شبح «الحرب الباردة» بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي، يلقي بظلاله على الأوضاع في سوريا واللاعبين على مسرح الحرب الميدانية فيها، ومنها لبنان، المنشغل بتتبع المعلومات عمّا إذا كانت واشنطن ومعها تل أبيب معنية بصيف ساخن، بدءاً من تحريك الكلام عن عزم النظام السوري اللجوء إلى الأسلحة الكيميائية ضد خصومه، أو تحريك جبهة الجولان امتداداً إلى جبهات أخرى في الجنوب أو البقاع الغربي.
وإذا كان الرئيس نبيه برّي كشف عن استعداد الأمم المتحدة للقيام بدور في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل فإن ضابطاً اسرائيلياً كبيراً في جيش الاحتلال قال لموقع «المونيتور» طالباً عدم كشف هويته: «لدينا أزمة مروعة مع «اليونيفل» الآن».
وقال: كان من المفترض ان تكون اليونيفل جهاز إنفاذ لقرار مجلس الأمن رقم 1701 ولكنها أصبحت ورقة تين لهذا القرار.
واتهم الضابط الاسرائيلي اليونيفل بأنها «تبيض نشاط حزب الله على الخط الأزرق وتخدم ذريعة لحزب الله والحكومة اللبنانية لانتهاك قرار الأمم المتحدة وتصعيد التوترات على طول الحدود».
وقال: «لم نعد بحاجة إلى هذه القوة هنا لفترة اطول ومن الأفضل البقاء مع وحدتي التنسيق والاتصال فقط».
وبالتزامن مع هذه الحملة الإسرائيلية على اليونيفل تبحث لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يحث الاتحاد الأوروبي على وضع حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية، وهو المشروع الذي قدمه النائب الديمقراطي ثيودور ديوش، معتبراً انه لا يكفي تصنيف الجناح العسكري لحزب الله ارهابياً، بل يجب ان يشمل هذا التصنيف حزب الله ككل.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة «Washington wire» أن جلسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب في الكونغرس الأميركي شكلّت زخما للجهود الجارية الرامية الى حصول جولة ثانية من العقوبات تستهدف المؤسسات المالية اللبنانية وغيرها من المؤسسات المالية الاجنبية التي لها صلات مزعومة بـ»حزب الله».
واستبعدت مصادر بارزة في لجنة الكونغرس إدخال تغييرات هامة على مشروع العقوبات الجديد.
ولفتت الى انه من المرجح المتابعة في عملية التشريع في أوائل الخريف المقبل، نظراً للعطلة السنوية للكونغرس الأميركي في تموز وآب المقبلين، والتي قد تترافق مع زيارة مرتقبة لحاكم مصرف لبنان إلى واشنطن في إطار تحرك لبناني رسمي رفيع المستوى لمعالجة الوضع قبل إقرار العقوبات.
لقاء عون – الحريري
على وقع هذه المعطيات الإقليمية المقلقة، تستعيد الحركة السياسية زخمها الطبيعي تدريجياً، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، وأن بقيت «خجولة» بعض الشيء بسبب بقاء عدد من المسؤولين السياسيين في الخارج، وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري الذي يتوقع ان يعود إلى بيروت خلال الساعات المقبلة، فيما عاد الرئيس برّي وعقد على عجل لقاء لم يكن مرتقباً، للقاء الأربعاء النيابي، والذي شكل عودة أولى معالم الحركة السياسية في البلد، خصوصاً وانه رسم عناوين المرحلة، وهي الانصراف إلى معالجة قضايا النّاس الحياتية والمعيشية، مستفيداً من حالة التوافق السياسي التي كرستها «وثيقة بعبدا» بعد التوافق على قانون الانتخاب.
ولفت الرئيس برّي، خلال اللقاء، إلى ان المجلس مقبل على ورشة عمل في إطار درس وإقرار المشاريع واقتراحات القوانين لا سيما الحيوية والملحة منها، وفي مقدمها سلسلة الرتب والرواتب، موضحاً انه بعد درس لجنة المال للموازنة سيُصار إلى ادراجها على جدول اعمال الهيئة العامة لمناقشتها واقرارها، الا انه لم يُحدّد مواعيد معينة، وإن كان النواب توقعوا ان تعقد الجلسة التشريعية في موعد اقصاه الخامس عشر من تموز المقبل.
وكشف الرئيس برّي ان الأمم المتحدة أبلغت انها مستعدة لرعاية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، تمهيداً لبدء مرحلة استكشاف واستخراج الثروة النفطية من أعماق البحار.
وفي تقدير مصادر نيابية، وبينها عضو تكتل «الاصلاح والتغيير» آلان عون، ان عدم تحديد موعد لجلسة إقرار السلسلة يعود إلى مجموعة عوامل، وبينها ضرورة خلق الظروف الموضوعية لها قبل وضعها على جدول الأعمال، ومنها التفاهم على كيفية تمويلها ودرس كلفة التداعيات الاقتصادية على النسيج المجتمعي اللبناني.
وقالت مصادر رسمية لـ«اللواء» انه ما لم تتأمن الأموال اللازمة لتغطية كلفة السلسلة فإن اقرارها مستبعد في المجلس النيابي، وذكرت في هذا السياق بـ21 مصدراص للتمويل مثل زيادة 1 في المائة على T.V.A بحيث الضريبة على القيمة المضافة 11 في المائة وزيادة 2 في المائة على المعاملات المصرفية.
ومع ذلك، فإن مصادر وزارية قريبة من العهد، ما تزال تعتقد ان التوافق الراهن بين أركان السلطة، لا بدّ ان يكون عاملاً مساعداً في إقرار موازنة العام 2017 والسلسلة، من ضمن الاتفاق على تفعيل عمل مجلسي النواب والوزراء، وايضاً في معالجة الإشكالات القائمة حول ملف تلزيم بواخر توليد الكهرباء وذلك انطلاقاً من إقرار الرؤساء الثلاثة بعزل عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية عن التباينات والخلافات السياسية وإنجاز ما تبقى من ملفات عالقة كالتعيينات والتحضير جدياً لاجراء الانتخابات النيابية في موعدها، برغم التشكيك الحاصل في اجرائها بسبب ثغرات في قانون الانتخاب واللغط حول البطاقة الانتخابية الممغنطة.
وفي هذا الإطار، رجحت بعض المصادر ان يزور وزير الداخلية نهاد المشنوق قصر بعبدا اليوم، لاطلاع الرئيس عون على آخر المعطيات التي توفرت لدى الوزراء بخصوص البطاقة الممغنطة ومدى جهوزيتها قبل موعد الانتخابات النيابية في أيّار من العام 2018.
ووفقاً لما اشارت إليه «اللواء» أمس، فقد رجحت مصادر وزارية انعقاد اللقاء بين الرئيسين عون والحريري اليوم الخميس في قصر بعبدا من أجل التفاهم على بنود جدول أعمال مجلس الوزراء المقبل الذي يرجح ان يعقد بين الأربعاء أو الخميس.
ولاحظت المصادر انه من الطبيعي جداً ان يعقد الرئيسان عون والحريري مثل هذا اللقاء بعد عودة الأخير من الخارج، خاصة وانه يعود للرئيسين تقرير الملفات التي سيتم ادراجها على جدول الأعمال. ومع العلم ان هناك ملفات سيتم التوافق على تحريكها، لا سيما تلك المتصلة بالتعيينات والمراسيم التنظيمية للقوانين التي ستصدر أو التي صدرت منذ فترة ولم تنفذ، بحسب ما لفت إليها الرئيس برّي في لقاء بعبدا، وقال ان عددها يفوق الأربعين قانوناً.
وقالت المصادر الوزارية أن وثيقة بعبدا 2017 ستكون حاضرة في المباحثات لجهة التأكيد على تنفيذ ما تم الاتفاق حوله تباعا وليس دفعة واحدة في حين أن مجلس النواب من جهته يحرك ما يقع ضمن صلب مهامه.
وتوقعت المصادر أن تساهم عودة الحريري في تحريك أعمال اللجان الوزارية التي يترأسها لمتابعة عدد من المواضيع، ومنها دراسة إمكان تحديد مواعيد لعقد جلسات لمجلس الوزراء في المناطق اللبنانية كافة في إطار تحريك عجلة الإنماء في هذه المناطق.
ملف التعيينات
وبالنسبة لملف التعيينات الإدارية، والذي سيكون مفصولاً عن التشكيلات الدبلوماسية والقضائية، أوضحت وزيرة التنمية الإدارية عناية عز الدين لـ«اللواء» ان ليس لديها أي معلومات جديدة حوله، وموعد طرحه على مجلس الوزراء، لكن مصادر معنية لفتت إلى ان هناك مراكز مفصلية ما زالت شاغرة في الفئتين الأولى والثانية لا سيما بالنسبة لتعيين رؤساء مجالس إدارة المستشفيات الحكومية، ورئيس مجلس إدارة هيئة الطيران المدني، وهو مركز أساسي وحسّاس ويعتبر من الأولويات في التعيينات.
وعما إذا كانت آلية التعيينات ستتبع في الحركة الجديدة، أوضحت المصادر ان بعض التعيينات التي أجرتها الحكومة سابقاً، لم تتبع الآلية المعتمدة، مشيرة إلى ان هذا الأمر من حق الحكومة، وهو غير مخالف باعتبار ان آلية التعيينات ليست صادرة بقانون، بل بقرار حكومي، والقرار يمكن الغاؤه بقرار آخر، ورأت ان السياسة عادة هي من يتحكم بملف التعيينات وليست الآلية بحد ذاتها.
ومع ذلك، اشارت المصادر إلى ان هناك ملفات جاهزة لعدد كبير من المراكز الشاغرة موجودة في وزارة التنمية الإدارية، وهي تحتاج فقط لأن تطرح على مجلس الوزراء للبت فيها، واتخاذ القرارات المطلوبة بشأنها بعد ان خضع أصحاب هذه الملفات لما هو متوجب منهم بشكل قانوني.
خطاب نصر الله
في غضون ذلك، بقي خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في «يوم القدس العالمي» في آخر جمعة من شهر رمضان، يتفاعل في الأوساط السياسية، ولا سيما تلويحه باستقدام مئات ألوف المقاتلين لمحاربة إسرائيل على الأرض اللبنانية، ورأت فيه مصادر في «القوات اللبنانية» بأنه «يزعزع كل المناخ الإيجابي الذي شهده لبنان منذ انتخاب الرئيس عون وتأليف الحكومة إلى اليوم».
وإذ تساءلت المصادر عن الأسباب التي تدفع حزب الله في هذه المرحلة تحديداً إلى هزّ الاستقرار على أبواب صيف واعد، اعتبرت ان فتح الحدود امام الغرباء الأجانب يُشكّل انتهاكاً للسيادة والدستور وتجاوزاً للحكومة المؤتمنة ورئيس البلاد على حماية الحدود وامتلاك القرار الاستراتيجي في الدفاع عن لبنان في مواجهة إسرائيل وغيرها، وبالتالي لا يحق لأي فريق التفرد بقرارات تنعكس نتائجها على كل الشعب اللبناني.
وفي السياق، كشفت مصادر تدور في فلك 14 آذار ان رئيس حزب «القوات» سمير جعجع اثار خلال اللقاء التشاوري في بعبدا مسألة سلاح حزب الله الا ان الرئيس عون تمنى إبقاء الموضوع جانباً حفاظاً على الجو التضامني داخل الحكومة، خصوصاً وأن الاجتماع مخصص لتفعيل عملها، وهكذا كان.