خلال الزيارات المتوالية التي قامت بها مؤخرا الوفود البرلمانية اللبنانية إلى العاصمة الأميركية واشنطن على خلفية القرارات التي اتخذها الكونغرس الأميركي لفرض عقوبات على حزب الله باعتباره منظمة إرهابية وعلى كافة المؤسسات والكيانات المالية والمصالح المرتبطة به بشكل مباشر وغير مباشر. طلب اعضاء هذه الوفود من الجهات الأميركية المعنية العمل على ضبط إيقاع العقوبات وعلى أن تقتصر على أشخاص موالين للحزب. ولا تطال مؤسسات او شركات لبنانية. لكن هذه الوفود لم تلمس أي تجاوب بهذا الأمر. بل على العكس فإنها وجدت إصرارا أميركيا على التشدد في محاصرة أي مؤسسة أو شخصية لها ارتباط بالحزب او تدور في فلكه بغض النظر عما يمكن أن يترتب على هذه العقوبات من تداعيات وانعكاسات سلبية على الداخل اللبناني.
هذا التوجه الأميركي باستهداف حزب الله يترافق مع مسار تتخذه القيادة العسكرية الأميركية لدعم القوى الأمنية والعسكرية اللبنانية وخصوصا الجيش اللبناني.
إقرأ أيضًا: الأمن قرار و إرادة
وهذا الدعم قطع خطوات متقدمة واتخذ شكلا تصاعديا. وبدا ذلك من خلال الزيارات المتوالية التي قام بها قائد القيادة العسكرية المركزية الأميركية جوزيف فوتيل إلى لبنان ولقاءاته المتكررة مع القيادات العسكرية اللبنانية. وما نقل عنه من أحاديث تفصح عن تقديره الكبير لعقيدة الجيش القتالية وإصرار الجيش على محاربة الجماعات الإرهابية سواء بالداخل اللبناني او تلك المتواجدة على الحدود وخاصة في السلسلة الشرقية لجبال لبنان ضمن الإمكانيات المتاحة والمتوافرة. وتأكيد فوتيل على أن الجيش اللبناني حقق نجاح واضح واستثنائي تنفيذا لهذه المهمة. مما يجعل منه أفضل الجيوش في المنطقة وأكثرها فعالية في هذا المجال.
ولم يقتصر الدعم الأميركي فقط على تقديم المساعدات العسكرية النوعية للجيش اللبناني. بل تم وضع لبنان تحت مظلة الحماية الأميركية بعد إبلاغ جميع القوى والدول الإقليمية في المنطقة بهذا الأمر ومن ضمنهم إسرائيل. وعلى هذا الأساس تأتي التطمينات الأميركية بعدم لجوء إسرائيل إلى شن حرب على لبنان. وذلك ضمن إطار نزع إمكانية أقدام حزب الله على خيار افتعال حرب مع إسرائيل بعدم تقديم ذريعة لها. علما بأن حزب الله يرى في مثل هذه الحرب فرصة لكسر دائرة الحصار التي يعيش داخلها ويعاني من تداعياتها.
إقرأ أيضًا: هل تستطيع أميركا إخراج إيران من سوريا
والإدارة الأميركية في تعاملها مع الواقع اللبناني حريصة على الفصل بين دعمها للجيش اللبناني وبين التعامل مع الأزمات السياسية اللبنانية او الموقف من مشاركة حزب الله في المؤسسات الشرعية اللبنانية كمجلس النواب ومجلس الوزراء وما يفرضه هذا الواقع من ضرورة مراعاة الخصوصية اللبنانية. والاحراج الذي يتعرض له البلد في ما يخص التأثير المتوقع من العقوبات التي تنوي فرضها على حزب الله.
وفي سياق الدعم الأميركي للجيش اللبناني يبرز توجه أميركي يعلن بوضوح أن المؤسستين اللتين تتمتعان بالشرعية هما الجيش ومصرف لبنان.
أما في ما خص اللعبة السياسية الداخلية اللبنانية فإن الإهتمام الأميركي بها يأتي بقدر علاقتها بموضوع الحرب على الإرهاب.
فالأستراتيجية الأميركية تجاه لبنان تعمل على خطين. الأول دعم الجيش اللبناني. والثاني فرض عقوبات متشددة على كل مصادر تمويل حزب الله وعلى كل الدوائر المالية المرتبطة به.
وقد أدت هذه السياسة الأميركية إلى حالة حصار خانقة على حزب الله في ظل الأزمة المالية الكبيرة التي يعاني منها أصلا. الأمر الذي يؤدي إلى تراجع تأثير الحزب على عقيدة الجيش القتالية مع الامدادات العسكرية واللوجستية الأميركية المتواصلة إلى المؤسسة العسكرية والأمنية اللبنانية.