بحثت صحيفة "ذا صاندي تايمز" في خفايا قضية "بيريبيليشني" الذي قتل وسط عملية مالية سرية شملت موسكو ونظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، مشيرة إلى أن نظام الأسد متورط بواحدة من أكبر قضايا الاحتيال الضريبي، إذ إنه مول سلاحه الكيماوي من خلال شركات متهمة بالتهرب الضريبي.
وكتبت الصحيفة في تقريرها تحت عنوان "تسمم روسي مقرب من الأسد في لندن"، أن "مقتل ألكسندر بيرفيشيلليني في ظروف غامضة بعد الكشف عن تورطه في مزاعم احتيال ضريبي تطال مسؤولين في الحكومة الروسية لديهم صلة بحسابات مصرفية مرتبطة بشبكة من الحسابات المصرفية الخارجية التي تدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد".
وكشفت في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، عن وثائق مالية بينت أن مجموعة استثمارية تقول السلطات الأمريكية إن عصابة روسية تديرها وتتصل بالحكومة الروسية، أرسلت ما لا يقل عن 900 ألف دولار لشركة مملوكة لرجل أعمال على صلة ببرنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا.
والشركة التي يُزعم أنها مرتبطة بعصابة المافيا الروسية تدعى "Quartell Trading Ltd".
وقالت وزارة العدل الأمريكية إنها واحدة من العديد من الهياكل التي استخدمت لغسل ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب الروسية المسروقة قبل عقد من الزمان في ما يتعلق بما يسمى "قضية ماغنتسكي"، التي توصف بأنها قضية الفساد الأكثر شهرة في روسيا في ظل رئاسة فلاديمير بوتين..
بالإضافة إلى شركة أخرى هي "Balec Ventures" التي يملكها عيسى الزيدي، وهو روسي الجنسية، وسوري المولد، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية في عام 2014 عقوبات بحقه لصلته بمركز الدراسات والبحوث العلمية، وهو مركز برنامج الأسلحة غير التقليدية في سوريا، الذي يُصنع غاز الأعصاب "VX" والسارين وغاز الخردل.
وشركته هذه مسجلة في جزر فيرجن البريطانية، وهي ملاذ ضريبي في الخارج.
وأوردت الصحيفة أيضا أنها اطلعت على وثائق تؤكد بأن شركة سويسرية تدار من قبل بيرفيشيلليني نفسه، أرسلت أكثر من مليوني دولار أمريكي إلى شخص له علاقة ببرنامج سوريا للأسلحة الكيماوية.
وكشفت البيانات المصرفية المسربة والعقود المالية وغيرها من الوثائق أن الملايين من الجنيهات تدفقوا بين "Balec Ventures" والعديد من الكيانات والأفراد السوريين الآخرين، الذين تم تجميد أصولهم من الحكومة الأمريكية لمساعدة بشار الأسد.
وكان بيريبيليشني فر إلى المملكة المتحدة بعد ملاحقة شركته لمزاعم غسيل أموال لعصابات روسية على صلات بالكرملين.
وانهار بيريبيليشني (44 عاما) وخرج منه قيء سائل "أصفر أخضر" قبل أن يموت بالقرب من منزله في ويبريدج في عام 2012. وعثر على آثار من مادة كيميائية موجودة في مصنع "جيلسميوم إليغانز" السام، الذي يعتقد أن قتلة من الروس، استخدموه لقتله.
ووفقا للكونغرس الأمريكي ووزارة العدل الأمريكية، فإن عصابة المافيا الروسية تسمى "مجموعة كليويف" تتكون من مسؤولين سابقين وحاليين في وزارة الداخلية الروسية ومكتبين ضريبيين بموسكو وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB)- هيئة الاستخبارات الداخلية التي خلفت الـ"KGB" السوفييتي، وكانت على علاقة بالقضية، ربما كانت هي التي قتلت الرجل.
وهناك قضية أخرى تتعلق بمصادرة الأصول لا تزال جارية في سويسرا، حيث اعتمدت السلطات على الأدلة التي سلمها بيريبيليشني، وهو مواطن روسي اعترف بأنه كان المسؤول الرئيس لغسيل الأموال لمجموعة "كليويف"، قبل أن يقطع العلاقات معها.
وأظهرت الأدلة حسابات في بنك "Credit Suisse" في سويسرا، حيث أودعت بعض الأموال المسروقة. واحدة من تلك الحسابات السويسرية كانت تابعة لشركة بيريبيليشني "Quartell Trading Lt"، أو كانت، قبل أن يسقط ميتا فجأة أثناء الركض بالقرب من منزله في إنجلترا في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2012.
وكشفت الصحيفة أن بيريبيليشني تورط في عمليات التمويل السرية بين روسيا وسوريا، وعلق النائب العمالي بن برادشاو على هذا الأمر بالقول: "هذا الارتباط ببرنامج الأسد للأسلحة الكيميائية يوفر دافعا محتملا آخر لقتل الرجل".
وبدأ التحقيق في القضية في بريطانيا في 5 حزيران/ يونيو من العام ذاته، وأعلنت مجلة "Buzzfeed" بعد أسبوع من مقتله، أن مكتب مدير المخابرات الوطنية في الولايات المتحدة، وهي الهيئة التي تشرف على جميع وكالات التجسس الأمريكية، خلصت إلى الاستنتاج بأن بيريبيليشني قُتل بناء على أوامر فلاديمير بوتين.
ولا يملك عيسى الزيدي، المولود في سوريا، ملفا شخصيا عاما واضحا في روسيا، إلى جانب صفحة غير نشطة إلى حد كبير على "فكونتاك"، النسخة الروسية من "فيسبوك".
ووفقا لسجلات تسجيل الشركات في روسيا، الزيدي هو أيضا المالك أو الرئيس التنفيذي لشركات عدة صغيرة تكاد لا تملك أي رأس يُذكر للمال.
وإحدى تلك الشركات تُدعى "Aldzhamal Interneshal"، يُزعم أنها تعمل في "تجارة الجملة غير المتخصصة" و"إنتاج المنتجات النفطية" و"تصنيع الغازات الصناعية".
وشغل الزيدي منصب مدير "Enterprises Ltd." وشركة "Fruminenti" للاستثمارات المحدودة، وهما شركتان أصدرت الولايات المتحدة في عام 2014 عقوبات بحقهما لارتباطهما بمركز الدراسات والبحوث العلمية، وهو الجهاز الحكومي السوري المسؤول عن تطوير وإنتاج الأسلحة غير التقليدية والصواريخ الباليستية، وفقا لمكتب الخزينة الأمريكية لمراقبة الأصول الأجنبية (OFAC).
ومن غير الواضح ما إذا كان أي جزء من مبلغ الـ900 ألف دولار الذي حولته "Quartell" إلى "Balec" ذهب لدعم المركز السوري.
وذكرت الصحيفة أيضا أن ألكسندر بيريبيليشني، الذي توفي في ظروف غامضة قد تعامل مع شبكة من الشركات البحرية التي تم تحديدها من الولايات المتحدة على أنها تقدم الدعم لحكومة بشار الأسد.
وتظهر الوثائق التي نشرتها صحيفة "صنداي تايمز" أن شركة سويسرية تديرها شركة بيريبيليشني، أرسلت أكثر من مليوني دولار (1.5 مليون جنيه إسترليني) إلى شركة يملكها رجل مرتبط ببرنامج الأسلحة الكيميائية السوري.
وكشفت البيانات المصرفية المسربة والعقود المالية وغيرها من الوثائق أيضا أن الملايين من الجنيهات تدفقوا بين باليك والعديد من الكيانات والأفراد السوريين الآخرين الذين تم تجميد أصولهم من قبل الحكومة الأمريكية لمساعدة الأسد.