قبيل الانتخابات الرئاسية، اقترح الرئيس نبيه بري أن لا يتم انتخاب الرئيس بدون التفاهم على سلّة كاملة متكاملة، لأجل توفير إنطلاقة إندفاعية للعهد بعيدة من كل التجاذبات. رُفض إقتراح بري. واعتبر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، أن انتخابات الرئيس بكف، وكل الأمور الباقية بكف أخرى، فلننتخب الرئيس وبعدها يدعى إلى طاولة حوار في بعبدا لنقاش كل الملفات الباقية ومنها قانون الانتخاب. في المفاوضات بشأن قانون نتخابات جديد، طرح باسيل السلّة الكاملة، والتي تتضمن قانوناً انتخابياً، لامركزية إدارية، مجلس شيوخ، وإقرار المناصفة بين المسلمين والمسيحيين بنص دستوري واضح ونهائي. رفض بري هذا الأمر، قائلاً فلنقر القانون، ولنترك الباقي لما بعده، لأن موعد تعبئة السلل قد ولّى، وبقيت السلّة فارغة.
في الاجتماع ما قبل الأخير للجنة الخماسية للإتفاق على القانون الجديد، توجه باسيل إلى الوزير علي حسن خليل بالقول إن إعلان الإتفاق على قانون الانتخاب يجب أن يحصل في بعبدا. رفض خليل ذلك، معتبراً أنه يجب الحفاظ على المؤسسات وصلاحياتها. وأبدى خليل الاستعداد للمشاركة في لقاء في بعبدا لمباركة هذا الإتفاق ولكن بعد إقراره في الحكومة وفي مجلس النواب. وهذا ما كان، ففي يوم إقرار القانون من قبل الحكومة، أبلغ عون بعض الأقطاب بأنه يريد الدعوة إلى جلسة للمسؤولين السياسيين، لاستكمال مرحلة ما بعد إقرار القانون، ولإعلان الإنطلاق الرسمي للعهد.
وعلى هذا الأساس، وجه رئيس الجمهورية دعوات إلى عشرة أقطاب، هم رؤساء الأحزاب الممثلة في الحكومة، لأجل المشاركة في جلسة تشاورية في قصر بعبدا يوم الخميس المقبل، بهدف البحث في تفعيل العمل الحكومي والبرلماني. والذين سيحضرون اللقاء هم: الرئيس نبيه بري، الرئيس سعد الحريري، الدكتور سمير جعجع، النائب وليد جنبلاط، رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الأمين العام لحزب الطاشناق هاكوب باقرادونيان، رئيس الحزب الديمقراطي الوزير طلال ارسلان، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي سينهي القطيعة مع عون، وممثل عن الحزب السوري القومي الاجتماعي، فيما الاستثناء الوحيد سيكون لدى حزب الله، إذ لن يحضر الأمين العام السيد حسن نصرالله لدواع أمنية، إنما سيحضر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، أو ربما نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم.
ولن تكون الجلسة، كجلسة افتتاحية لطاولة الحوار، خصوصاً أن الدعوات وجهّت إلى الأحزاب الممثلة في الحكومة، وليس إلى رؤساء الكتل النيابية، وهي مخصصة وفق مصادر متابعة لأجل البحث في إطلاق ورشة عمل حكومية، وأخرى برلمانية، لإقرار كل التشريعات التي تهم المواطنين وتعنيهم، من الكهرباء إلى سلسلة الرتب والرواتب، كما أنها ستضع أساساً عملياً للنقاش السياسي في البلاد للمرحلة المقبلة، خصوصاً في ضوء المطالبات التي طرحها باسيل في خلال المشاورات بشأن قانون الانتخاب.
بعد لقاء باسيل مع السيد نصر الله، أعلن باسيل أن الإتفاق الذي حصل بينهما تخطى قانون الانتخاب، وألمح إلى أن هذا الإتفاق سياسي. ومنذ ذلك الوقت، دخل حزب الله على خطّ عقد هذا اللقاء الجامع في بعبدا، لتحصين الاستقرار وتفعيل التواصل وإزالة الالتباسات بين الأفرقاء. وقد دخل بشكل مباشر على خط بعبدا بنشعي لأجل تخفيف التوتر وإنهاء القطيعة بينهما. ما أدى إلى موافقة فرنجية على المشاركة في اللقاء. وسيبحث اللقاء جملة أمور، أبرزها تطبيق ما لم يطبق من إتفاق الطائف، ومنها اللامركزية الإدارية، إنشاء مجلس للشيوخ، إلغاء الطائفية السياسية، وإقرار بعض الملفات الحياتية وأبرزها سلسلة الرتب والرواتب والموازنة.
ولكن، هناك من يبدي خشية كالرئيس بري، من أن يستغل باسيل هذا اللقاء الجامع، لأجل طرح إدخال تعديلات على قانون الانتخاب الجديد، إذ يقول بري، إن باسيل بدأ بتوجيه ملاحظات إلى هذا القانون واعتباره غير منصف أو عادل، أو تعتريه بعض الشوائب، وألمح إلى إمكانية تعديله. وهنا، يقول بري إنه سيشارك في اللقاء لأجل البلد، ولأجل إطلاق عجلة المؤسسات وطي صفحة الخلافات بين الأفرقاء، لأن البلد لا يُدار إلا بالحوار. أما إذا ما طرح باسيل أي أمر يتعلق بتعديل قانون الانتخاب، فهو سيرفض ذلك، لأن القانون أقر وأصبح وراءنا. وهذه الجلسات غير مخصصة للبحث به.