أولاً: سماحة السيد وزهران...
منذ مدة وجيزة وحتى يومنا هذا، يسطع نجم سالم زهران في إعلام المقاومة والممانعة، منافحاً ومدافعاً لا قرين له، إلاّ أنّ أهم ما تميّز به زهران هو دفاعه عن مواقف السيد حسن نصرالله بحماسة لا نظير لها، وتفانٍ لا يُبرّرُه إلاّ الأجر الذي يتقاضاه، وهو على ما يزعمون، سخي، فهو يسمح لنفسه باستجلاء نوايا السيد، والإفصاح عن مكنوناتٍ لا يمكن للسيد ذاته أن يُفصح عنها، فإذا ما لاحت بوادرُ شقاقٍ أو تلاحٍ بين التيار العوني وحزب الله، يتطوّع زهران لتأكيد ثبات اللُّحمة بين السيد والجنرال، وإذا ما غلا السيد في قولٍ أو فعل، يبادر زهران للحدّ من غلوائه، وإذا ما أضرم السيد أُوار معركة، بادر زهران إلى إطفاء لهيبها، وآخر ما طلع به زهران بعد اندفاعة السيد الأخيرة باستقدام عشرات، بل مئات آلاف المقاتلين عند الضرورة لمواجهة إسرائيل، بالتّخفيف من وقع هذه الخطابات النارية وتأويلها، بحيث لا تعدو كونها من قبيل الحرب الكلامية، وشحذ الهمم وتهديد العدو الإسرائيلي ليس إلاّ، وما على سكان جونية وكسروان والمتنين سوى الاطمئنان، ولا موجب للخوف والحذر، يُطمئن زهران، فخطيئة فتح الحدود للفلسطينيين الذين وفدوا من الأردن، بعد أن حسم النظام الملكي الخيار بين الدولة والثورة، لن تتكرّر، واسأل بها خبيراً، أي زهران.
إقرأ أيضًا: سماحة السيد.. شتان بين خالد القسري وسالم زهران
ثانياً: خالد بن عبدالله القسري وسالم زهران...
من سوء طالع السيد حسن نصرالله أنّ السيد زهران غالباً ما يُسيئ لسُمعة السيد وهو يدافع عنها، وغالباً ما يُخطئ في تأويل أقوال السيد ،فيصرفها عن مآلها مبتغاها، ويحار مناصرو السيد ومُحازبوه، بعد سماع زهران، أفي طاعة الله هم أم في معصيته، فزهران لا يمتلك حصافة ودهاء وقدرة خالد بن عبدالله القسري على حسن التّصرف والأداء، فقد خطب القسري يوم جمعة وهو والي مكة، فذكر الحجّاج وطاعته وأثنى عليه خيراً، فلمّا كان في الجمعة الثانية ورد عليه كتاب سليمان بن عبدالملك يأمره فيه بشتم الحجاج، وذكر عيوبه وإظهار البراءة منه، فصعد المنبر، فحمد الله وقال: إنّ إبليس كان ملكاً من الملائكة، وكان يُظهر من طاعة الله ما كانت الملائكة ترى له به فضلاً، وكان قد علم الله من غشّه وخُبثه ما خفي على ملائكته، فلمّا أراد فضيحته، ابتلاه بالسجود لآدم، فظهر لهم ما كان يُخفيه عنهم، فلعنوه؛ وإنّ الحجاج كان يُظهر من طاعة أمير المؤمنين ما كُنّا نرى له به فضلاً، وكان الله قد أطلع أمير المؤمنين من غشّه وخبثه على ما خفي عنّا؛ فلمّا أراد الله فضيحته، أجرى ذلك على يد أمير المؤمنين، فلعنه، فالعنوه لعنه الله.
سماحة السيد... شتان بين زهران الناطق بأسراركم وعلانيّتكم، وخالد بن عبدالله القسري، الذي تخلّص ممّا قاله على المنبر، ولا يفصل عن ذلك سوى أسبوع واحد. فالله تعالى إن أراد خيراً بعبده، يسّر له خير الأعوان، وخير الأصحاب الذين يحفظون السر، ويُحسنون إظهار العلن.