تأتي الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية إلى رؤساء الأحزاب المشاركة في الحكومة للقاء سمي بالتشاوري وكأنها من باب تأكيد المؤكد، وتثبيت المثبت بل أكثر من ذلك فهي تؤشر بكل وضوح بأن العهد إنما يسير على خطى السلوك اللبناني المبتذل بالوقت الذي يرفع شعارات التغيير والإصلاح .
فاللقاءات السياسية والموضوعات الوطنية الكبرى يجب أن تناقش وتبت ضمن المؤسسات الدستورية فقط، وفي مقدمها يأتي مجلس النواب الذي يحتضن الموالاة والمعارضة، وليس في أي مكان آخر، هذا إذا ما إعتبرنا أن إهتمامات العهد الجديد هي تفعيل هذه المؤسسات وليس الإستمرار بالنهج القديم الذي ساهم في تدميرها لدرجة أننا بتنا كمواطنين لا نقيم لها وزنا.
إقرأ أيضا : الإفطار الأخير
مرة جديدة يفاجئنا سلوك رئيس الجمهورية بدعوته هذه التي لا تأتي إلا بسياق الشخصنة والشخصانية على حساب الدستور الذي أقسم أن يحافظ عليه، فهو يحاول أن يؤكد أبوته على اللبنانيين ليس من خلال إحتضانه لمصالح المواطنيين والسهر على تفعيل أجهزة الدولة وإنما من خلال خطوات هي أقرب للخطوات الزعامتية منها لخطوات رجال الدولة.
فبغض النظر عن الموضوعات التي سوف تطرح على طاولة النقاش، فإن أصغر مواطن يعرف جيدا بأن الإشكاليات الأساسية والكبرى لن تحل في جلسات تصويرية فولوكلورية لا تسمن ولا تغني من جوع، ليطفو السؤال عن الغاية الحقيقية من هذا اللقاء .
أكاد أجزم بأن هدفين إثنين وراء هذه الهمروجة لا تمتان إلى هموم المواطن وشجونه بأي صلة، الأول هو خلق مناخ وسبب من أجل مصالحة رئيس الجمهورية مع النائب والوزير سليمان فرنجية الذي سيحضر للمرة الأولى إلى قصر بعبدا ، وأما الهدف الثاني فهو حاجة الرئيس بعد الإخفاقات المتتالية وليس آخرها التمديد " الممنوع " للمجلس النيابي الحالي إلى مشهدية إعلامية عله من خلالها يجد ضالته في تكريس أبوة ضائعة .