تسعى غالبية الفتيات في مجتمعنا إلى تجميل أنفسهنّ، وهنّ يعتقدن أنّ جمالهنّ يجلب لهنّ المعجبين، وبالتالي الحب. فهل صحيح أنّ جمال المرأة يضمن لها جذب الحبيب وبقاءه إلى جانبها؟
تُصدم فتيات كثيرات عندما يلتقين بشاب جذّاب يرافق فتاة أقلّ جمالاً منهنّ، أو ربّما قبيحة، غير مهتمة بتفاصيل إطلالتها، لم «تَنهَوس» بتحسين شكلها ولم تخضع للعمليات والحقن ولم تقف لساعات أمام المرآة أو تمضي يومها تتنقّل بين صالونات التجميل من عند «الكوافير» إلى «المانيكوريست» استعداداً للقاء حبيبها. وغالباً ما نسمع فتيات يتذمّرنَ من أنّ الجميلة تبقى عازبة، أو متروكة بينما تعيش القبيحة قصة حب مثالية، وهي أوفر حظاً في الحب. وها هي دراسة أميركية تؤكد هذه الأقاويل وتُثبت بالأرقام أنّ الأشخاص الجذّابين جسدياً يواجهون مصاعب أكثر من غيرهم لإيجاد الحب والمحافظة على استمرار العلاقة. ولكن لماذا؟
هل هو الحظ؟
وجد الباحثون أنّ الأشخاص الجذابين محكومون بالعلاقات القصيرة والطلاق والانفصال. فصحيح أنّ فرَصهم باصطياد شركاء محتملين أكبر، إذ يساعدهم شكلهم الخارجي على لفت الأنظار واستقطاب الآخرين وجذبهم، ولكن تلعب جاذبيتهم دورَ سيف ذي حدين، فتمنحهم خيارات شتّى وفرَص علاقات بديلة ما يجعل علاقتهم بشريكهم ضعيفة. كثرة الخيارات غير مفيدة لبناء علاقة عاطفية متينة وتدوم، لأنها تُصعّب على أصحابها الجذابين مهمّة اختيار شخص واحد، فتصبح علاقاتهم فانية كما جمالهم.
مثلاً سينتيا الجميلة (32 عاماً) لم تتمكن من بناء علاقة طويلة الأمد مع أيّ رجل، فهي تنتظر أن يجلب لها جمالها الأخّاذ فارس الأحلام الذي تحلم به جميلاً وثرياً وصاحب نفوذ. وهي في انتظاره الذي طال، تستمتع «بقَطف» الشباب وصَدّهم، إذ تعتبر في قرارة نفسها أنّ هؤلاء لا يستحقون جمالها.
دراسات
إنّ عدم تمكّن الجذابين من بناء علاقات عاطفية متينة، تثبته دراسة أميركية قام خلالها أشخاص بتقييم جمال وجاذبية أشخاص آخرين في الصوَر. وفي نظرة على حياة من صنّفوا الأكثر جاذبية، اكتشف الباحثون أنهم باتوا مطلقين، ما يدلّ على أنهم كانوا أكثر ميلاً إلى الانفصال. وتؤشّر الدراسة إلى أنه كلما كان الشخص جميلاً كلما زادت احتمالات أن يعيش علاقات عاطفية قصيرة أو أن يصبح مطلقاً. وتوضح جمعية علم النفس البريطانية سبب ذلك، مشيرةً إلى أنّ الوسيمين لا يجذبون الآخرين إليهم فقط، بل ينجذبون أكثر من غيرهم تجاه الآخرين، وخصوصاً إذا كانوا لا يشعرون بالراحة في علاقتهم الحالية.
من جهته ينقل فريد (35 عاماً) تجربته لـ«الجمهورية»، هو أُغرِم بفتاة جميلة جداً ولكنّ علاقتهما لم تصل إلى برّ الأمان إذ تحطّمت فور إبحاره في حياتها. ويقول: «غالباً ما تكون الفتاة الجميلة مغرورة بنفسها ومتكبرة، وهي تعتقد أنها بجمالها يمكنها الحصول على الأفضل فتتكبّر على الشاب المُعجب بها بَدل التعبير له عن حبها واهتمامها. وهي حتى لو ارتبطت به لا تتردد في الانفصال إن حدثَ ما لم يعجبها لأنها لا تخشى الوحدة بل تنتظر لا شعورياً تحصيل من هو أفضل منه، وتعتقد أنّ وفرة العروض التي تتلقاها بدعم من جمالها ستؤمّن لها حبيباً آخر بسهولة».
في المقابل لا يبدو وضع النساء المتيّمات برجل جذاب أفضل من نظرائهم الرجال السّاعين وراء الجميلات. وتكشف سهام لـ«الجمهورية» أنّ «الرجل الوسيم و«السِكسي» غالباً ما لا يكتفي بمواعدة فتاة واحدة، وذلك لسهولة إغوائه أيّ فتاة. فهو يَعتاد ممارسة جاذبيته على المعجبات للنَيل من مشاعرهنّ، ما يحكمه بالعلاقات القصيرة، ويغرق معجباته بالدموع وبحبّ مستحيل يحاوِلن فيه الاحتفاظ عبثاً بفراشة تهوى الطيران من زهرة إلى أخرى».
ولكن قد لا يكون مَيل الجذابين إلى الاستمتاع بحياتهم، وإلى تغيير شركائهم بسبب كثرة العروض المُنهالة عليهم وانتظارهم الدائم فرصَاً أفضل، هو السبب الوحيد وراء قصر علاقاتهم. وتذهب فيفيان (40 عاماً) إلى أبعد من ذلك فتلفت في حديث لـ»الجمهورية» إلى سبب آخر هو غيرة الشريك على شريكه الجذّاب، وتؤكد أنّ الجمال يمكن أن يتحوّل من نعمة إلى نقمة، عندما تُغرم الفتاة الجميلة بمَن يغار عليها بسبب جاذبيتها الزائدة، فتكون وفيّة تجاه حبيب لا يثق بها فقط لأنها ملفتة للنظر. وتروي أنّ جاذبيتها كانت السبب الرئيس وراء طلاقها من زوجها، فهو كان يغار كثيراً بسبب جمالها اللافت، إلى حَد جعله يُضيّق عليها العيش ويسعى إلى سجنها، فاندلعت المشاكل بينهما وتحولت شجاراً وعراكاً وخيانة من قِبله أرادها انتقاماً وإثباتاً لذاته، ما أدّى بهما إلى الطلاق.
ويبقى السؤال، هل كل هذه المعطيات تجعل الأشخاص الأقل جمالاً وجاذبية يحظَين بعلاقات طويلة الأمد ومتينة مقارنة بسواهم من الجذابين؟ وهل إنّ إدراك البعض عدم قدرتهم على جَذب من يريدون بسبب عدم تمتّعهم بمواصفات شكلية خارقة يجعل علاقاتهم أكثر ثباتاً ويدفعهم إلى الاستثمار في المزيد من الحب والعاطفة والاهتمام والصبر للمحافظة على الشريك؟ وهل فعلاً يرضى هؤلاء بالحب المعروض عليهم ويتأقلمون متمسّكين بمَن يشعرهم بأنهم الأجمل بنظره لأنهم يدركون أنهم ليسوا الأجمل في المجتمع... فتكون النتيجة ارتباطهم بمَن يثير إعجاب الأخريات ويوقِظ غيرتهنّ؟