طبيعة الهجوم العنيف على الشيخ ياسر عودة و أستاذه السيّد محمد حسين فضل الله تفرض مواجهة مماثلة لتبيان حجم الإختلاف القائم بين من هو متحرر من الأسطورة وبين من هو متعبد لها
وحده دون غيره من المتكلمين في الدين يتعرض الشيخ ياسر عودة تلميذ المرجع السيّد محمد حسين فضل الله "قده" لحملة عنيفة من قبل سدنة الهيكل كونه يتجرأ على ملامسة مقدس من صنع التجّار ويحاول أن يكون مع العقل لا مع النقل الذي يبيع العقل أو يستأجره لصالح بائع النص الذي يملك حصرية الفقه في الحياة والممات .
لم تكن الحملة على الشيخ عودة جديدة فهي قديمة ومزاولة يومية لأصحاب مهن الدين من الذين يرفضون أيّ مس بما هو مُستسلمٌ له ومنقاد له من قبل أمّة لا تقرأ وهي بالتأكيد إستهداف مباشر لأفكار السيّد فضل الله التي أثارت زوبعة جدلية في وسط المتدينين وتحد مباشر أيضاً للعاكفين على فهم النص الديني والتجربة الدينية بطريقة مختلفة و بأدوات معرفية جديدة لتحسين شروط التأويل الذي أكل من النص الأساس وجعله واهناً وخاضعاً لترتيبات وسلوكيات بعيدة كل البعد عن روح النص .
قد نختلف مع الشيخ عودة في ما يقول ولكن إختلافنا مبني على تعاون وتعاطي جدي و إيجابي مع الخصم ولا يدفعنا ذلك إلى تكفيره نتيجة لتفكيره الذي أتاح له مشاهدة مختلفة عن ما يشاهده الآخرون من طغاة وفسدة العبادة الدينية التي إحتكرت التدبر في القرآن لصالح سخافة وافدة من أشخاص أساؤوا للنص الديني بعد أن أسروه بضاعة غير مزجاة .
طبعاً حملة التكفير هذه والإساءة المباشرة لشخص الشيخ ولملهمه سماحة المرجع فضل الله لا تقف عند حدود الناطق بمنطق مختلف عن أكثرية التسليم بقضاء ما يراه مناسباً فقيه الطائفة أو الجماعة بل إنها تشمل جميع الباحثين عن دور وحضور في الوسطين الفقهي والفكري كمنتجين لا كمستهلكين باعتبار أن الدين مادة تفكر وليس مادة تحجر .
إقرأ أيضا : غلاة الشيعة يتطاولون على الشيخ ياسر عودة
من هنا تبرز دائماً جماعات تحرص على مصالحها عندما تًهدد من قبل كاشفي ما يروجه جهلة العلوم الدينية وتعمل ليل نهار على وضع البلاد والعباد في دوامة من الإستنزاف الصعب لقدرات غير مجانية وهذا ما يحصل فعلاً مع الشيخ عودة الذي إعترض على وضع اليد على الدين وجعله أسير رغبات تجار يتاجرون به لملء سلالهم بالذهب والفضة .
طبيعة الهجوم العنيف على الشيخ عودة و أستاذه السيّد تفرض مواجهة مماثلة لتبيان حجم الإختلاف القائم بين من هو متحرر من الأسطورة وبين من هو متعبد لها في مرحلة حبلى بالمشاكل وهي تحتاج إلى إعادة النظر في سُلُم المفاهيم كيّ ندرك أهمية ما نحن فيه وما نحن عليه من نقصان تام في مجالات الفهم الذي وضع أميين في قيادة سفينة رسول الله .
وهنا تبرز مسؤولية النخبة في الدفاع عن دور العقل وتبدو ضرورة وجودها في ساحة التحدي أكثر من ملحة كيّ لا تؤكل واحداً تلو واحد من قبل ذئاب مفترسة لا ترحم في النهش ولا في القضم .
لقد فتح الشيخ ياسر عودة باباً للنقاش وهناك الكثيرون ممن يريدون تسكيره مخافة منهم على أرزاقهم و أقواتهم وبغية الإطاحة بعقلية مُجددة في الوسط الديني وقد أسهم السيّد فضل الله في طرح إشكالاتها المتعددة الوجوه والحقول لخلق بيئة جديدة للفهم الديني معتمدة على منازعته لا على عبادته حتى تكون علاقتنا بالمفاهيم قائمة على النقد لا على التسليم وبذلك تكون عبادتنا عبادة أحرار لا عبيد .