تحت عنوان "مُسلسلات رمضان قسّمت اللبنانيين" كتب فؤاد أبو زيد: لست من متابعي المسلسلات العربية واللبنانية، واي مسلسلات اخرى، والبرامج التي اتابعها على الشاشة جد محدودة، باستثناء المهم من برامج "التوك شو" السياسية، او المواضيع الاجتماعية الجدية، وبعض البرامج الموسيقية، وكم كان احراجي كبيراً عندما تلقيت اتصالاً من صديق عزيز يقيم في باريس، يستهجن فيه، عدم اهتمام الكتاب اللبنانيين بالمواضيع المسيئة للبنان ولفئة من الشعب اللبناني التي تثيرها عشرات المسلسلات الرمضانية التي تملأ شاشات التلفزيون في لبنان والعالم العربي.
افهمت صديقي انني منقطع عن المسلسلات منذ عقود، ولكنني، تلبية لرغبته، ساحاول ان اتسقط من اصدقاء، اثق برأيهم وحيادياتهم، صحة ما يقوله صديقي عن مواضيع تسيء الى المجتمع والعادات اللبنانية، وتتناول بالاتهام طائفة معينة من الطوائف اللبنانية، كما انني راجعت بعض الانتقادات التي طاولت هذه المسلسلات، وبعض الكتابات التي اشادت ودافعت عن المسلسلات التي اثارت ضجة حولها اكثر من باقي المسلسلات.
احد اباء الكنيسة المارونية، وهو معروف بعلمه وثقافته وجرأته، قال في مقال له حول هذه المسلسلات ما لم يقله مالك في الخمر، واعتبر ان جميع المسلسلات دون استثناء واحد منها، كانت دون المستوى الاخلاقي والديني والوطني، وتناولت مواضيع تنافي ثوابت مجتمعنا وقيمه، وتحرّض في شكل وآخر على المعاصي تحت ستار الحرية في نقل الواقع، بدلاً من اختيار مواضيع، تساعد وتساهم في توعية الضالين من ابنائنا، وتفتح لهم آفاق العودة الى القيم التي نشأ عليها اللبنانيون.
بعض الاصدقاء الذين وقفت على رأيهم، لا يوافقون على هذه الاتهامات، ويرون ان الأب الجليل كان محقاً في بعض ما يقول ولكن مقاربته لا تستحق هذا الكمّ من الاتهامات، وكان يمكن ان يصل الى هدفه بأسلوب مختلف، لكن قسماً آخر من الاصدقاء وافق على ما قاله صديقي الباريسي، وأكّد ان احد المسلسلات اتهم المسيحيين وخصوصاً الموارنة منهم، بأنهم تعاملوا مع الفرنسيين على حساب شريكهم في الوطن وتجاهلوا ان المسيحيين كانوا اول من ثار ضد الفرنسيين، ويمكن هنا ذكر الشيخ بشاره الخوري، الرئيس كميل شمعون، حبيب ابو شهلا، والشيخ بيار الجميّل، وغيرهم كثيرون، كما انهم وافقوا ايضاً على ان مسلسلاً معيناً، صوّر المسيحيين، وكأنهم هم جلاّدو الشعب الفلسطيني، وتناسوا سقوط مئات آلاف الشهداء اللبنانيين، وتدمير لبنان على يد الفلسطيني وحلفائه الذين ارادوا استبدال فلسطين بلبنان.
على الرغم من ان مئات آلاف اللبنانيين تابعوا بشغف وتواصل المسلسلات الرمضانية، وفق مكاتب الرصد، واعجبوا بأداء عدد من الممثلين والممثلات، الاّ ان متابعين محايدين من صحافيين فنيين، كشفوا لي ان اداء الممثلين والممثلات طغى على المواضيع في العديد من الحلقات، وكان يفترض على الكتّاب، الانتباه اكثر الى ثغرات مسيئة امّا الى العادات اللبنانية، او الى التاريخ اللبناني، خصوصاً في هذه الظروف الدقيقة في لبنان وخارجه.