ما بين التحضيرات لعودة مزيد من اللاجئين السوريين إلى بعض القرى القلمونية، والتخوف من توتر الأوضاع عسكرياً في جرود عرسال، يسود ترقّب في البلدة البقاعية وجرودها. أكثر من محاولة اغتيال وتفجير استهدفت قياديين في سرايا أهل الشام خلال الأسبوعين الفائتين. بعضهم يتهم تنظيم داعش بذلك، والبعض الآخر يتهم جبهة النصرة، فيما أحد القياديين البارزين في السرايا يقول لـ"المدن" إن التحقيقات لاتزال مستمرة، لحسم هوية منفذي هذه التفجيرات، والغاية منها".
في السياق التحليلي، فإن لهذه التفجيرات، وتوتير الأجواء الذي قد يؤدي إلى إندلاع معارك، هدفين، إما عرقلة المساعي لإعادة اللاجئين إلى قراهم، أو افتعال اشتباكات للتوسع وتوفير ممرات آمنة. الأوضاع الحالية في الجرود، تشير إلى احتمال تجدد المعارك هناك، في أي لحظة.
يسعى عدد من اللاجئين السوريين في عرسال، إلى تسجيل أسمائهم للعودة إلى قراهم. يعتبرون أن الخطوة الأولى التي تمثّلت بعودة نحو 200 شخص إلى بلدة عسال الورد القلمونية، كانت ناجحة. بالتالي، هم يريدون العودة. وقد بدأ أبو طه، أحد وجهاء بلدة عسال الورد، مبادرته هذه بناء على تواصل وموافقة من النظام السوري وحزب الله، لأجل انجاز الترتيبات لعودتهم.
يؤكد أبو طه لـ"المدن" أن المساعي مستمرة وهي ستنجح مهما حاول البعض عرقلتها، قائلاً: "نريد عودة اللاجئين إلى قراهم، وهذه القرى هي يبرود، رأس العين، رأس المعرة، الحوش، والجبة". ويشير إلى أن مبادرته موافق عليه من جانب الدولتين السورية واللبنانية. ويكشف عن التحضير لاجراء العديد من المصالحات في قرى القلمون، على أن يعود حالياً نحو 500 عائلة سورية، فيما سيعود عدد أكبر في المرحلة المقبلة.
ويكشف أبو طه أن جبهة النصرة وتنظيم داعش، يعارضان ذلك، أما سرايا أهل الشام فهي لا تعارض ذلك، ولا تتدخل في مسألة المدنيين، ولا تمنعهم من العودة إلى أراضيهم ومنازلهم. ويشير إلى أن الأوضاع في الجرود قد تنذر بحصول معركة محتملة، سواء أكان في ما بين التنظيمات، خصوصاً بعد التفجيرات التي نفذتها المجموعات المتطرفة بحق قياديين في سرايا أهل الشام، أم بين حزب الله والجيش السوري من جهة، والتنظيمات الأخرى من جهة ثانية، لأجل إجبارهم على مغادرة تلك المنطقة.
وفي هذا السياق، تكشف مصادر متابعة أن حزب الله يتخذ قراراً حاسماً ونهائياً بشأن المعركة في تلك المنطقة، لأجل إخراج المسلحين منها. وهذا الخيار تعزز أكثر، بعد الضربة التي وجهتها النصرة إلى أحد مواقع الحزب في الجرود. بالتالي، فإن الحزب سيرد على هذه الضربة بمعركة واسعة تؤدي إلى إعلان الجرود منطقة آمنة، على أن يسلّم تلك المواقع للجيش اللبناني بعد طرد المسلحين والسيطرة عليها.
ولكن، هناك من يتحدث عن أن باب التفاوض لم يقفل نهائياً، والمفاوات عالقة عند نقطة معينة، إذ إن جزءاً من النصرة يوافق على المغادرة لكن بدون إلقاء السلاح، فيما حزب الله يرفض ذلك. ولا تستبعد المصادر إمكانية إندلاع اشتباكات، بين تنظيم داعش من جهة وسرايا أهل الشام من جهة أخرى، أو بين السرايا والنصرة، وفق ما ستظهره نتائج التحقيق بعمليات التفجير التي طالت القياديين في السرايا. والأكيد، أنه في حال اندلعت اشتباكات بين السرايا والنصرة أو داعش، فإن حزب الله سيستثمر في هذا الصراع، لإضعاف النصرة وداعش في تلك المنطقة. على أن يكون التفاوض أسهل مع السرايا في تلك المنطقة. وفي حال فشل ذلك، فقد تحصل معارك في المستقبل، بين الحزب وفصائل السرايا لأجل إجبار الجميع على المغادرة.