ليست صدفةً أن خروج متّهم بالنصب والاحتيال والتزوير وسرقة أموال الفقراء، من السجن، واستقباله بالرصاص وقذائف صاروخية ابتهاجية بـ"فكّ أسره" في مسقط رأسه، يتزامن مع محاولات دؤوبة ويومية، معنوية وميدانية، لـ"إدخال" الشيخ ياسر عودة إلى قفص الاتهام وسجنه داخل علبة التخوين والتكفير.
قد لا يكون سجناً بأربعة جدران، لكنّه بالتأكيد نوع من محاولة أسر في قفص اتهام تكفيريّ وتخويني، لوضع الشيخ التنويري ياسر عودة في مكان حيث يضطرّ للدفاع عن نفسه، وإثبات إيمانه بالله وباليوم الآخر.
هذا هو حال الطائفة الشيعية اليوم. وجه صحّارتها "المؤمن" رضا المصري، الذي أكثر ما يُعرف عنه أنّ مصدر ثروته محلّ شبهة شرعية وقانونية، وأنّه يبحث عن طريقة للتقرّب من الفنانة هيفا وهبي. والده شيخ مسؤول في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وهو قد يصير بعد أشهر نائباً في مجلس النواب اللبناني.
أما كعب صحّارتها فهو "الكافر"، الشيخ ياسر عودة، الذي يلقي خطابات دينية تحترم عقول الشيعة والسنّة، ويدعو إلى الابتعاد عن الخرافات، مثل القول إنّ زيارة الإمام الحسين تعادلي مليوني حجّة إل بيت الله الحرام، وما شابهها.
الأرجح أنّ القيّمين على الطائفة الشيعية يقودون هجوماً دفاعياً على الشيخ ياسر عودة. يريدون وقف تمدّد شعبيته، واختراقها بيئات داخل جمهور حزب الله وحركة "أمل". تماماً كما فعل قبل نصف قرن تقريباً العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله. وليست صدفة أنّ ياسر عودة تلميذٌ نجيبٌ للراحل فضل الله وكان رفيقاً له.
يريد القيّمون على الطائفة الشيعية تكفير عودة وتخوينه تماماً كما فعلوا مع الراحل فضل الله. وكان أن اضطرّوا مراراً إلى زيارته وطلب رضاه والصورة معه، وتسابقوا إلى نعيه والمشي في جنازته المهيبة، غير المسبوقة، في ضاحية بيروت الجنوبية.
إقرأ أيضًا: الشيخ ياسر عودة على درب السيد محسن الأمين... سُباب وشتائم
الشيخ ياسر عودة يشكّل خطورة كبيرة على رجال التخريف الديني، وتجّار الهيكل الشيعي، والسارقين والمتهمين بالاختلاس تبييض الأموال وتجارة الكبتاغون وسرقة السيارات وترويج المخدرات، وسواهم من شيوخ ترويج الجهل الديني لتسهيل التجارة بالدين.
ليست صدفة على الإطلاق، أن يخرج رصا المصري، وأن يقف ياسر عودة في قفص الاتهام. فالقيّمون على البيئة الشيعية هذه الأيام يقدّمون هذه الطائفة على أنّها نسخة من رضا المصري، سيرةً ومصيراً، ويريدوننا على شاكلته. لا ينفع مع قادة هذه الطائفة إلا نموزج رضا المصري.
أما نموذج ياسر عودة فلا يقبلون به. الرجل المتنوّر، الذي يدفعنا إلى تشغيل عقولنا، بدل تسليمها إلى من يقرّشونها في جيوبهم، هذا النموذج الباهر والجميل يحاربه القيّمون على الطائفة، ويحرّضون عليه، ويهدّدونه بالقتل.
يخاف ياسر عودة على حياته في حارة حريك، فيما يتمشّى رضا المصري حرّاً مرفوع الرأس ومحاطاً بالمسلّحين في البقاع، مسلحّون يطلقون الرصاص ابتهاجاً، فيبعثون رسائل حارّة، بالحديد والنار، إلى من يعنيهم الأمر.
هذه طائفة يريدونها رضا المصري، ونريدها ياسر عودة.
والأيام بيننا.