كشفت إيران بشكل صريح عن مقدار رهانها على الميليشيات الشيعية المكوّنة للحشد الشعبي في السيطرة على الأوضاع السياسية والأمنية في العراق وضبطها، محذّرة رئيس الوزراء حيدر العبادي من المساس بذلك الجسم شبه العسكري الذي تحوّل إلى ما يشبه الجيش الطائفي الرديف للقوات الحكومية مستفيدا من الدعم الإيراني السخي بالمال والخبرة العسكرية والسلاح، وأيضا من الحرب التي خاضها ضدّ تنظيم داعش وبرز بفضلها كطرف فاعل في المعادلة العسكرية وحتى السياسية.
وأصبح الحشد بقادته النافذين ذوي الصلات الوثيقة بإيران أداة ضغط كبير على رئيس الوزراء الطامح إلى إجراء بعض الإصلاحات السياسية في الداخل، وتعديل السياسة الخارجية للبلد باتجاه تحقيق قدر من الانفتاح على الدول العربية.
وفي ظلّ وجود الحشد وطموح قادته لإقحامه في السياسة واستخدامه ورقة انتخابية في الانتخابات النيابية القادمة، سيكون من المستحيل على العبادي تمرير أي إصلاحات تحدّ من نفوذ الموالين لإيران في العراق.
وحذر المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، حيدر العبادي أثناء زيارة الأخير للعاصمة الإيرانية طهران، من اتّخاذ أي إجراء يمكن أن يؤدي إلى إضعاف الفصائل الشيعية المسلحة التي تدعمها إيران، قائلا إن مثل هذه التصرفات قد تعرض استقرار بغداد للخطر.
ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية عن خامنئي قوله خلال اجتماع في طهران إن تلك الفصائل المشكّلة للحشد هي القوى الأساسية التي تصد الجماعات المتشددة ويجب على بغداد ألا تثق بالولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم داعش.
وساعدت ميليشيات الحشد الشعبي الذي أنشئ بفتوى دينية من المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، في مواجهة تنظيم داعش بعد أن انهارت القوات المسلحة العراقية أمام زحف التنظيم في 2014.
وتوظّف إيران الميليشيات الشيعية لتحقيق أهداف استراتيجية تتجاوز العراق إلى المنطقة ككل، من بينها تأمين الطريق الواصل بين طهران وسوريا ولبنان عبر العراق وصولا إلى ضفاف البحر المتوسّط، ما يفسّر الاهتمام الإيراني الشديد بحماية الحشد الشعبي والدفاع عنه.