توجه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في كلمة له خلال حفل توزيع بطاقات الانتساب إلى الحزب في معراب، إلى الحاضرين بالقول "أيها الرفاق إن باقة معراب اليوم باقة مميزة بألوانها وعطورها، فتحية لكم، إلى زحلة والبقاع الأوسط، والغربي والشمالي وراشيا ومنطقة دير الأحمر والقاع ونحن اليوم بالذكرى 39 لمجزرة القاع، واحدة من الاحداث التي تثبت ان كل نقطة دم سقطت في البقاع نرى نتائجها اليوم في سوريا، تحية إلى بيروت والشوف وعاليه وبعبدا والمتن الشمال وكسروان وجبيل، تحية للبترون والكورة وزغرتا وبشري والضنية والمنية وطرابلس وعكار، تحية لمصلحة النقابات ورجال الأعمال والمعلمين وان البطاقة التي تتسلمونها اليوم هي بطاقة انتساب وإيمان والتزام بكل خياراتنا التاريخية وآخرها المصالحة".
ولفت إلى انه "لاحقت لعنة الانقسام والتشرذم مجتمعنا وطاردته لعقودٍ وعقود، وفي غمرة مخاطر كبيرة على الوجود والمصير، فكان لا بد من أن يأخذ أحد ما المبادرة في التصدي لهذه اللعنة، ويعمل على اجتثاثها من جذورها، ولو بأثمان باهظة باهظة، وهكذا كان، فهبّت رياح التغيير في حزيران من العام 2015 وأثمرت في 18 كانون الثاني 2016 في معراب لتطوي صفحة اقتتالٍ داخلي كان في بعض الأوقات عنفياً، وتحوّلت لعنة الاقتتال الى نعمة المصالحة".
وأشار جعجع إلى أنه "صحيحٌ أنّ مصالحة معراب كانت محصورة بين قوتين أساسيتين إلاّ أنّ مفاعيلها الإيجابية امتدّت كالشعاع في أرجاء الوطن فطالت كلّ الجهات السياسية الباقية ممّا أدّى الى انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية وبعدها الى الوصول الى قانون انتخاب جديد وليسمى احتفالنا اليوم احتفال مصالحة معراب"، لافتاً إلى أنه "قبل ان تولد القوات كإطارٍ تنظيمي، حمل ابطالٌ من مجتمعنا ارواحهم على اكفّهم دفاعاً عن الكرامة والوجود والمصير وقد تملّكتهم روحٌ من الحرية والثورة والبطولة والعنفوان، هذه الروح هي التي تجسدّت لاحقاً في إطارٍ تنظيمي اسمه القوات".
وأكد جعجع أنه "ستبقى "القوات اللبنانية" تقاوم وتستمر حتى تنتصر، القوات ليست مقاعد نيابية ووزارية ، انما روح توجه المسار وتصنع التاريخ، إلى هذه الروح تنتسبون وإلى قافلة الابطال الذي سبقونا تنتمون ونحن لا نريد محازبين بالمفهوم الحزبوي الضيق، بل نريد مناضلين من أجل قضايا الحرية والحق ولا نريد صائدي مناصب وفرص، لا تدعوا البطاقة في محفظتكم وحسب فلتكن في قلوبكم أولا"، مشيراً إلى "أنكم تتسلمون بطاقة مرور إلى عهد جديد وآفاق جديدة، بطاقة مرور إلى التاريخ والمستقبل والانتساب ليس نزهة "مش هينة تكون قوات" لأن القوات بحد ذاتها مش هينة وان القوات مسيرة وعرة شاقة وقاسية، من يتعب قبل بلوغ القمة سيعود أدراجه نو الاسفل".
وتوجه للمنتسبين الجدد بالقول "تذكروا انكم اليوم تجتازون معمودية اخلاقٍ وقيم وشرفٍ والتزام، وفي انتظاركم كل يوم معموديات وتحديات قادمة، فاستعدوا وإنّ القوات اللبنانية خلية نحل تعمل بتصميمٍ ونشاط وارادةٍ لا تلين، تسير باتجاهٍ واضح لتحقيق غايةٍ نبيلة"، مشيراً إلى أن "شعور كل فردٍ منكم بالمسؤولية التاريخية في اي موقعٍ يشغله وتجاه اي تفصيل يواجهه، يجب ان يُضاهي شعور رئيس الحزب بمسؤولياته الجسام في التصدّي للقضايا الكبرى، مسؤولية واحدة، قضية واحدة، في كل مكان وموقع ومهمّة.دخل القوات للمرة الأولى الى الحكومة بفاعلية، هدفنا من دخولها اليوم هو ترجمة أكبر قدر ممكن من قناعاتنا السياسية، وفي طليعتها في الوقت الحاضر محاربة منظومة فسادٍ استشرت في لبنان منذ أزمان، وباتت تهدد وجود الدولة برمّتها".
وأضاف جعجع "كل من يراهن على انزلاق القوات شيئاً فشيئاً الى مستنقع شبكة المصالح والفساد يأساً من الواقع المُزري، او إخفاقاً في مكافحة هذا الواقع، او مسايرةً لهذا الطرف، او تستراً عن ذاك، هو مخطىء وخاطىء أيضاً، فقائدنا اسمه البشير اثار الذعر في قلوب الفاسدين في عشرين يوماً ويوم، ووزراؤنا ونوابنا يُضرب بهم المثل في الكفاءة ونظافة الكف ومكافحة الفساد، وهم قدوة ونخبة وصمام امان لمجتمعنا"، مشيراً إلى أن "صلابة القوات في حربها ضد الفساد اليوم تضاهي صلابتها في كل المواجهات السياسية الوطنية السابقة وان السلطة لن تعقد لنا لساناً، وانما ستفتح لنا أعيناً ومجالات لمحاربة الفساد القاتل، ولا ينسى أحد أنّ القوات ولدت من رحم الثورة والتمرّد وقول الحقيقة مهما كانت صعبة ومكلفة".
وأفاد أن "كلّ معركة حقٍ ننخرط فيها، وكل مواجهةٍ شريفة نخوض غمارها، تشحن في فضاء هذا الوطن طاقةً ايجابية تلتحم بطاقات الكثيرين من أصحاب النوايا الحسنة، ولو غير الظاهرة، فنشكّل معاً قوةً كبيرة قادرة على مواجهة كل المشاكل وهذه هي القوات، خميرةٌ مؤتمنة على مصير ومستقبل شعبٍ بأكمله وُجد على هذه الأرض واستمر في اقسى الظروف منذ مئات السنين وسيستمرّ ومن هذا المنطلق، لن نقبل بأن يُدفع شعبنا الى اليأس والإحباط"، مؤكداً "اننا لن نقبل بتعميم مناخات السلبية والعدمية والرفضية العمياء كل يوم وعلى كل شيء. سنشكّل دائماً الشمعة التي تكسر حدّة الظلمة وسنشكّل دائماً فسحة الأمل التي تجعل المواطن يتمسّك بأرضه".
وتابع "سمعنا كثيراً في الأيام الأخيرة كلاماً عن تسييب حدود لبنان وفتحها أمام مجموعات مسلّحة مّما هبّ ودبّ ، بحجة الدفاع عن لبنان ولا نريد من أحد الدفاع عنّا أو عن لبنان، فهذه مهمّة حصرية، وحصرية جداً، وحصرية جداً جداً للدولة اللبنانية وحدها فقط لا غير وما قام ويقوم به الجيش اللبناني اليوم وكل يوم مع باقي الأجهزة الأمنية خير دليل على ذلك"، مشيراً إلى أنه "ليس من حق أحد على الإطلاق اتخاذ قرارات استراتيجية خصوصاً في ما يتعلّق بسياسةلبنان الدفاعية أو الخارجية إلاّ الحكومة اللبنانية حصراً وما زالت ماثلة أمام أعيننا تجربة المجموعات الفسلطينية المسلّحة التي أدخلت في السبعينات أيضاً بحجة مواجهة إسرائيل، فكانت النتيجة مواجهة للشعب اللبناني وحرباً داخل لبنان لم يشهد لها مثيلاً. رابعاً وأخيراً، لقد أثبت التاريخ وعلى مدى 1500 عام أنّ اللبنانيين استحقّوا لبنان لأنّهم دافعوا عنه بأنفسهم كل الوقت، وليس لأنّهم استقدموا مجموعات من الغرباء من الخارج للدفاع عنه".
وأشار جعجع إلى أنه "صحيحٌ انكم تأتون من مشارب جغرافية وطائفية متعددة، لكن القوات تبقى منبعكم الواحد الذي تتشرّبون منه الإيمان بالقضية والوفاء للشهداء. صحيحٌ انكم ابناء عائلاتٍ تنتشر على امتداد رقعة لبنان، لكن جذور عائلة القوات التي تنتمون اليوم اليها ضاربة عميقاً في التاريخ والجغرافيا، صحيحٌ انكم اليوم اصبحتم محازبين، لكنكم كنتم وتبقون دائماً وقبل كلّ شيء مناضلين، صحيح ان البطاقة لا تصنع مقاوماً، لكن المقاومة مع بطاقة تصنع حزباً منظّماً، لبنان بأمس الحاجة اليه للحفاظ عليه كما للتطور والتقدم وصحيحٌ ان حزب القوات الذي تنتسبون اليه اليوم عمره من عمر البنفسج فوق الصخور، لكن القضية التي تعتنقونها عمرها من عمر هذه الصخور".