نشرت صحيفة لافانغوارديا الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن تنظيم داعش والمستويات الحالية التي بلغها بعد مرور ثلاث سنوات عن إعلان خلافته في سوريا والعراق. وعلى الرغم من فشل تنظيم الدولة في مشروعه الإقليمي، إلا أنه نجح في تأجيج الصراعات الطائفية في سوريا والعراق على حد سواء
 

وقالت الصحيفة في تقريرها إن هدم مسجد النوري في الموصل على يد تنظيم الدولة في 21 حزيران الماضي، يعتبر علامة على هزيمة التنظيم ونهاية خلافته. وبالإضافة إلى سقوط العديد من كبار قادته، يبدو أنه لا زالت تفصلنا ساعات معدودة عن الإطاحة بتنظيم الدولة في معقله في الموصل. وبهذه الطريقة، يمكن القول إن "خلافة" تنظيم الدولة لم تستمر سوى ثلاث سنوات.

وأوردت الصحيفة أن حقيقة نهاية تنظيم الدولة قابلة للنقاش، إذ تعد وجهة نظر صائبة في بعض النواحي، لكن إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى، فسيتبين أن تنظيم الدولة لا زال لم يندثر بعد. وباعتباره ظاهرة عراقية نشأت لتحقيق طموحات إقليمية كبرى، يمكن الجزم بأن تنظيم الدولة قد هزم. إلى جانب ذلك، لا يمكن إنكار أن طموحاته المتعلقة بمحو الحدود بين العراق وسوريا قد باءت بالفشل. كما أن سقوطه من معاقله الأخيرة في سوريا، وتحديدا في الرقة ودير الزور، أضحت مجرد مسألة وقت.

وأضافت الصحيفة أنه في نهاية المطاف، انتهى أمر القوات التي سمحت بتوسع تنظيم الدولة أو موّلته أو استغلت نشأته، على غرار حكومة دمشق وغيرها من الحكومات، سواء بالتحالف أو بالتعاون من أجل إنهاء هذا التنظيم. لكن، في الوقت نفسه، خلق تنظيم الدولة فروعا وأطلق العنان لحرب هجمات خارج مجاله الجغرافي.

وبينت الصحيفة أن القضاء على تنظيم الدولة باعتباره مشكلة إقليمية، أظهر التوجه الإجرامي للتنظيم فضلا عن محاولته بسط سيطرته على السكان بالقوة. وقد بدا هذا الجانب جليا للعموم خاصة عند التمعن في مغامرة تنظيم الدولة في ليبيا وسوريا، التي أجبرت العديد من المدنيين على الفرار من بلدانهم. وأمام هذا الوضع، كان رد الدعاية التابعة للتنظيم "هستيريا"، أمام مشاهدته لفرار السكان إلى بلدان أخرى عوضا عن اللجوء إلى أراضيه.

وأوضحت الصحيفة أن تنظيم "داعش" وخلافته التي استقطبت مقاتلين من 87 دولة خلال سنة 2014، لم تعد تستند على عوامل على غرار "المكان والزمان". فهل من الممكن أن نشهد مستقبلا "خلافة افتراضية"؟

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الأمر وارد، إذ بلغت سلطة الدعاية التابعة لتنظيم "داعش" أبعادا وحققت أهدافا لم يشهد لها مثيل. في المقابل، تلاشى وعد "الغزو الإقليمي" الذي لطالما أشاد به تنظيم الدولة، ولم يعد له وجود في الوقت الراهن.

وذكرت الصحيفة أنه في الوقت الحالي، يبقى من الصعب معرفة الطريقة التي ستبقي تنظيم الدولة على قيد الحياة، علاوة على مدى قدرة التنظيم على مواصلة الإغراء على الفضاء الإلكتروني مثل السابق. وقد بدأ التغيير في استراتيجية تنظيم الدولة منذ أيار سنة 2015، عندما حث العدناني أتباعه على ارتكاب هجمات في بلدانهم أمام صعوبة الوصول إلى أراضي "الخلافة". فضلا عن ذلك، لا زالت القنوات التابعة للتنظيم تحث على ارتكاب هجمات أخرى في البلدان الغربية.

وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من كل ذلك، كان تنظيم الدولة قادرا على ترك إرث وتأثير عميق في العراق وسوريا يتمثل في تأجيج الصراع الطائفي بين السنة والشيعة. وفي هذا السياق، كان الطابع السني المعلن لتنظيم الدولة، المبرر الديني والإيديولوجي في حربه ضد النظام الشيعي في بغداد، ومشروع توسعه في سوريا التي يحكمها نظام علوي.

وتجدر الإشارة إلى أنه في ظل هذه الظروف، تطورت الأجندة الدينية في سوريا، في الوقت الذي حمل فيه الجيش العراقي والقوات الشيعية المسلحة راية الطائفية خلال حربهم ضد تنظيم "داعش". وبهذه الطريقة، توسعت المليشيات الشيعية في العراق وصولا إلى حدود سوريا وما بعدها. في الوقت نفسه، أصبحت القوات الشيعية في سوريا أحد أبرز قوات القتال المساندة للنظام السوري.

وأكدت الصحيفة أن هذه الظروف جعلت الوجود الإيراني في المنطقة جليا أكثر، وهو ما سمح بتحقيق حلم طهران المتمثل في فتح ممر شيعي من العراق وصولا إلى السواحل السورية. وبهذا الشكل، غيرت القضية الإقليمية رايتها بشكل جذري، وأصبح أعداء التنظيم هم الجهات المستفيدة من تطلعات "الخلافة".

وفي الختام، قالت الصحيفة إن نتائج الحرب ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا تعد بمزيد النزاعات بين المشاركين في هذه الحرب. وفي هذه المرحلة، أعلنت إيران عن إطلاقها صواريخ لاستهداف دير الزور، انتقاما من هجوم تنظيم الدولة على برلمانها. وفي الوقت نفسه، ما زال التحالف الغريب بين واشنطن وموسكو يزهق أرواح العديد من الضحايا في صفوف المدنيين.

 

Lavanguardia