من المتعارف عليه أن الشيرازية وولاية الفقيه لا يتفقا أبدا منذ زمن بداية الثورة الإسلامية في إيران.
حينها حصل الإصطدام الكبير بينهما بعد أن رفض الشيرازيون فكرة ولاية الفقيه وطالبوا بشورى الفقهاء وحصل حينها الفراق.
هذا الفراق سيتكرس في عهد المرشد علي الخامنئي الذي قسا على الشيرازيين وضايقهم وحاربهم حتى أنه متهم في أوساطهم بأنه من قتل مرجعهم محمد الشيرازي.
وبطبيعة الحال فإن هذا الصراع سيكون موجودا في جميع الساحات الشيعية خصوصا في لبنان.
فسؤال غريب لا يجد كثر جواب عليه وهو أنه كيف لم يحصل أي صدام حقيقي بين حزب الله والشيرازية في لبنان ؟ ولماذا لم يضغط الحزب على حركة أمل لكي تطردهم من صفوفها ؟ فالشيرازيون ينشطون في أوساط الحركة كرها بولاية الفقيه لا حبا بحركة أمل .
إقرأ أيضا : ماذا لو قال جعجع لنصر الله نعم ؟
ولماذا يسمح حزب الله بهذا التيار المعادي بشدة لولاية الفقيه بأن يفتح أندية ومجمعات تابعة له في عاصمة دويلته أي في الضاحية الجنوبية لبيروت ؟
بالطبع فإن حزب الله لا يترك ذلك عبثا بل عن دراية وتخطيط فهو يعرف خطر هذا التيار لكنه يدرك أيضا أنه تيار سهل الإستخدام والإستغلال لصالح أجندات خاصة بالحزب كونه تيار يغلب الغريزة والعاطفة على العقل والمنطق والحداثة.
فالحزب في حربه السورية أراد تجييشا مذهبيا لمعركته ولجعل الشيعة يقفون خلفه في هذه المعركة، خصوصا أنها أخذت بعدا طائفيا ومذهبيا مختلفا عن الحرب مع إسرائيل.
ووحدهم الشيرازيون من يعرفون جيدا كيف يجيشون الشيعة ويهيجون مشاعرهم إتجاه السنة.
وعن هذا الإستغلال كتب الأستاذ عادل إسماعيل على صفحته عبر فايسبوك ما يلي :
" سألتُ أحد قياديّي حزب السيد حسن نصرالله عن أسباب الحملة على الشيخ ياسر عودي فأجابني بصفاقة: أتظنّ أنّ فكر الشيخ ياسر هو الذي يُخرج شبابنا للقتال في سوريا أو العراق، إنّ ما يسمّيه شيخكم خرافة ويحاربه، هذه الخرافة هي التي تخرجهم، وقد سمحنا بانتشار الفكر الشيرازي في لبنان لأنه يساعدنا في إعطاء شحنة عاطفية كبيرة من خلال جعل الأئمة عليهم السلام يمثّلون الذاتية من خلال الولاية التكوينية وإعطاء هذه العقيدة كل الأهمية حتّى نستميل بها جمهور الشيعة للمشاركة في حربنا ضد الإرهاب!!!
إنّهم يساهمون في تكريس الجهل والتطرف والتسطيح الفكري، على حساب المصلحة العليا للإسلام والتشيع، لتحريض المسلمين على بعضهم، وتأجيج الأحقاد، واستنفار الغرائز، واستباحة الدماء، وشحذ همم المقاتلين في ساحات حروب الفتن.
الشاهد هنا أنّ المتربعين على عرش المذهبية سواء في المواقع الدينية أو السياسية، سيقاتلون بكل ضراوة للدفاع عن مواقعهم التي تسلقوا إليها من خلال الواقع المذهبي الفاسد."
إقرأ أيضا : ماذا بعد فشل كل المحاولات لوقف العقوبات المالية على حزب الله؟
ومع هذا، فإن حزب الله يدرك خطورة الذهاب بعيدا مع الشيرازيين، لذلك فمن فترة إلى أخرى يوجه لهم إنتقادات من دون أن يسميهم كما حصل في عاشوراء الماضي.
فهو يعرف أن هذا التيار يمكن لأي أحد أن يستغله ويوجهه حتى ضد حزب الله في أي معركة بالمستقبل وليس من صالحه تمكينه أكثر وتقويته في الوسط الشيعي اللبناني .