أعادت هيئة تحرير الشام تفعيل عملياتها العسكرية ضد مواقع لحزب الله في القلمون الغربي. فجر الخميس، نفّذت مجموعة تابعة لجبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) هجوماً ضد موقع جوار القبر في جرود فليطا السورية، واستطاعت تحقيق إصابات مباشرة في صفوف حزب الله. استطاع عناصر الهيئة الوصول إلى تخوم الدشم الرئيسة للموقع، وأمطروه بالقذائف والرصاص. ما أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى للحزب، من بينهم قيادي بارز هو المهندس علي دندش، وأصيب سبعة آخرون. هذه الضربة المفاجئة، استطاع حزب الله صدّها، إذ تمكّن من الاحتفاظ بسيطرته على الموقع، وإبعاد مقاتلي الهيئة. في مقابل ذلك، يقول مقاتلون من الهيئة إن الهدف لم يكن السعي للسيطرة على الموقع، بل توجيه ضربة فحسب.
لا أسباب واضحة للهجوم وتوقيته، إذ تتضارب الآراء في القلمون بشأنه، لكن لا شك في أن توقيته يأتي في مرحلة مهمة تحصل في تلك المنطقة، سواء أكان في ما يتعلّق بالمفاوضات لأجل خروج المسلحين من الجرود إلى الشمال السوري، أم بعد ما نجح حزب الله بنقل نحو 200 لاجئ من عرسال إلى بلدة عسال الورد القلمونية. وقد اعتُبرت مرحلة أولى، تمهيدية، لنقل مزيد من العائلات السورية إلى القرى القلمونية بعد عيد الفطر.
تضع مصادر قلمونية هذه الاشتباكات، في سياق ثلاثة احتمالات أدت إلى إندلاعها، الأول هو خلافات بين بعض الفصائل المنضوية في هيئة تحرير الشام، وخصوصاً بين جبهة فتح الشام وفصائل أخرى، على خلفية المفاوضات التي كانت تجري بينها وبين حزب الله لأجل مغادرة القلمون. بالتالي فإن شن هذا الهجوم يأتي لقطع الطريق على إنجاح هذه المفاوضات، أو لقطع الطريق على إعادة احيائها. الاحتمال الثاني، هو أن هذه الضربة، قد تكون تمهيدية لأمر ما قد يحصل في القلمون بعد عيد الفطر. ولا يستبعد القائلون بهذا الاحتمال، أن يلجأ حزب الله إلى التحضير لشنّ معركة حاسمة في تلك المنطقة، ردّاً على هذا الهجوم. ونتيجة الضربة ستكون إخراج المسلحين من الجرود. أما الاحتمال الثالث، بحسب المصادر، فهو أن تكون الهيئة معترضة على إدخال اللاجئين المدنيين من عرسال إلى بلدة عسال الورد. بالتالي، تهدف إلى التشويش على هذه العملية التي من المفترض أن تستكمل في عيد الفطر.
يريد حزب الله إنهاء ملف الجرود بأسرع وقت ممكن، لإعلان المنطقة الحدودية على السلسلة الشرقية بين لبنان وسوريا آمنة بشكل كامل. في وقت تتحدث معلومات عن استعداد الحزب لخوض معركة حاسمة هناك خلال هذا الصيف وتحديداً بعد شهر رمضان، إذا لم تتوصل المفاوضات إلى أي جديد بهذا الشأن. وأول ما سيلجأ إليه الحزب تمهيداً للمعركة، هو القضم البطيء، لأجل تضييق الخناق على المجموعات، بالإضافة إلى الإستثمار في خلافاتها لإضعاف تماسكها وإقناع البعض منها بالمغادرة. ما سيجبر الفصائل كلها على المغادرة.
وما يقوم به حزب الله، ليس بعيداً من الاجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني في الجرود، حيث لايزال يعزز قواته، ويوسع إنتشاره، ويتقدّم أكثر في اتجاه الجرود، وتحديداً المناطق التي تعتبر ممرات أساسية للمسلّحين، لأجل السيطرة عليها بالنار. بالتالي، فإن تشديد الخناق من أكثر من جهة، سيدفع المقاتلين إلى المغادرة، خصوصاً أن خطوط الإمداد ستكون مقطوعة، ومقومات البقاء ستضعف مع مرور الأيام.