على الاقتصاد اللبناني وبات المواطن اللبناني لاجئاً على ارضه.
وفي سياق متصل، قالت اوساط سياسية لـ«الديار» انه على الحكومة اللبنانية ان تدرس ملف الحوار مع الحكومة السورية حول النازحين السوريين في لبنان واعادتهم الى بلادهم بشكل جدي ومسؤول دون ان تدخل في المزايدات والانفعالات التي لا تخدم مصلحة الشعب اللبناني. واشارت الى ان عودة النازحين السوريين في لبنان الى سوريا لا يمكن معالجتها عبر قنوات امنية بل فقط عبر حوار صريح بين الحكومة اللبنانية والسورية وغير ذلك تكون فقط حلولاً جزئية لمسألة النازحين. وردت هذه الاوساط على اصحاب القطيعة مع الحكومة السورية والرافضين للحوار معها بشأن النازحين السوريين بان هؤلاء ملكيون اكثر من الملك ذلك ان المعارضة السورية تتفاوض مع الحكومة السورية في استانا كما تفاوض الولايات المتحدة وتركيا ودول اخرى الحكومة السورية في جنيف فلماذا في لبنان لا يرضى اصحاب العقول الحامية التفاوض مع النظام السوري؟ وعللت الاوساط السياسية اسباب رفض بعض الاطراف في الحكومة اللبنانية الحوار والتنسيق مع الحكومة السورية لانخراطهم في محور اقليمي مشددة على ان العناد والمكابرة لا ينفعان خاصة ان عدد النازحين السوريين في لبنان يتزايد بشكل كبير وباتوا يشكلون نصف عدد المواطنين اللبنانيين.
وتمنت هذه الاوساط ان يعود المسؤولون اللبنانيون الى رشدهم فيدركوا خطورة موضوع النازحين السوريين والاعباء التي ترتبت على الدولة اللبنانية وعلى اقتصادها وعلى مجتمعها ويأخذوا العبر من التجارب الماضية فيما يتعلق بالنازحين. وهنا لفتت الى انه في الداخل التركي بدأت الاصوات ترتفع حول النازحين السوريين وتنادي بايجاد حل لذلك الموضوع فكيف حال لبنان البلد الصغير الذي يعاني من ازمة اقتصادية مزمنة والذي يشكل عدد مواطنيه اقل من ربع عدد المواطنين الاتراك؟
في المقابل، كان الوزير محمد كبارة قد صرح بان على الامم المتحدة ان تنظم عودة النازحين السوريين في لبنان الى اراضيهم واختيار المناطق الامنة لهم وذلك للحفاظ على سلامتهم. اما المحامي طارق شندب فقد قال بانه لا يمكن للنازحين السوريين في لبنان العودة الى قراهم طالما هذه المناطق تقع تحت سيطرة حزب الله والنظام السوري. وشدد شندب على ضمان امن النازحين السوريين ونقلهم الى مناطق امنة حيث لا يكونوا فيها عرضة للاضطهاد او للقتل.
قضية البواخر
على صعيد اخر، يبحث اليوم مجلس الوزراء ملف البواخر واحالته الى المديرية العامة للمناقصات بعد بروز عدة شكوك حول كيفية احالة قضية البواخر المنافية للاصول وللقوانين بهدف توضيح هذه القضية وازالة كل الشبهات التي طالت هذا الملف. وهذا الموضوع له اهمية كبيرة حيث سيكون بمثابة اختبار يعكس مصداقية الحكومة وحرصها على مقاربة كل الملفات بطريقة شفافة ونزاهة دون مواربة خاصة ان جلسات مجلس الوزراء مسجلة ويمكن العودة الى التسجيل واعادة تبيان الامور واظهار الحقائق.
وحول اقرار السلسلة، اشارت مصادر موثوقة الى ان الاجواء السياسية تؤكد ان اقرارها بات امراً متفقاً عليه وعلى الارجح سيكون في منتصف الشهر الحالي غير ان هذه المصادر اعربت عن قلقها من قيام فريق لبناني معين بتاجيلها لاستقطاب حراك سياسي يصب في مصلحته ويظهر ان اقرار السلسلة نفذ برعاية جميع القوى السياسية وليس فقط مطالبة الرئيس نبيه بري بذلك.
كنعان: مشروع السلسلة موجود منذ 5 سنوات
وفي ملف السلسلة قال النائب ابراهيم كنعان بعد لقائه البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي «ان ملف سلسلة الرتب والرواتب، مطلب مزمن، والناس وعدوا منذ العام 1997 به، والمشروع موجود في المجلس النيابي منذ 5 سنوات. فهل نكون مجددا امام مسرحية جديدة؟ فكلنا على علم بالعوائق والتمويل وحقوق بعض القطاعات وضرورة انصاف المتقاعدين. ومن هذا المنطلق، لا بد من ايجاد حل، وهو لا يتم في الجلسة، بل قبلها، لذلك، فالمطلوب حركة سياسية جدية ومسؤولة وواعية لنتوصل الى نتيجة ولا تطلق الوعود امام الناس من دون ان تتحقق. وكلي امل، انه بعد لقاء بعبدا، وفي ظل الاجواء الايجابية برعاية فخامة رئيس الجمهورية، والاصرار الذي لدى الرئيس ميشال عون لانجاز الملفات الوطنية، كلي امل بتذليل الصعوبات معا مع رئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي وكل الكتل، لانها ملفات لكل اللبنانيين».
وفي موضوع الموازنة قال «بتنا قاب قوسين من اقرار الموازنة في لجنة المال، وفي حين يتحدث البعض عن ان النقاشات اخذت وقتا، فجوابنا انه من المعيب لو لم تأخذ الوقت الكافي لاجراء الرقابة البرلمانية، لان المجلس النيابي ليس «باش كاتب»، بل عليه المراقبة والسؤال عن طريقة انفاق الاموال واسبابها، ونسأل في هذا السياق: الا تستأهل موازنة 24 الف مليار 24 يوما من النقاش والتدقيق؟ وجوابنا انها تستأهل ذلك واكثر. من هنا، لقد شارفنا انهاء العمل، والمطلوب عدم وضع حواجز امام اقرارها، والحسابات المالية ليست حاجزا على هذا الصعيد، بل مطلب دستوري. والمطلوب من الحكومة ووزارة المال ان تقارب هذا الملف دستوريا وقانونيا، وان نتمكن معا في نهاية شهر تموز بالخروج ببشرى الى اللبنانيين بأنه بات لديهم موازنة واعتمادات شفافة، والتزام الادارات والمجالس والصناديق والوزارات المختصة سقفا معينا للانفاق. لان العمل السياسي يتطلب وجود بلد ودولة، وهذا يتطلب شعبا قادرا على توفير لقمة عيشه ومستقبل اولاده بكرامة.
وفي سياق متصل، علمت «الديار» ان الحكومة ستبحث «اليوم» ايضا اكثر من قضية مرتبطة بالحياة اليومية للمواطنين واتخاذ قرارات ملائمة في هذا المجال.