ورغم ذلك، كتب سام هيللر، زميل لدى مركز سينتشري، وكاتب ومحلل مقيم في بيروت، أن الحرب ليست عشوائية، وأن جميع الفصائل تتحرك وقف أنماط محددة، مرسومة وفقاً لارتباط كل جهة بأخرى، أو ببضعة أقطاب دوليين.
خارطة مقسمة
وبحسب الكاتب، باتت سوريا مقسمة إلى أربعة جيوب ما بين النظام وثلاثة جهات معارضة، مجموعات سورية مسلحة، والأكراد وداعش. ولكن تلك المناطق مقطعة أوصالها جغرافياً وسياسياً، حيث تحكمها مجموعات مختلفة من الفصائل تابعة لداعميها الدوليين. ولا تستطيع سوى قوة معارضة واحدة، تسيطر على شمال شرق سوريا، محاربة النظام. ولكن يرجح أن يكون في ذلك نهايتها.
حالة لا عدائية
وفي الوقت نفسه، لا تتسم العلاقة بين النظام وحزب الاتحاد الديمقراطي(بي واي دي)، بالعداوة وخاصة لجهة كونه القوة السياسية المهيمنة على منطقتين كرديتين في شمال وشمال شرق سوريا. ورغم تباعد المناطق الخاضعة للنظام عن المناطق الكردية إلا أنها متشابكة ليس مناطقياً وحسب، بل تبعاً للنشاط الاقتصادي والاستفادة من مؤسسات الدولة. والأهم أن حزب بي واي دي لطالما طمح لنيل حكم ذاتي محلي دون المطالبة بالانفصال عن الدولة السورية، أو تغيير النظام في دمشق، ما أبقى على العلاقة بين النظام والحزب الكردي محفوفة بالخطر، لكنها عملية.
استبعاد
ويلفت الكاتب لاكتساب كل من النظام والقوات التي يقودها الأكراد السوريون دعماً خلافاً لقوات معارضة أخرى لم تعد تلقى دعماً دولياً ولا محلياً جراء تمزقها والخلافات التي سادت بين فصائلها. وأما داعش فهو في طريقه للزوال.
وهكذا لا تعكس صورة سوريا اليوم بلداً مقسماً إلى سبعة جيوب، بل تبدو كأنها وقعت معاهدة عدم اعتداء بين نظام مدعوم من جهات دولية وقوات كردية باتت تقتسم البلاد، مع احتمال التوصل لصيغة تفاهم في ما بينها.
تدابير داخلية
ويقول هيللر الذي زار دمشق في الصيف الماضي وتحدث مع بعض الذين يترددون بانتظام على العاصمة السورية، وبعضهم مسؤول عن توزيع مواد الإغاثة أو المساعدات الإنسانية. وقال هؤلاء إن تحديات يواجهونها ليست نابعة عن ضعف الدولة أو عدم وجودها، بل بسبب غموض وعدم فهم كيفية تدبير الشؤون الداخلية، وذلك بالرغم من استمرار أجهزة الأمن التابعة للنظام بعملها.
قواعد اللعبة
ونقل الكاتب عن دبلوماسي غربي خاض معركة طويلة مع أجهزة الأمن السورية من أجل توصيل مساعدات: "إنهم يسيطرون على قواعد اللعبة". وفي مقابل نظام سوري متماسك تعاني المعارضة السورية من حالة تمزق واقتتال أظهر استحالة توحدها تحت قيادة سياسية أو عسكرية فاعلة، وذلك ما دفع أطراف خارجية سعت سابقاً لشراء وكلاء محليين، لاختيار النظام أو واي بي جي.
قوة المركز
ويعود هيللر للتأكيد أنه في عام 2017، تبدو سلطة الرئيس السوري بشار الأسد على مركز السلطة في دمشق حقيقة واقعة. ولا يرغب أي لاعب دولي بإحلال سلطة بديلة له. وليس من مبرر لتوقع أن يغير النظام نهجه أو سياساته، أو توقع أن يصبح أكثر وداً أو حصافة، سواء أكان من خلال تسوية سياسية، أو تحت ضغط من قبل موسكو.
(24)