هل يتفاقم التوتر في الشرق الأوسط، وهل تتجه الأطراف إلى مزيد من التصعيد، هل تصل الأمور إلى درجة اندلاع حرب أو حروب كبرى كما تكهن البعض؟
 

في قراءة استشرافية لوضع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يعرض معهد ستراتفور أهم توقعاته للربع الثالث من عام 2017 (من تموز إلى أيلول) والتي تبدو فيها الأمور مرشحة لمزيد من التأزم، ولكن هل تصل للحرب؟

تشير توقعات المعهد إلى مخاطر رئيسية يواجهها الشرق الأوسط خلال الربع القادم من عام 2017.

النزاع بين قطر وبعض أعضاء مجلس التعاون الخليجي سيكشف إخفاقات استراتيجية واشنطن في مجال إدارة الصراعات الإقليمية.

- يُتوقع تصاعد الصراع بين وكلاء السعوديين والإيرانيين في ساحات القتال.

ارتفاع خطر اشتباك القوات المدعومة من إيران مع القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة في سوريا.

احتمال التنسيق بين إيران وتركيا، رغم تنافسهما من أجل النفوذ شمالي العراق، لمواجهة زخم التأهب لاستفتاء حول استقلال كردستان.

شجار الحلفاء.. هذا ما تفعله قطر في مواجهة الحصار الخليجي

جذب النزاع الأخير بين قطر وبعض دول الخليج اهتمام المجتمع الدولي، ومن المتوقع استمراره خلال الربع القادم من العام الجاري 2017، بما يكشف هشاشة تحالف مكافحة الإرهاب الذي علقت عليه الولايات المتحدة الأمل لإدارة الصراعات في الشرق الأوسط. وفي حين تحاول المملكة العربية السعودية تأكيد هيمنتها في المنطقة، من خلال إخضاع الدوحة لاستراتيجيتها، ستسعى قطر للحفاظ على سياستها الخارجية المتميزة خارج المظلة السعودية.

بإمكان الولايات المتحدة التأثير في المخاض العسير في المنطقة، فمن جهة تعول السعودية وحليفتها الإمارات العربية المتحدة على دعم البيت الأبيض لهما لاحتواء أنشطة الإسلاميين السياسيين والمسلحين والتصدي لإيران، ومن ناحية أخرى، يملك الجيش الأميركي أقداماً راسخة في قطر، يستبعد تأثرها بالنزاع الدبلوماسي الأخير، وطالما اعتمد الجانبان على دعم واشنطن، فمن شأن ذلك أن يصلب موقفيهما، ويقوض جهود البيت الأبيض في إشراك أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي فيما يمكن تسميته "ناتو عربي".

ستقف تركيا إلى جانب قطر، وهو ما سيعمق الشرخ بين القوى السنية، التي ترى في الإسلاميين تهديداً وجودياً، وتلك التي تراهم جزءاً لا يتجزأ من مجتمع الشرق الأوسط.

وقد تستفيد أنقرة من توقيت هذا النزاع لتوسيع نفوذها في الخليج، غير أن مواجهة أنقرة مع الأطراف السنية الأخرى قد يحفز السعودية والإمارات العربية المتحدة على تعزيز دورهما في النزاعين السوري والعراقي، سعياً لتحقيق توازن لصالحهما ضد كل من تركيا وإيران، ونظراً لتوجه قطر نحو تركيا وإيران وروسيا بحثاً عن دعم دبلوماسي ولوجستي، فمن شأن ذلك أن يجعل موقف السعودية من الدوحة أكثر تشدداً.

كردستان إيران.. هل تكون منطقة النزاع الجديدة؟

وتضم النقاط الساخنة التي شهدت محاولات زرع القلاقل داخل إيران، وسبق استهدفها من قبل طهران في إطار مكافحة الإرهاب، المناطق الكردية الشمالية الغربية المتاخمة للعراق؛ والمناطق ذات الأغلبية السنية جنوب البلاد؛ ومقاطعة سيستان بلوشستان المضطربة (سنية أيضاً).

هذا ما سيفعله الحرس الثوري بروحاني

ستُبقي الولايات المتحدة عقوباتها المفروضة على البرنامج الصاروخي البالستي لإيران خلال هذا الربع، وستستمر كذلك في استهداف الأفراد والشركات المرتبطة بالحرس الثوري الإسلامي.

وستسعى واشنطن وطهران بجد للحفاظ على الاتفاق النووي، لكن التوتر بين الطرفين سيقلل من خيارات الرئيس الإيراني حسن روحاني. على ضوء الهجوم الثنائي في طهران، في السابع من حزيران 2017، سيقوم الحرس الثوري الإيراني بالاستحواذ على مزيد من الموارد وتوسيع عملياته في الخارج. في النهاية لن يستطيع الرئيس روحاني الذي انتُخب لفترة ثانية استغلال التفويض الشعبي لتحجيم نفوذ الحرس.

هل ينجح الأميركيون في وقف التقدم الإيراني بسوريا؟

عانى تنظيم "داعش" من خسائر مذلة في العراق وسوريا، لكن فقدانه للأرض لا يعني انعدام قدرته على تبني هجمات في جميع أنحاء العالم.

ما زال تهديد تنظيم داعش يتعاظم كما تدل هجمات طهران الأخيرة التي قد تدفع إيران للتورط أكثر في قتال التنظيم في سوريا. تندفع القوات المدعومة إيرانياً باتجاه شرقي سوريا، نحو معاقل التنظيم بالقرب من الحدود الإيرانية، ما قد يوقعها في خطر الاشتباك مع القوات الأميركية المتواجدة هناك.

وتركز الولايات المتحدة جهودها على محاربة التنظيم، وحققت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً تقدماً كبيراً باتجاه تحرير الرقة معقل التنظيم المتشدد، لكن الأمر المثير أنها وجدت نفسها في مواجهة القوات السورية المدعومة من إيران وروسيا. يتسابق الطرفان على تخليص نفس مساحة الأرض من قبضة التنظيم، ولكن بأهداف ومصالح مختلفة، وهو ما يهدد بتزايد الصدام بين الطرفين في هذا الربع.

بالنسبة للحكومة السورية فإن الوصول إلى أقصى الشرق والشمال الشرقي أمر حيوي لتحقيق سيطرتها على كامل البلاد، لكن حلفاءها الإيرانيين أكثر اهتماماً بمد جسر بري يمتد من طهران مروراً بدمشق إلى البحر الأبيض المتوسط، وهو جسر حيوي بالنسبة لطهران لتقوية خطوط إمدادها وتعزيز قدرتها على ممارسة سلطتها الإقليمية.

تقف روسيا أيضاً بقوة خلف تقدم قوات النظام باتجاه الشرق، وكلما تقدمت هذه القوات كلما زاد خطر اندلاع عمليات للمعارضة في المنطقة.

مَن يتفوق روسيا أم أميركا؟

يبدو أن توقعات ستانفورد لم تركز كثيراً على التوترات الأميركية الروسية حول سوريا، وهي التوترات التي وضعها تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني محوراً لتوقعاته باحتمال اندلاع حرب في الشرق الأوسط.

وجاء هذا التوتر بعد الحوادث التي أدت إلى زيادة التوتر بين القوى الموجودة على الأرض في سوريا، مثل إسقاط الأميركيين للطائرة الحربية السورية، في 18 حزيران 2017، ما أدى إلى تهديد روسيا بتتبع الطائرات الأميركية وطائرات التحالف، ووضعها في دائرة الاستهداف إن كانت تطير غرب الفرات، وأوقف الروس الخط الساخن مع أميركا، ثم قامت طائرة حربية روسية في اليوم التالي بتتبع طائرة تجسس أميركية فوق بحر البلطيق، إضافة للاعتداءات الإسرائيلية على سوريا وإسقاط الأميركيين لطائرات بدون طيار إيرانية.

صيف إسرائيل الساخن في مواجهة عدو جديد

على صعيد آخر، زادت إسرائيل من نشاطها في سوريا. خلال الربع الثاني أطلقت عدة هجمات جوية ضد قوافل الأسلحة التابعة لحزب الله الموالي لإيران أثناء عبورها في جنوب سوريا.

تواجه إسرائيل كذلك خطراً ماثلاً على حدودها الجنوبية، حيث أعرب العديد من المسؤولين عن إمكانية قيام صراع مع المجموعات السلفية في غزة، عقب الهجمات الصاروخية الصغيرة التي تمت.

الشقاق الدائم والمتزايد بين فتح وحماس لا يزيد الأمر إلا سوءاً. في هذا الوقت تبدو حماس منشغلة بالخلاف القطري مع مجلس التعاون الخليجي، الذي يهدد علاقتها بالدوحة، وعلى الأرجح تقوم بإعداد خطط لاحتواء الموقف؛ إذ قد تضطر لنقل جزء أو كل نشاطاتها إلى مكان آخر.

أحد البدائل المحتملة للحركة هي إيران، التي بدأت علاقاتها مع حماس تتحسن بعد مدة من التوتر، أو القاهرة التي عرضت إرسال إمدادات كهربائية إلى القطاع وتخفيف الحصار عن القطاع مقابل ترتيبات أمنية.

 

(هافينغون بوست)