المصريون، في الغالب، عفويون أمام الكاميرا، ارتياحٌ لا تكلُّف، وقفةٌ حقيقية لا وقفة "بريستيج" على طريقة بعض التمثيل اللبناني، هيفا وهبي في التمثيل واثقة، أداؤها متناسق، بدأ "الحرباية" ("النهار" المصرية) يفقد صوابه درامياً: ركود، انتظار طويل أمام تطوّرات مؤجّلة، وفقدان المفاجأة، فلحق بشخصية عسلية (وهبي) شيءٌ من العطل والضرر، الصامد في المشهد دور الراقصة دينا بشخصية فتون، المرأة المتقلّبة بالمزاج والأنانية، شخصية ترفع دينا عالياً، إلى حيث يجعل التمثيل التلقائي من الاسم رقماً صعباً، إذا كان لا بدّ من حديث عن أرقام صعبة في رمضان 2017، فستكون دينا في المقدّمة: كائنٌ يتحوّل "شبحاً" أمام الكاميرا، يخترقها من دون اضطراب، ويتصرّف إزاءها بملوكية.
فتون شخصية انتهازية، تُرضي الذات قبل إرضاء الغير، وإن كانت شقيقتها طيّبة القلب عسلية. أداء متفوّق لدينا، من الصوت ومَخرج الحروف، إلى إمساك السيجارة والإغواء العفوي، تختزل في الشخصية البساطة والشعبوية وإفلات التحكّم بالظرف. فيها تُلمح مصر ببعضٍ منها، ربما بعبثها وغضبها وتحايلها على الواقع. وربما بالبحث الدائم عن مهرب وإعلاء الحلّ في وجه العقدة.
تُطوّع دينا الجسد في تفسير الدور والإصغاء إلى متطلّباته، فتكون الثمالة حين تثمل والخوف حين تخاف والمراوغة حين تراوغ بحثاً عن ذريعة، هذا فَضْل الرقص وليونة الراقص، تمثّل من الرأس حتى القدمين، بكلّ نَفَس وبحّة، في "الحرباية" هي نجمة، وفي رمضان اسمٌ يحتل صفوفاً أمامية.
لدينا دورٌ آخر في "غرابيب سود" ("أم بي سي"). مساحته أقل ووضعيته مغايرة، هي مديحة الحزينة المُلتحقة بتنظيم #داعش، بعدما واجهت غضب ابنها ذات ليلة في ملهى السهر، تتشابه الشخصية النسائية في المسلسل شكلاً وبُعداً، لبناء إشكالية المرأة المقصود منها عرض واقع "جهاد النكاح"، تتّجه الأدوار لتصبّ تقريباً في هدف واحد: تحريك المخيلة حيال الأجساد الأنثوية، فتصل الرسالة من تناول هذه المسألة الحميمية في أولويات المقاتلين، الأدوار تتفاوت، دينا، أينما حلّت، ممثلة درجة أولى.