بسم الله الرحمان الرحيم
تعليقاً على ما قاله الشيخ ياسر عودة حول رسول الله الأعظم (ص) والذي أثار زوبعة كبيرة داخل المجتمع الشيعي اللبناني، أقول التالي :
إن ما صدر عن الشيخ ياسر عودة حول معرفة رسول الله (ص) لمصيره الأخروي هو أمر مرفوض شكلاً ومضموناً، فإن من كان دالاً إلهياً للعباد إلى الجنة لا يمكن أن يُتصور بحقه أن يكون مُضِلاً لنفسه بحيث يمكن أن يرتكب أي فعلٍ يجعله من أهل النار . فشرط دخول الجنة هي التقوى، ومن كان تقياً فإنه يستطيع أن يضمن لنفسه الجنة بضمانة الله له ذلك كشرط ومشروط، فكيف إذا كانت التقوى في أعلى مراتبها وهي مرتبة العصمة التي يملك رسول الله (ص) أعلى مراتبها على الإطلاق .
ومن كانت طاعته واجبة على الناس بأمر من مالك الجنة سبحانه، فإنه لا يمكن أن يصدر منه أي فعل يضل به غيره أو نفسه عن طريق الجنة، وإلا انتفى الغرض الإلهي من الأمر بالطاعة المطلقة له (ص) ، وهو الذي وصفه الله تعالى بأنه داعياً إلى الله وسراجاً منيرا . فإذا تحقق الشرط تحقق المشروط، والشرط هو الطاعة المطلقة لله تعالى والمشروط هو دخول الجنة، ورسول الله (ص) يعلم أنه قد حقق لنفسه أعلى مراتب الشرط، فبالتالي هو يعلم أنه من أهل الجنة، بل له أعلى مراتبها وهي "سدرة المنتهى" .
وقد اعترف الشيخ عودة بأنه قد صدرت منه هفوة في هذا الأمر، معتبراً أن ما قُصِد لم يُفهم وما فُهِم لم يُقصَد .
على كل حال، فإن عدم إصراره على ما فهمه المؤمنون أمر جيد بحد ذاته رغم أن هناك مواقف أخرى له هي موضع رفض على الأقل من حيث الأسلوب الذي ليس فيه وقار لمقام الأئمة وأمهم الزهراء (ع) ، وهذا خطأ في الأسلوب وليس في القصد .
لكن ما لفت انتباهي هو إصرار البعض على إطلاق أفحش وأقبح الألفاظ بحقه رغم توضيحه وتراجعه عما قاله، وكأن هناك من يريد أمراً يديره مشبوهون من صفحات وهمية مشبوهة لا يهم أصحابها ومن يقف خلفهم إلا توهين رجال الدين ورمزية العمامة التي شئنا أم أبينا فإن ما يجري يؤدي إلى توهينها لا توهين شخص من يلبسها !!
إن الحريص على مقام النبي (ص) والأئمة (ع) لا يقوم بفعل ما يؤدي ولو من أحد جوانبه إلى ضرب رمزية كبرى ترمز إليهم (ع)، وهذا ما يجب أن يحذره المؤمنون عند قيامهم "بواجب" الدفاع عن شعائر الإسلام العظيم . فالغاية الشريفة لا يمكن لعاقل أن يسلك إليها طريقاً غير شريف .
لست على معرفة بالشيخ ياسر عودة، ولا أوافقه في الكثير مما يطرحه عن مبادئ الإسلام ومفاهيمه ورجالاته، ولكنني أرفض قطعاً أي فعل أو سلوك يؤدي إلى نقض الغرض من الدفاع عن الإسلام وأهله ويُظهر المؤمنين على أنهم غوغاء لا يملكون الرد العلمي على أي شبهة تُطرح، وأن جل ما يقومون به هو السباب والشتائم واللعن، وهي ممارسات تكشف سطحية فاعليها وعجزهم عن القتال الفكري والفوز بجولاته !!
لا أشك أن حرص المحبين والموالين لرسول الله (ص) هو الذي دفع بالعالِم وغير العالِم إلى التصدي لما طرحه الشيخ ياسر عودة، ولكنني لا أشك أيضاً ومن خلال متابعتي لما جرى ويجري أن هناك من يستغل هذه القضية لبث الفرقة والسُّموم بين صفوف شيعة أهل البيت (ع) من خلال المبالغة في الردود البذيئة وجَرِّ المؤمنين الطيبين إلى التَّفوُّه بكلام يترك أثراً سلبياً عظيماً داخل مجتمعنا الذي يعاني أساساً الكثير من التفكك والتشرذم والإختلاف !!
لله أقول ما أقول، وأتمنى على المؤمنين أن يكونوا على قدر المسؤولية في زمن الفتن هذا، وأن يمتازوا بردودهم عن ردود المُغرضين الذين لا يبالون أصلا بالدين وأهله، وأن يعلموا أن نصرة رسول الله (ص) لا تكون بأفعال وممارسات إنما بُعِث رسول الله (ص) لمحاربتها، حتى تحمّل رسول الله (ص) وأهل بيته (ع) الشيء الكثير في مواجهتها . فالله الله في دينكم ومجتمعكم .