الجيش يطبق على الارهاب , ويمارس الارهاب الميليشيوي على الناس
المستقبل :
«ما رح ننطر الانتحاريين يجو لعندنا نحنا رح نروح لعندهم».. هذا ما أكده قائد الجيش العماد جوزيف عون لأهالي القاع أمس في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد أبنائهم، وهذا ما كان حصل بالفعل فجراً على يد فوج المجوقل حين نجح في مباغتة عدد من الانتحاريين المتوارين في مخيمي «النور» و«القارية» للنازحين على تخوم بلدة عرسال، في عملية استباقية نوعية بالغة الحرفية والدقة أتت بناءً على «معلومات استخباراتية موثوقة تفيد بوجود إرهابيين منغمسين بين النازحين في هذين المخيمين يُعدّون العدّة لتنفيذ عمليات انتحارية في البقاع وبيروت»، حسبما كشفت مصادر عسكرية لـ«المستقبل»، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّها «ليست العملية الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة في ضوء القرار الحاسم الذي تتخذه القيادة العسكرية باعتماد تكتيك الهجوم بدل الدفاع في المواجهة المفتوحة مع التنظمات والخلايا الإرهابية حتى القضاء عليها ودحر خطرها عن الأراضي اللبنانية».
وإذ تخلّل في مستهل عملية المداهمة تفجير أحد الانتحاريين نفسه بواسطة حزام ناسف قبالة إحدى الدوريات العسكرية متسبباً بإصابة 3 عسكريين بجروح غير خطرة، نوّهت المصادر بالأداء «الاحترازي المحترف» الذي اتّبعه ضباط وعناصر «المجوقل» طيلة مسار العملية وحال دون سقوط أي إصابات مهمة في صفوف العسكريين والمدنيين على الرغم من إقدام 3 انتحاريين على تفجير أنفسهم تباعاً وتفجير عبوة ناسفة أثناء المداهمة باستثناء مقتل فتاة تنتمي إلى عائلة سورية نازحة جراء تفجير أحد الانتحاريين نفسه وسط أفراد هذه العائلة، بينما أصيب أربعة عسكريين بجروح طفيفة نتيجة إقدام إرهابي آخر على رمي قنبلة يدوية باتجاه دوريتهم.
ومع انتهاء العملية كانت الوحدات العسكرية المُداهمة قد أوقفت 336 مشتبهاً به فضلاً عن ضبط وتفكيك متفجرات وعبوات وأحزمة ناسفة، في حين أكدت المصادر أنّ التحقيقات جارية للتدقيق في هويات الانتحاريين الذين قضوا ولتبيان ما إذا كان هناك في عداد الموقوفين عدد آخر من ضمن الذين كانوا يخططون لتنفيذ عمليات انتحارية في المناطق اللبنانية، مع إشارتها إلى أنه في ضوء نتائج التحقيقات سوف يتم إطلاق كل من يثبت عدم ضلوعه بمخططات إرهابية وإحالة الآخرين المنتمين إلى خلايا الإرهاب على الأجهزة القضائية المختصة. علماً أنّ مديرية المخابرات كانت قد أحالت على القضاء أمس الإرهابي خالد حسين الدياب لارتباطه بتنظيم «جبهة النصرة» ومشاركته في الاعتداء على وحدات الجيش خلال أحداث عرسال، لتفيد الأنباء المتوافرة لاحقاً عن كون الدياب هو المسؤول عن استشهاد المقدّم نور الدين الجمل.
عون في مقر «الأمن الداخلي»
تزامناً، برزت أمس زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المقر العام لقوى الأمن الداخلي في منطقة الأشرفية حيث كان في استقباله وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. وإثر انعقاد اجتماع مغلق في مكتب المدير العام استعرض الواقع الأمني في البلاد وضرورة تلبية احتياجات القوى الأمنية لوجستياً وتقنياً، انتقل المجتمعون إلى قاعة الشرف حيث ألقى عثمان كلمة ترحيبية برئيس الجمهورية الذي شدد على كون وجوده على رأس الدولة بما له من خبرة في العمل الأمني والعسكري يُساعد في تعزيز قوى الأمن الداخلي، مع إشارته إلى أنها «لم تعد مؤسسة أمنية تقليدية بل أصبحت على مستوى متقدّم يماشي أجهزة أمنية عالمية، لا سيما في مجال مكافحة الجريمة والإرهاب والمخدرات والتجسس».
أما عون، وبعد توجهه بالتهنئة للجيش على نجاح العملية النوعية التي نفذها فجراً في مخيمات النازحين، فأكد في الكلمة التي ألقاها محاطاً بضباط قوى الأمن الداخلي أنّها «زيارة تقدير» لجهود وتضحيات هذه القوى ولقيامها بواجباتها «التي تغطي كافة أنواع العمليات»، لافتاً الانتباه إلى ضرورة اليقظة في «المرحلة الصعبة» المرتقبة على البلاد «بعد سقوط التنظيمات الإرهابية في سوريا لأنّ عناصرها قد تسعى للجوء إلى لبنان»، وختم متوجّهاً إلى ضباط وعناصر قوى الأمن بالقول: «أنتم تسهرون على الأمن ونحن دائماً سنسهر للعناية بكم وبحاجاتكم وإن شاء الله نؤمن القسم الأكبر منها».
مطلقو النار وسارقو المصارف
وفي إطار عملها المتواصل لاستتباب الأمن وتعقّب المخلين به، لفتت خلال الساعات الأخيرة السرعة القياسية التي تميزت بها عمليات توقيف أشخاص ممن عمدوا إلى إطلاق النار إثر صدور نتائج امتحانات «البروفيه»، بحيث بلغ عدد الموقفين بهذا الجرم 25 شخصاً من أصل 177 عممت مديرية قوى الأمن الداخلي لوائح بأسمائهم.
وفي الوقت نفسه نجحت شعبة المعلومات في تعقب وتوقيف عدد من سارقي المصارف وآخرهم ثلاثة أشقاء لبنانيين (ف ف ف. ف) كانوا قد أقدموا ملثمين بتاريخ 21 حزيران الفائت على تنفيذ عملية سطو مسلّح على فرع بنك عودة في بحمدون، بينما تمكنت الشعبة أيضاً من تعقب وتوقيف اللبنانيين (ع. أ.) و(ح. ح.) بعدما عمدا الأربعاء الماضي إلى السطو بقوة السلاح على فرع بنك البركة في الكولا
الديار :
نجا لبنان من سلسلة تفجيرات ارهابية بفضل الحرب الاستباقية للجيش اللبناني ومديرية المخابرات، عبر تنفيذ عملية نوعية شكلت الضربة الاكبر للقيادات الارهابية من الصف الاول ولكوادر الصفين الثاني والثالث من «داعش» و«النصرة» و«فتح الشام» حيث تساقطوا «كأحجار الدومينو» في معاقلهم الاساسية في مخيمي «النور» و«القارية» في عرسال وجرودها، علما ان عدد المخيمات السورية داخل عرسال ومحيطها يتجاوز 112 مخيماً حيث يقطن 1500 نازح سوري في مخيم «القارية» التابع لـ«داعش»، و675 نازحا في مخيم النور التابع لـ«النصرة» و«فتح الشام»، علما انه جرت اشتباكات بين المخيمين الاسبوع الماضي تحت عنوان حرب «داعش والنصرة».
عملية الجيش كانت الاكبر لجهة حجم الخسائر في صفوف «داعش» و«النصرة»، وهذا الانجاز حظي باهتمام السفارات الكبرى والصغرى في لبنان، وتم الثناء عليه، كما حظي باهتمام وسائل الاعلام المحلية والعربية والعالمية، وتصدر مقدمات نشرات كبريات وسائل الاعلام، واثنت كلها على دور الجيش اللبناني والامن العام وشعبة المعلومات وامن الدولة في مواجهة الارهاب وحماية لبنان. الجيش اللبناني احبط «غزوة جديدة» للارهابيين، كانوا يحضرون لها لارباك الوضع الداخلي اللبناني، ولخطف الاضواء عن انجازات الجيشين العراقي والسوري وحزب الله في الموصل والبادية السورية.
«الغزوة الجديدة» حسب مصادر عسكرية، كانت تستهدف العمق اللبناني، والتحقيقات ستكشف الاماكن المستهدفة، وليس فقط بين زحلة وبيروت، واشارت هذه المصادر الى ان العملية النوعية جاءت بعد معلومات دقيقة حول حركة «مريبة ومكثفة» للارهابيين في مخيمي «النور» و«القارية» والتحضير لعمل ارهابي، وخصوصا في مخيم «القارية» واجتماعات لقادة «داعش» مع وصول معلومات لمخابرات الجيش عن اتجاه قاطنيه لمبايعة أحد قادة «داعش» اميراً على المخيم، وهو من بلدة قارة السورية ودخل الى المخيم منذ اسابيع، بالاضافة الى حركة مماثلة لـ«النصرة» و«فتح الشام» في «النور».
وعلى ضوء هذه المعلومات، اتخذ قائد الجيش العماد جوزاف عون القرار «بالضربة الاستباقية» وساعة التنفيذ، وقد خطط للعملية الجهاز المختص في مديرية المخابرات بالتعاون مع الفوج المجوقل الذي له «باع طويل» في الحرب ضد الارهاب والارهابيين وانتصر عليهم في كل المعارك التي خاضها ضد هؤلاء.
بدأت العملية، فجر امس، بمداهمات ثنائية، وبتوقيت واحد، واتجهت قوة الجيش في مخيم النور الى منزل كبير المطلوبين، أبو عائشة، وهو احد كبار مسؤولي «النصرة» الذي بادر على الفور الى تفجير الحزام الناسف الذي كان يرتديه لحظة دخول قوة الجيش الى منزله، مما أدى الى جرح 3 عسكريين.
وفي المعلومات «ان قوات الجيش واصلت مداهماتها وطوقت احد المنازل حيث كان يتواجد الانتحاريين، خلدون حلواني، وعبدالله الزراعي الملقب «ابو عبادة الشامي» وهو قاضي شرع لـ«النصرة» في جرود عرسال، وفي المعلومات ان عناصر الجيش حاولت منع الارهابيين من تفجير نفسيهما وسط عائلتهما، ولكنها لم تفلح، مما ادى الى مقتل الطفلة السورية ثلاث سنوات ونصف السنة، وسقوط افراد من العائلتين بين قتيل وجريح، ولم يصب احد من العسكريين، وتم نقل 5 جثث الى مستشفى الرحمة وهم السوريون: مرشد الرفاعي، رضوان عيسى، جهاد كنعان، نايف برو، وكلهم من العناصر الارهابية و3 جرحى هم عمران عيسى، زينب الحلبي، سلوى الرامي.
وبالمقابل، كانت قوة من الجيش تداهم احد منازل اخطر الارهابيين في مخيم «القارية» الذي بادر الى تفجير نفسه بحزام ناسف، كما بادر انتحاري اخر الى رمي قنبلة على الجيش فأصاب 4 عسكريين وتم اعتقاله، واشارت معلومات الى اعتقال انتحاريين كانا يرتديان حزامين ناسفين.
واثناء المداهمات، وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش والمسلحين في محلة عقيبة المبيضة قرب مخيم النور.
واشارت معلومات مؤكدة عن اصابة 19 جنديا للجيش اللبناني معظمهم اصيب اثناء نقل العائلات المدنية الى اماكن آمنة.
وقد نفذ الجيش حملات دهم واسعة، بعد تطويق المخيمين واعتقل 337 شخصاً كلهم من التابعية السورية، وتبين ان 31 شخصا من هؤلاء ارهابيون بامتياز وبينهم قيادات ومعروفة بالاسماء من قبل مخابرات الجيش اللبناني، اما الاخرون فسيتم التحقيق معهم، ومن تثبت براءته سيتم اطلاق سراحه فوراً.
وفي المعلومات التي تكونت للاجهزة خلال الحرب مع الارهابيين ان القياديين فقط يعمدون الى ارتداء الاحزمة الناسفة بشكل دائم كي لا يقعوا في قبضة القوى الامنية، وهناك «فتوى» في هذا المجال من «قضاة شرع» «داعش» و«النصرة» وكل التنظيمات الارهابية. لكن اللافت «جهوزية المسلحين» وامتلاكهم كل الاسلحة التي بادروا من خلالها وعلى الفور اطلاق النار على الجيش اللبناني، وهذا ما يكشف مخططاتهم.
ما جرى في عرسال وحسب مصادر متابعة للملف يكشف ضرورة البحث بشكل جدي في ملفات مخيمات النازحين السوريين، حيث من المفترض ان تكون هذه المخيمات لايواء العائلات النازحة والاطفال وليس مراكز لتحضير «العبوات الناسفة» بين هؤلاء النازحين، وهذا الامر يشكل استهدافا لكل اللبنانيين، وضرورة وضع هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء وحله بشكل عملي بعيداً عن التجاذبات السياسية، لان ما جرى ضبطه من مواد كيماوية من نيترات الامونيوم والاسمدة الزراعية التي تتفاعل مع بعضها البعض وتتحول الى مواد ناسفة يؤكد على مخططات الارهابيين، لكن المعلومات نفت وجود عبوات كيماوية اما لجهة توقيف الارهابي احمد نايف ذياب بوصفه قاتل العقيد الشهيد نور الدين الجمل، فقد اعترف بأنه شارك في معارك المدرسة المهنية في آب 2014، لكن لا يمكن الجزم بأنه قاتل العقيد الشهيد قبل الانتهاء من التحقيقات.
بيان قيادة الجيش
وصدر عن قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه البيان الآتي: فجر اليوم (امس)، وأثناء قيام قوة من الجيش بتفتيش مخيم النور العائد للنازحين السوريين في بلدة عرسال، أقدم انتحاري على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف أمام إحدى الدوريات المداهمة، ما أدى إلى مقتله وإصابة 3 عسكريين بجروح غير خطرة. وفي وقت لاحق، أقدم اربعة انتحاريين آخرين على تفجير أنفسهم من دون وقوع إصابات في صفوف العسكريين، كما فجّر الإرهابيون عبوة ناسفة، فيما ضبطت قوى الجيش 4 عبوات ناسفة معدة للتفجير، عمل الخبير العسكري على تفجيرها فورا في أمكنتها.
من جهة ثانية، وخلال قيام قوة أخرى من الجيش بعملية تفتيش في مخيم القارية التابع للنازحين السوريين في المنطقة نفسها، أقدم أحد الإرهابيين على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف، دون وقوع إصابات في صفوف العسكريين، كما أقدم إرهابي آخر على رمي قنبلة يدوية باتجاه إحدى الدوريات ما أدى إلى إصابة 4 عسكريين بجروح طفيفة».
تستمر وحدات الجيش بعمليات المداهمة والتفتيش بحثا عن إرهابيين آخرين وأسلحة ومتفجرات.
جولة قائد الجيش
وتفقد قائد الجيش العماد جوزاف عون قوى الجيش المنتشرة من منطقة عرسال، حيث التقى الضباط والعسكريين الذين نفذوا المهمة، واطلع على اوضاعهم وحاجاتهم المختلفة.
وأشار العماد عون إلى أنّ «ما جرى اليوم، يؤكّد مرّة أخرى قرار الجيش الحاسم في القضاء على التنظيمات الإرهابية وخلاياها وأفرادها أينما وجدوا على الأراضي اللبنانية، ومهما كلّف ذلك من أثمانٍ وتضحيات»، ولفت إلى أنّ «المرحلة المقبلة ستشهد تكثيف العمليات النوعية لاقتلاع هذا الشر الخبيث، الذي لا يعير أيّ اهتمام بحياة الإنسان، ويضرب عرض الحائط كلّ القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية».
الرئيس عون: للاستعداد لمرحلة ما بعد سقوط الارهاب في سوريا
اما رئىس الجمهورية العماد ميشال عون، فقد هنأ بالعملية مشيداً بالجيش ودوره ودعا الى اليقظة والتحوط لمرحلة ما بعد سقوط التنظيمات الارهابية في سوريا لئلا يدخلوا لبنان.
ويبقى التطور البارز والذي ساهم بنجاح العملية، تعاون اهالي عرسال مع الجيش اللبناني الذي منع تكرار سيناريو صيف العام 2014 كما قال رئىس بلدية عرسال باسل الحجيري مشيراً الى دفعة جديدة من قوافل النازحين السوريين ستغادر عرسال قريباً باتجاه مناطق سورية غير عسال الورد.
وحسب المعلومات، فان اكثر من نصف مليون نازح سوري عادوا من الاردن وتركيا الى حلب ودمشق وحمص وحماة والعديد من المناطق السورية، وهذا ما يطرح جدياً ضرورة البدء بالمعالجة عبر فتح قنوات التواصل مع الحكومة السورية الجاهزة للامر، وابعاده عن المناكفات السياسية جراء اصرار البعض على عدم الحديث مع الحكومة السورية، وهذا ما كشفت عنه نقاشات اللقاء التشاوري في بعبدا، وبالتالي فان ملف النزوح سيبقى بعيداً عن المعالجة الحقيقية لان العودة تتم الى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.
الامن العام والامن الغذائي
وفي موازاة الامن القومي والحفاظ على استقرار البلد، فان الامن الغذائي قد يكون يوازي باهميته الاستقرار العام، وسجل الامن العام اللبناني انجازاً في هذا الاطار عبرضبط كمية كبيرة من الاسماك الفاسدة في سوق السمك في الكرنتينا ـ بيروت، بلغت زنتها 3 الاف كيلوغرام. وقد تمت عملية المداهمة للشاحنات المخصصة لتخزين الاسماك وتبريدها في سوق السمك، والتي تعود الى التاجر اللبناني «أ. ع. ط» الذي زور تاريخ صلاحية الاسماك ووزعها في الاسواق مما شكل اكبر الاضرار على صحة المواطنين.
المردة والقوات
اما على الصعيد السياسي، فقد كان التطور الابرز زيارة وزير القوات اللبنانية غسان حاصباني الى بنشعي ولقائه رئيس تيارالمردة النائب سليمان فرنجية، علما ان وزير الاعلام القواتي ملحم رياشي كان قد زار فرنجية في وقت سابق وكانت الجلسة ودية، واشارت المعلومات من الطرفين ان هذه الزيارات تعطي المزيد من «الدفا» في العلاقات بين الطرفين، مع اعتراف القوات والمردة بوجود اتصالات بينهما بعيداً عن الاضواء، مع تأكيد الطرفين ان البحث بالانتخابات النيابية وتحالفاتها ما زال مبكراً، كما انه ما زال مبكراً الحديث عن تفاهم بين الطرفين شبيه بالتفاهم بين الثنائي المسيحي، لكن اللقاءات ادت الى «كسر الجليد» وهذا ما سينعكس على قواعد الطرفين ويشيع اجواء من الراحة في دائرة زغرتا ـ بشري ـ البترون ـ الكورة.
الجمهورية :
لطالما شكّل الأمن هاجساً لكل الاجهزة العسكرية والامنية، خصوصاً أنه دخل منطقة شديدة الحساسية والخطورة، في ظل البراكين المتفجرة في المنطقة وارتفاع منسوب المخاطر المحدقة بلبنان من جرّاء النار المشتعلة حوله، وتحديداً في سوريا. وكذلك من جرّاء المكامن التي تنصبها المجموعات الارهابية على اختلافها لإيقاع لبنان فيها، والتي لا تترك فرصة او ثغرة ممكنة الّا وتستغلها لشَنّ هجمات على اهداف مدنية وعسكرية أو اهلية او سياحية في لبنان. ويوماً بعد يوم تُثبت الاجهزة كلها انّ عينها الساهرة، التي ترصد حركة تلك المجموعات في الداخل اللبناني وعلى الحدود السورية، نَجّت لبنان من كوارث حتمية كانت تنوي تلك المجموعات إلحاقها بالجسم اللبناني. وما تفكيك هذه الاجهزة للخلايا والقبض على أفرادها سوى دليل ساطع على جهوزية أجهزة الدولة الدائمة لإحباط مخططات الخلايا ومكائدها.
في سياق الجهد الاستثنائي الذي تبذله الاجهزة الامنية والعسكرية، ولا سيما منها الجيش اللبناني، على مستوى الحرب الاستباقية التي يشنّها على المجموعات الارهابية، حَقّق الجيش في الساعات الماضية إنجازاً نوعياً عبر عملية أمنية استثنائية انقَضّت فيها الوحدات العسكرية على أوكار الارهابيين في مخيماتهم التي يحتلّونها في منطقة عرسال وقتلت عدداً منهم وقبضت على المئات، فيما كانوا يخططون لعمليات إرهابية في الداخل اللبناني على جانب كبير من الخطورة، ولا تستثني أي منطقة، سواء في البقاع او الجنوب وصولاً الى بيروت.
وعلمت «الجمهورية» انّ حصيلة العملية العسكرية أدّت الى توقيف 336 شخصاً من المخيّمين ومناطق قريبة منهما. وفي المعلومات انّ التحقيقات تواصلت مع الموقوفين وستأخذ وقتاً لا بأس به سَعياً الى جمع المعلومات حول المهمات المكلفين بها، وخصوصاً ممّن ضبطت أسلحة مختلفة في حوزتهم.
سد الثغرات
وأكدت مراجع أمنية وعسكرية لـ«الجمهورية» انّ «الوضع في لبنان عموماً مَمسوك وتحت السيطرة، الى حدّ كبير، ولا نسقط من احتمالاتنا فرضية حدوث خروقات إرهابية في اي لحظة. من هنا، فإنّ العين الامنية والعسكرية مفتوحة رصداً لكل ما قد يخلّ به وتعقّباً للارهابيين، وعلى جهوزية تامّة للتصدي ومواجهة الاخطبوط الارهابي.
والأساس في عمل الجيش ومعه سائر الاجهزة الامنية البقاء مُمسكاً بالمبادرة، لأنّ المعركة مع الارهاب تتطلّب يقظة دائمة ولا تتحمّل أي استرخاء، لأنّ عدوّنا غدّار ولا يتوانى عن التغلغل الى الجسم اللبناني من أي ثغرة قد يجدها رخوة، ومهمة الجيش والاجهزة هي سَد كل الثغرات».
رواية الجيش
وفي السياق، روى الجيش، في بيان، تفاصيل ما حصل خلال قيام قوّة من الجيش بتفتيش مخيّم النور العائد للنازحين السوريين في بلدة عرسال، ففجّر انتحاريّ نفسه من ثم فجّر ثلاثة انتحاريين آخرين أنفسَهم من دون وقوع إصابات في صفوف العسكريين، كذلك فجّر الإرهابيون عبوة ناسفة، فيما ضبطت قوى الجيش 4 عبوات أخرى معدّة للتفجير، وخلال قيام قوّة أخرى من الجيش بعمليّة تفتيش في مخيّم القاريّة التابع للنازحين فجّر أحد الإرهابيين نفسَه، فيما رمى إرهابيّ آخر قنبلة يدوية».
قائد الجيش
وللاطلاع على الوضع الميداني، تفقّد العماد عون قوى الجيش المنتشرة في منطقة عرسال، وأشار إلى أنّ «ما جرى يؤكّد مرّة أخرى قرار الجيش الحاسم في القضاء على التنظيمات الإرهابية وخلاياها وأفرادها أينما وجدوا على الأراضي اللبنانية، ومهما كلّف ذلك من أثمانٍ وتضحيات»، لافتاً إلى أنّ «المرحلة المقبلة ستشهد تكثيف العمليات النوعية لاقتلاع هذا الشَر الخبيث، الذي لا يعير أيّ اهتمام لحياة الإنسان، ويضرب عرض الحائط كلّ القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية».
وفي سياق متصل بمحاربة الإرهاب، ولمناسبة مرور عام على التفجيرات الإرهابية التي تعرضت لها بلدة القاع، زار قائد الجيش مبنى بلدية القاع والتقى رئيسها بشير مطر والاعضاء. وطمأن عون الأهالي إلى أنّ «الجيش سيبقى إلى جانبهم ولن يسمح للإرهاب بتهديد أمنهم وسلامتهم». واكد «انّ الجيش هو في موقع الهجوم وليس في موقع الدفاع، ولن ننتظر الإرهابيين».
رئيس الجمهورية
ولاقت العملية ترحيباً سياسياً واسعاً، حيث لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خلال زيارته مقرّ المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، الى أنّ «قوة من الفوج المجوقل نفّذت عملية نوعية في عرسال وكانت عملية خطرة جداً نظراً لوجود انتحاريين وعبوات ناسفة، فنحن نهنّئ الجيش على نجاح هذه العملية».
بري
واتصل رئيس مجلس النواب نبيه بري بقائد الجيش مهنّئاً بالعملية الامنية ومواسياً بالعسكريين المصابين، قائلاً له بحسب معلومات «الجمهورية»: «أريد أن أهنّئك وأن أواسيك في آن معاً، نحن معك وخلفك وأمامك ونشدّ على يدك وأحييك وأحيي المؤسسة العسكرية».
الراعي
من جهته، حيّا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في تصريح من المطار، لدى عودته الى بيروت، «الجيش اللبناني وكل قوى الأمن على العملية التي نفّذوها فجر اليوم (أمس) في عرسال». وتمنى أن «يتعامل اللبنانيون بمسؤولية مع الأحداث، حتى لا تتحوّل الأفراح إلى مآتم، وان يتم وضع حدّ للسلاح المتفلّت».
فترة اختبار
سياسياً، كرر بري أمام زواره تأكيد «ضرورة استغلال الفترة التمديدية الحالية للمجلس النيابي وعدم اعتبارها «فترة تمديدية وكان الله يحبّ المحسنين»، بل اعتبارها فرصة او فترة اختبار للمجلس كما للحكومة لمزيد من العمل والانتاج لكي تعود الناس وتحترم هذا المجلس بكل مكوّناته على غرار ما حصل مع مجلس عام 1992. فدعونا نعمل لمصلحة الناس وإلّا اذا بقينا في المراوحة والتعطيل والمماطلة وتضييع الوقت، فهذا إسمه «شَرشحة».
وأشار بري الى انه في صدد الدعوة قريباً الى جلسة تشريعية للمجلس وبندها الاول هو مشروع سلسلة الرتب والرواتب. فقال: «أنا شخصياً منسجم مع نفسي حول هذا الموضوع ومع الوعد الذي قطعناه بضرورة إقرارها لأنها حق لأصحابها».
وحول التعقيدات التي يمكن أن تواجه طرح السلسلة واعتراضات بعض القطاعات، ولا سيما منها الاقتصادية، قال بري: «السلسلة بند أساسي في الجلسة المقبلة والمجلس سيّد نفسه في هذا الأمر وسيدرسها ويقرّها وليس أمامه ما يمنعه من ذلك، الّا اذا قرّر رئيسا الجمهورية والحكومة استرداد المشروع فهذه هي الطريقة الوحيدة لسحب السلسلة من الجلسة، وما لم يحصل ذلك فالمجلس سيدرسها ويقرّها».
وشدّد بري في مجال آخر على «وجوب إجراء انتخابات فرعية لملء الشواغر الموجودة (مقعد ماروني في كسروان ومقعد أرثوذكسي ومقعد علوي في طرابلس)، خصوصاً انّ ولاية المجلس مستمرة لـ11 شهراً يفترض خلالها إجراء هذه الانتخابات، مع الاشارة الى انّ إجراءها يتمّ وفق القانون الأكثري وهذا منصوص عليه في القانون الجديد. وفي كل الحالات أنا لا اعتقد انّ هناك عائقاً او مانعاً لإجراء هذه الانتخابات فلا ضرورة لهذا التأخير».
وعن استخدام البطاقة الممغنطة في الانتخابات المقبلة، قال بري: «بطاقة ممغنطة او إلكترونية يجب إنجازها، لا شيء يمنع ذلك وهو أمر ليس صعباً بل سهل جداً وضروري في آن معاً».
وحول وساطة المصالحة التي كان بدأها لجسر العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، قال بري انه بدأ فعلاً هذه الوساطة لكنها عُلِّقت موقتاً بسبب سَفر كل من الحريري وجنبلاط، ومع عودتهما ستستأنف و«آمل خيراً». وتطرّق بري الى التطورات المتسارعة في المنطقة، فتوقف باهتمام كبير أمام الحدث العراقي وإنهاء تنظيم «داعش»، واذ اعتبر ذلك إنجازا كبيراً الّا انه يبحث عن جواب للسؤال ماذا بعد «داعش»؟
فقال: «أخشى ما أخشاه محاولة إدخال المنطقة في ما هو أخطر من «داعش»، أي التقسيم. تقسيم المنطقة والعالم العربي. هنا مبعث الخشية والخوف، أنا خائف على المنطقة والمهم هو ان تحفظ حدود البلدان». وعن لبنان قال: «الحمد الله لبنان رغم «التعتير اللي فِي» أفضل من أيّ بلد آخر».
وأكّد بري لـ«الجمهورية» تَمسّك لبنان بحقوقه النفطية وحدوده «حتى آخر رمق»، مشيراً الى انّ هذا الموضوع كان محلّ نقاش بينه وبين ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ «وكان لافتاً انّ موقفها متفهّم الى حدّ التطابق للموقف اللبناني». وأوضح انّ «كل الأمور منتهية، لكن يبقى انتظار الموقف الأميركي الذي لم يعيّن بعد المسؤول المعني بهذا الملف حتى الآن».
اللواء :
فرض الإجماع اللبناني حول العملية الاستباقية الناجحة للجيش اللبناني في مخيمين للنازحين السوريين في عرسال (مخيم النور ومخيم القارية) بنداً تقدّم على ما سواه، رسمياً ودبلوماسياً وأمنياً.. بما شكّله من ضربة نوعية للارهاب في عرسال.
فخارج الترحيب والإشادة بقدرة ضباط وجنود الجيش بإحباط مخططات انتحارية إرهابية ومقتل «5 إرهابيين» فجر أمس الأوّل، والتي أدّت إلى إصابة عدد من العسكريين بجروح «غير خطرة» وفقاً لمصدر عسكري لبناني، فضلاً عن مقتل طفلة نازحة جرّاء التفجيرات الإرهابية، قالت مصادر واسعة الاطلاع ان هذه العملية، التي كانت بتوقيت متزامن مع التحولات الميدانية في الموصل لغير مصلحة «داعش» بعد انهيار مركز «خلافتها» وكذلك في ارياف حلب ومدن سورية أخرى، وضعت القيادات العسكرية والأمنية امام مرحلة جديدة من الحرب الاستباقية بوجه خطط إرهابية، لشن هجمات داخل الأراضي اللبنانية أو إيجاد ملاذات آمنة بعد الضربات في العراق وسوريا للمجموعات التكفيرية المتطرفة والارهابية.
ولم يخفِ قائد الجيش العماد جوزف عون، لدى تفقده قوى الجيش المنتشرة في منطقة عرسال ان «المرحلة المقبلة ستشهد تكثيف العمليات النوعية لاقتلاع هذا الشر الخبيث».
وكشف العماد عون ان «قرار الجيش حاسم في القضاء على التنظيمات الإرهابية وخلاياها وافرادها أينما وجدوا على الأراضي اللبنانية» (راجع ص 5)
على ان المسألة باتت أبعد من الحرب الاستباقية اللبنانية ضد الإرهاب وخلاياه، لتطرح مسألة مخيمات النازحين، وكيفية التعاطي مع المخيمات غير الشرعية لهؤلاء في ظل الحاجة لاجراء تفاهمات مع الأمم المتحدة من أجل تسهيل عودة هؤلاء إلى المناطق الآمنة.
وقالت المصادر المطلعة ان هذا الموضوع، سيكون على جدول أعمال مجلس الوزراء في أوّل جلسة يعقدها، الأربعاء المقبل، أو بعده، من زاوية القرار السياسي العام في حفظ الأمن، ومنع أية محاولة لتعريض الاستقرار الأمني والسياسي للخطر.
وأعلن وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي لـ«اللواء»: ان من واجب الدولة حماية جميع المقيمين على أراضيها من مواطنين لبنانيين أو غير لبنانيين، وشدّد على ان القوى الأمنية تقوم بكل واجباتها المطلوبة، لا سيما الجيش اللبناني الشجاع والبطل، الذي لا يتهاون مع المجرمين والارهابيين الذين ينالون العقاب الذي يستحقونه».
وأكّد المرعبي ان «هناك متابعة دقيقة وحثيثة مستمرة للتأكد من سلامة هذه المخيمات وعدم وجود أسلحة أو مسلحين يشكلون أي تهديد للسلم الاهلي».
وإذ أنحت عملية الجيش الملفات الداخلية الحسّاسة جانباً سواء قانون الانتخاب الذي جرى تهريبه لمنع التجاذبات أو فتح الباب امام مخاطر الفراغ في السلطة التشريعية، أو التجاذب الحاصل حول ملفات الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، وحتى بواخر الكهرباء.. فإن الأوساط المقربة من «حزب الله» تعتبر ان التسوية السياسية مستمرة، وأن مواجهة التكفيريين من شأنها ان تحصن الوضع الداخلي تحسباً لأي مغامرة إسرائيلية بمؤازرة أميركية لاستهداف لبنان.
ومع عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت ليل أمس، تتجه الأنظار إلى اجراء اتصالات من أجل تحديد موعد جلسة مجلس الوزراء بالإضافة إلى جدول الأعمال.
وعند الساعة السابعة من مساء اليوم، يرعى الرئيس الحريري حفل تخريج جامعي سنوي للطلاب في الجامعة الأنطونية، ومن المقرّر ان يكون له خطاب في المناسبة، يتناول فيه سعي الحكومة لإيجاد فرص عمل للشباب، والخريجين، بوضع وثيقة بعبدا على جدول الأعمال الخاصة بالوزارات.
وفي ما خصّ مشروع استجرار الكهرباء من البواخر في البحر، نفى وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل امكانية رفع منسوب تزويد المنازل بالكهرباء ضمن برنامج 24/24 يومياً.
وقال: اذا تأخر بت المناقصة في دائرة المناقصات في التفتيش المركزي، فضلا عن تأخر اقراره في مجلس الوزراء، ثم اجراء عمليات التلزيم، فان تحسن الكهرباء يمكن ان يظهر في نهاية الصيف، رافضاً الإلتزام بأي موعد لتحسين الكهرباء.
من جانب آخر، لم تستبعد مصادر وزارية أن يثير عدد من الوزراء الكلام الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بشأن استقدام حهاديين. وقال وزير شؤون النازحين معين المرعبي في تصريح لصحيفة اللواء أن هذا الكلام ليس مقبولا بأي شكل من الأشكال وهو مدان كليا ولا يمثل رأي الشعب اللبناني باغلبيته.
وقال لـ«اللواء» نحن بغنى عن استجلاب الحروب إلى لبنان، كما أن أي معركة في المستقبل ستتسبب بأضرار يصعب إصلاحها. ورأى الوزير المرعبي أن ردود الفعل التي صدرت في أعقاب موقف نصر الله كانت دون المستوى المطلوب. واعتبر أن الكلام عن أوضاع معينة في طرابلس مجرد فبركات.
إلى ذلك، أشار إلى أنه من الطبيعي أن تقوم القوى الامنية بمهامها لجهة التأكد من سلامة المخيمات وخلوها من أي عناصر مشبوهة. وأكد أن هناك دولة وسلطة وعلى الجميع الانصياع لها. واضاف:لم نقم بترحيل أي نازح ولم نخرق أي اتفاق دولي ومبادئ القوانين المرعية الإجراء مع السلطات اللبنانية، كما أن الدولة تعاطت بجدية مع ملف النازحين أكثر من أي دولة أخرى. وأكد أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية هو تعاطي يصب في مصلحة المخيمات والقاطنين في داخلها وخارجها، لكن لا يمكن تحميل أي نازح مسؤولية ما يقوم به نازح آخر. وقال: نحن ندعم الجهود التي تقوم بها هذه الأجهزة ولا سيما المؤسسة العسكرية. ودعا الجميع إلى الانصياع للقوانين اللبنانية.
عملية عرسال
ميدانياً، واستناداً الى التحوط لمرحلة ما بعد سقوط التنظيمات الإرهابية، في العراق وسوريا، لئلا يدخلوا الى لبنان، بحسب ما ما نبّه الرئيس ميشال عون، داعياً القوى الأمنية إلى اليقظة، خاض الجيش اللبناني معارك فجر أمس، في شرق جرود عرسال، مع المسلحين الذين يتغلغلون داخل مخيمات النازحين السوريين، ونجح في توقيف أكثر من 350 ارهابياً من مخيمي النور والقارية، بينهم 25 من كبار المطلوبين المنتمين إلى تنظيمي «داعش» و«النصرة»، فيما اقتصرت الإصابات في جانب الجيش على جرح 7 عسكريين جرّاء تفجير أربعة انتحاريين أنفسهم في مخيم النور، وخامس في مخيم «القارية»، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص بينهم طفلة سورية وجرح شخصين.
وفي المعلومات، انه على اثر نجاح قوة من مخابرات الجيش في توقيف السوري أحمد خالد دياب المتهم بقتل المقدم نور الدين الجمل الذي استشهد في معارك عرسال الشهيرة في آب من العام 2014، اخضع دياب المذكور، طوال الليلة الماضية إلى استجواب دقيق، كشف خلاله الموقوف عن عملية تفجير ضخمة كانت تعد داخل بلدة عرسال، إضافة إلى الاعداد لتنفيذ سلسلة عمليات انتحارية من زحلة إلى بيروت، مما اقتضى إعطاء الأوامر لفوج المجوقل في الجيش لمداهمة مخيمات النازحين السوريين في عرسال، لتوقيف المشبوهين والتحقيق معهم، ولدى وصول قوة من المجوقل إلى مخيم النور فجر أمس، اصطدمت بمجموعة من المسلحين الذين عمدوا إلى اطلاق النار على الجيش، فحصل تبادل لاطلاق النار، تمكنت خلاله القوة المداهمة من الدخول إلى عمق المخيم، الا ان اربعة من المسلحين الذين كانوا يرتدون احزمة ناسفة عمدوا الى تفجير أنفسهم وسط اقربائهم داخل المخيم، على الرغم من ان عناصر القوة حاولت إقناع المسلحين بعدم تفجير أنفسهم حفاظاً على أرواح عائلاتهم، واصيب من جرّاء هذه العملية ثلاثة عسكريين بجروح غير خطرة، بحسب بيان قيادة الجيش الذي تحدث أيضاً عن تفجير عبوة ناسفة من قبل الارهابيين، فيما ضبطت قوى الجيش أربع عبوات ناسفة معدة للتفجير، عمل الخبير العسكري على تفجيرها فوراً في امكنتها.
في هذه الاثناء، كانت قوة أخرى من الجيش تداهم مخيم «القارية» للنازحين السوريين في المنطقة نفسها، فأقدم أحد الارهابيين على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف من دون وقوع اصابات في صفوف العسكريين، كما اقدم إرهابي آخر على رمي قنبلة يدوية باتجاه دورية الجيش، ما أدى إلى إصابة أربعة عسكريين بجروح طفيفة.
ولاحقا اكدت القيادة خبر وفاة الطفلة السورية حيث اعلنت ان احد الانتحاريين فجر نفسه وسط افراد عائلة نازح ما ادى الى وفاة طفلة تنتمي الى هذه العائلة.
وعرف من الانتحاريين الذين فجروا انفسهم في مخيم النور كل من خلدون حلاوي من بلدة قارة والمعروف باسم «ابو عائشة» وهو احد مسؤولي جبهة النصرة، وابو عبيدة وهو قاضي شرعي للنصرة، علما ان اغلب المسلحين المتواجدين في مخيم النور، ينتمون الى «النصرة»، اما في مخيم «القارية» فينتمون الى تنظيم «داعش».
وترددت معلومات، في اعقاب العملية عن اسلحة كيميائية عثر عليها الجيش في عرسال، لكن مصادر عسكرية نفت هذه المعلومات، موضحة ان ما عثر عليه في مخيم القارية ليس سوى مواد لتصنيع العبوات المتفجرة، كذلك نفت المصادر عثور الجيش على مخبأ تحت الارض لتصنيع العبوات قرب احد المخيمات التي تمت مداهمتها في عرسال، حسب قناة «الميادين» واكدت ان كل المضبوطات من صواعق ومعدات تحكم عن بعد ومواد لاعداد المتفجرات عثر عليها فوق الارض.
وعلى اثر نجاح العملية العسكرية الاستباقية، تفقد قائد الجيش العماد جوزاف عون قوى الجيش المنتشرة في عرسال، والتقى الضباط والعسكريين الذين نفذوا المهمة، مثنياً على شجاعتهم في مواجهة الارهابيين وادائهم المهمة بدقة واحتراف عاليين، مشيدا بحرصهم على تجنيب سكان المخيمين وقوع خسائر في صفوفهم، مؤكدا التزام القيادة حماية المدنيين في جميع العمليات العسكرية.
عون في الاشرفية
وقبل توجهه الى مقر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في الاشرفية، لمناسبة العيد 156 لقوى الامن، تلقى الرئيس عون اتصالا من العماد عون ابلغه فيه نجاح العملية النوعية التي قامت بها قوة من الفوج المجوقل، واصفا اياها بأنها كانت عملية خطرة للغاية.
وكشف الرئيس عون امام كبار ضباط قوى الامن، بأن احد المطلوبين قام بتفجير نفسه بالدورية العسكرية، ثم فجر اربعة ارهابيين انفسهم اثناء العملي، حيث بلغ عددهم خمسة انتحاريين.
وقال: كما تم تعطيل ارب عبوات ناسفة كانوا زرعوها في الشارع، وكأنهم (اي المسلحين) كانوا يعرفون ان هناك قوة آلية نحوهم.
واذ هنأ الرئيس عون الجيش على نجاح العملية، اثنى على جهود وتضحيات قوى الامن وقيامها بواجباتها، داعياً اياها الى السهر كثيرا للحؤول دون تمكين عناصر التنظيمات الارهابية من السعي الى اللجوء الى لبنان بعد سقوطها في سوريا، مؤكدا العمل تدريجياً على تأمين مستلزمات العمل المتطور المطلوب في المؤسسات الامنية كافة.
«القوات» و «المردة»
في غضون ذلك، برزت الزيارة التي قام بها نائب رئيس الحكومة وزير الصحة «القواتي» غسان حاصباني الى بنشعي، حيث التقى رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في حضور الوزير السابق يوسف سعادة.
وفي حين اكد حاصباني ان اللقاء مع فرنجية كان ايجابيا وثبت العلاقة بين «القوات» والمردة والايمان المشترك في بناء الدولة، مشددا على ان حزب «القوات» منفتح على الجميع، وهو على استعداد للتعاون مع الجميع وتقريب وجهات النظر. لاحظت مصادر متابعة ان اللقاء جاء ضمن جولة للوزير على مستشفيات زغرتا للإطلاع على أوضاعها، الا انه يمكن أن يؤسّس لمزيد من الدفء في العلاقات بين «المردة» و«القوات» في المرحلة المقبلة، والتي يكثر فيها الحديث عن اتصالات تجري بعبدا من الأضواء التقريب بين الطرفين.
النفط
وعلى صعيد آخر، حضرت الثروة النفطية البحرية التي يوليها الرئيس برّي اهتماماً خاصاً، في المشاورات التي أجراها أمس مع ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيفريد كاغ في عين التينة، حيث تركز الحديث على ترسيم الحدود البحرية، في ضوء ما أعلنه برّي في لقاء الأربعاء النيابي على استعداد الأمم المتحدة للمساعدة على ترسيم هذه الحدود مع الجانب الإسرائيلي.
وفي هذا السيّاق، أكد برّي لضيفته الأممية تمسك لبنان بكامل ثورته النفطية والمنطقة الاقتصادية الخاصة، مشدداً على عد التنازل عن الحق اللبناني، فيما أكدت كاغ استعداد الأمم المحدة لرعاية هذه العملية، مشيرة إلى جولته الأخيرة في نيويورك وما قامت به على هذا الصعيد
الاخبار :
لم تكن الساعة قد بلغت الخامسة والنصف فجراً بعد. دخلت دورية من فوج المجوقل إلى مخيم النور للنازحين، عند أطراف بلدة عرسال، بحثاً عن أحزمة ناسفة وإرهابيين. المعلومات الاستخبارية كانت تفيد بأنّ هجوماً انتحارياً يُعدّ له في المخيم، الذي كان يُعرف سابقاً باسم «مخيم أبو طاقية»، تمهيداً لتنفيذ عملية انتحارية في العمق اللبناني. ولم يكن لتوقيف أحمد خالد دياب، أحد مسؤولي جبهة النصرة في القلمون، أول من أمس، أي علاقة بالعملية الأمنية أمس، بعكس ما جرى التداول به في وسائل الإعلام.
كذلك لا صحة للمعلومات التي تردّدت عن أنه قاتل العقيد نور الدين الجمل. المعلومات المتوافرة، بحسب المصادر الأمنية المتابعة للهجوم، تحدثت عن «طبخ» أحزمة ناسفة وإعداد عبوات متفجرة استعداداً لسلسلة تفجيرات. ولم تكد تبدأ عملية التفتيش حتى فجّر انتحاري نفسه وسط عناصر فوج المجوقل، فأصيب ثلاثة عناصر إصابات حرجة في وجوههم. الانتحاري بحسب المصادر الأمنية من عناصر تنظيم «جبهة النصرة». أُتبِع التفجير الانتحاري بإلقاء أحد الإرهابيين قنبلة على العناصر العسكريين، ما أدى إلى سقوط جرحى. حوصر المخيم، لتبدأ التوقيفات بالتزامن مع حصار مخيم قارية ودهمه (نسبة إلى بلدة قارة السورية التي يعود معظم النازحين المقيمين في المخيم إليها).
وقعُ الهجوم في المخيم الثاني كان أكبر. ثلاثة انتحاريين ينتمون إلى تنظيم «داعش» فجّروا أنفسهم تباعاً، وترافقت التفجيرات الانتحارية مع تفجير ثلاث عبوات ناسفة. وقد فجّر انتحاريان نفسيهما من دون سقوط أي إصابات في صفوف الجيش، بينما تمترس انتحاري ثالث في إحدى الخيم، متّخذاً من عائلة نازحة دروعاً بشرية. هدّد الانتحاري الثالث بتفجير نفسه بأفراد العائلة إن لم تنسحب القوة المداهمة، ثم بدأت مفاوضات تمكن خلالها عناصر الجيش من إقناعه بترك معظم أفراد العائلة، قبل أن يفجّر نفسه في آخر المطاف ويقتل طفلة. لم يكن انفجار الانتحاريين الأربعة خلال ساعات الصباح الأولى صادماً. لكن هول الخبر أعاد إلى الأذهان صور انتحاريي الفجر الخمسة في بلدة القاع قبل عام كامل. وكانت لدى القيادة العسكرية معلومات استخبارية عن مخطط تفجيري وعمليات أمنية ضخمة يستعد لتنفيذها كلّ من تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش»، كلٌّ على حدة في الداخل اللبناني. حتى إن كمية المتفجرات التي جرت مصادرتها تؤكد ذلك. عقب العملية الأمنية، نفذ الجيش عمليات توقيف كبيرة كانت حصيلتها قرابة 400 موقوف. وذكرت المصادر الامنية أن التحقيق الميداني الأوّلي بيّن أن عدداً من موقوفي مخيم القارية هم من عناصر «داعش»، مشيرة إلى أن بينهم قياديين.
على الرغم من أن الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية باتوا يمتلكون القدرة على المباغتة، ونجحوا في الآونة الأخيرة في ضرب الخلايا الإرهابية وكشفها قبل تنفيذ مخططاتها، إلّا أن المقبل من الأيام يؤشّر إلى تصاعد في الأعمال الإرهابية على مستوى المنطقة. فقرار التنظيمات الإرهابية بضرب الجيش والداخل اللبناني قائم، وهذا أمر يرتبط بالقرار الذي بدأ يتبلور بحسم الحرب على تنظيمي «داعش» و«النصرة» على مستوى إقليمي ودولي، وهزائم تلك الجماعات في الميدانين السوري والعراقي. ولا شكّ في أن الخلايا النائمة للتنظيمين تشعر بالضيق وبضرورة فتح جبهات أمنية جديدة تخفّف الحصار الذي يشتدّ عليها من إدلب إلى البادية السورية والغرب العراقي.
ويمكن القول إن أي تسوية في جرود عرسال لن تكون حالياً لمصلحة «النصرة» أو «داعش»، وكذلك استمرار عملية التفاوض لعودة النازحين السوريين إلى قراهم. فبالنسبة إلى مقاتلي «داعش»، لا مكان متاح للخروج من جرود عرسال. <