تلقّت خطة الوزير سيزار أبي خليل الكهربائية "المُعتلّة" أصلاً ضربات موجعة أنهكتها قبل وصولها إلى مجلس الوزراء، ويعود الفضل الأكبر في ذلك للنائب سامي الجميل، الذي فضح باكراً مُندرجاتها المشبوهة، وأرقام الهدر والنهب التي تطال الخزينة العامة في حال إقرارها، وقد تابعه في ذلك بجرأة ووضوح نائب رئيس الحكومة وزير الصحة ،حين عقد مؤتمراً صحافياً، فنّد فيه الشبهات التي تحيط بهذه الصفقة والتي لا يمكن السكوت عنها، وطالب بالعودة إلى مجلس الوزراء وإحترام المؤسسات الرقابية أثناء تنفيذ أي خطة تتطلب موازنة مالية باهظة التكاليف، ثم عضد الحملة المناهضة للخطة الرئيس بري ووزير المال، وساهمت الحملات المتتالية عبر وسائل التواصل الاجتماعي في تسليط الأضواء على ثغرات الخطة وفضح حامليها والسّاعين لإقرارها، في حين إستمرّ رئيس الحكومة في الدفاع عنها، ولاذ حزب الله بالصمت، ولم يًحرّك رئيس الجمهورية ساكناً، لا سلباً ولا إيجاباً.
إقرأ أيضا : إلى متى ستبقى أحزاب بعلبك تغذي دواعش الداخل ؟
عُرضت الخطة اليوم على مجلس الوزراء، فأطلق وزير الإعلام القواتي الرصاصة الأولى عليها، وتتالت الإعتراضات والمطالبة بإحالة عروض المناقصة على لجنة إدارة المناقصات ،تأميناً للشفافية وتطبيقاً لقوانين المحاسبة العمومية، وإحتراماً لدور المؤسسات الرقابية.
إلاّ أنّ الأمور لا تخلو من بعض المفارقات ونوعٍ من الطرافة، فوزير حزب الله، وزير الطائفة الأكثر حرماناً وفقراً في لبنان، والتي يطالها التقنين الكهربائي أكثر من غيرها (وهذا واقع لا يدخل في إثارة النعرات) يطالب بحل وسط، أعطوه باخرة واحدة بدل إثنتين للوزير سيزار، حرام والله بيستاهل.
إقرأ أيضا : المرأة اللبنانية...تفاقم العنف المنزلي وإنتقاص الحقوق المدنية والسياسية
أمّا رئيس الجمهورية فلم تأخذه الغيرة على أموال الخزينة، وصلاحيات المؤسسات الرقابية ودورها، بل أخذته الحميّة على وزير الطاقة الذي "خُدشت" صلاحياته، فأغضى حياءً، ووافق على نقل الخطة التي أصابها الوهن، إلى غرفة العناية الفائقة في إدارة المناقصات، عوض تركها لمصيرها البائس، فلعلّها تشفى وتتعافى هناك، وتخرج إلى النور بالقدر الممكن والمُتاح من العمولات والسمسرات المخفية، فالمسؤولين عندنا، وبحمده تعالى، لن يعدموا وسيلة لنهب ما تيسّر من المال العام، والإثراء غير المشروع.